اخر مرة رأيت فيها الراحل سمير الاسكندراني كانت في منزل الصديق المشترك الدكتور حسن راتب والذي من عادته ان يجمع الاصدقاء من الفنانين والمثقفين ورجال الدين الى مأدبة وندوة ثقافية شهرية في محاولة لاعلاء مكانة العلم والثقافة واحياء الصالونات الثقافية التي ميزت المجتمع المصري خصوصا في النصف الاول من القرن العشرين وافرزت عقول وابداعات القريحة الوطنية وقوتها الناعمة وغالبا مايكون الامسية على شرف احد الرموز الوطنية التي قدمت لمصر حياتها وابداعها هكذا اراد الدكتور حسن راتب من اللقاء الشهري ان يكون امسية مصرية في حب الوطن خالصة للحب والانتماء والهوية الوطنية ،منذ ماقبل كورونا كانت اخر امسية التقيت فيها الراحل سمير الاسكندراني الذي اخذني بالاحضان ثم امسك الميكرفون وقال كلاما في حقي جعلني ارتعش وارتعد خجلا ثم فاجأني امام الجمع الغفير انه يقبل رأسي وقال ان مايدور في راسي هو اخلاص صرف للناس والمجتمع وقال انه عندما اتكلم في برنامجي هو يامر من في الغرفة ان يسكتوا ليستمع لما اقول ثم اخذ يغني اغنيته الشهيرة اللي عاش حبك يعلم كل جيل من بعد جيل ، ياللي علمتينا دايما نلغي كلمة مستحيل )
وانتهت الامسية بدعوة كريمة منه ان ازوره في شقته بوسط البلد واخذ رقم هاتفي واثناء رجوعي لمنزلي فوجئت به يرن على وكنت محتفظا برقمه وقال لي باتاكد انك ماغيرتش تليفونك ووعدته ان ازوره في منزله خلال ايام وعندما قررت ذلك فوجئت انه دخل المستشفى. ثم دخلنا في دوامة كورونا وصدمني خبر رحيله منذ يومين
قصة حياته والجاسوسية
سمير الاسكندراني ابن الناس الكريم المتصوف الخواجة الاوربي العقل والمتصوف المتدين في سلوكه القريب حدا من اولياء الله الصالحين الفنان المبدع الدرويش المتواضع المغرور بفنه وتعدد مواهبه ،هو كل ذلك معا ،كوكتيل غريب من البشر نادرا ان تلتقي به واعتبر نفسي محظوظا انني عرفته وجلست على الارض معه في منزله بوسط القاهرة وكان يحكي لي قصص نشاته ووالده الثري الذي تمرد عليه لحبه للفن وهاجر الى اوربا ليلف العالم وليتعلم اللغات وبالفعل كان يجيد اربع او خمس لغات عندما استقر به المطاف في اليونان فوجى بشاب اسمه سليم يتقرب منه باعتبار انه يهودي مصري وكان ذلك بعد العدوان الثلاثي في 56 وشعر سمير انه عميل صهيوني فقام بمجاراته واقنعه انه يكره عبد الناصر. وهنا اقترح عليه ضابط الموساد كما اتضح فيما بعد ان يعود الى مصر ويعمل جاسوسا لتل ابيب ويصور ثكنات الجيش ويرسل المعلومات وسلمة كل ادوات الارسال السرية وحكى لي الراحل تفاصيل كثيرة عن تحركاته ومغامراته بما فيها الفتيات اليهوديات اللاتي اسقطهن في فخه وفيما بعد كان لسمير الاسكندراني دور مهم في كشف عدد من شبكات التجسس الصهيونيه. داخل مصر ،وفي احدى الجلسات كنت عنده بعد الظهر وتركني فجر اليوم التالي وكان يسجل عنده ورفض ان يعطيني التسجيلات الا في المرة القادمة وماكنت ا تحرق شوقا لمعرفته كيف افلت من الموساد وتواصل مع المخابرات المصرية فقال لي انه ارسل شقيقة برسالة فيها كل شئ وعندما قابله ضابط المخابرات المصري بطريقة لم يتوقعها اشترط عليها ان يقابل الرئيس عبد الناصر ويقول له كل شئ وخصوصا انه عرف ان إسرائيل رتبت لاغتياله في احدى رحلاته الخارجية والتي اعلن عنها حينها وبالفعل التقى بعبد الناصر في مخبأ سري واحتضنه وشكره ثم تم تكريم سمير بعد ذلك ولكن بعد نصر اكتوبر من انور السادات ،كان حلم سمير ان يتم تجسيد قصته في عمل فني وقد كتب جزء منه وارد ان استكمله او اعيد صياغته ولكن شاءت الاقدار ان يرحل دون تحقق حلمه وربما يتحقق يوما ما. وقد اسعدني جدا نعي جهاز المخابرات النثري الذي لاينسى ابناء مصر الذين قدموا يوما ارواحهم فداء للوطن وخدمته وعاشوا مغامرات الموت حتى يذودوا عنه بالغالي والنفيس ،الله يرحمك ياصاحبي