منى باروما تكتب: الكورونا والأولاد والميراث الملعون

منى باروما تكتب: الكورونا والأولاد والميراث الملعون
منى باروما تكتب: الكورونا والأولاد والميراث الملعون

 

منذ أن ظهر فيروس كورونا في العالم وانتشر معه الخوف والجبن والطمع والحقد والجحود حتي العقوق ..أصبح الكل يخاف بمنطق أناني الا وهو انا والطوفان كنت أظن أن ثوره ٢٥ يناير أظهرت أسوأ مافينا ولكن اتضح انها ملاك بجوار جائحه كورونا التي أظهرت الأسوأ  في كل شيئ وكنت لا اتوقع ان النفس البشريه تصل الي هذا الحد .

منذ أيام قرأت بوست علي صفحات الفيسبوك لرجل مسن ..وصعقت من هول ما قرأت بل أصبح قلبي يدق بسرعه غريبه قد يكون يخرج من صدري وانهمرت دموعي علي الأيام وتعب السنيين والعيله واللمه  والدفء واحترام الكبير وهناك خط أحمر هو الا الام والاب ..اسفت علي قطع الأرحام وانانييه البشر ..حزنت وتمنيت ان لااعيش حتي اري هذه الأيام ومابها ..ولكي لااطيل عليكم إليكم ماقله هذا الرجل الذي لا اعرفه ولكن يبدو أنه أصبح وسيصبح شبه كثير مننا.

فقال ..انا رجل عصامي بدأت من لا شيئ حين أتيت من قري الارياف الي القاهره حيث ندهتني النداهه ان القاهره افضل ولم تكذب فعلا تعبت وشقيت وعملت في محل بقاله وربنا فتحها عليا واصبحت صاحب المحل وبنيت بيت يتكون من عدد من الطوابق لابأس به الارضي محلات مؤجره واحتفظت بمحل كبير لي اعمل به بنشاط البقاله وأصبح سوبر ماركت كبير وتزوجت واعيش في نفس المبني الدور الثاني كله وبمساحته وباقي الشقق مؤجره يأتي منها إيراد لابأس به وطبعا أنجبت ثلاث أولاد ذكور واتعلموا  احسن تعليم واتجوزوا  واتجنبوا  في نفس المبني كل واحد منهم له دور كامل .

باختصار الحال ميسور  والحمد لله وقد جئت الي القاهره وحيد أصبح لي عائله كبيره ..الي أن ابتلانا الله بفيروس كورونا وأصبح يحصد الأرواح يوميا وانا وزوجتي أصبحنا نعد من المسنيين ونعيش انا وهي بمفردنا بمعني الوحده رغم وجود اولادنا معنا في نفس المبني لكن نعتبر غرباء والجميع يغلق بابه عليه خوفا علي أسرته..الجميع يفعل هذا الا انا فلااستطيع الجلوس في البيت رغم التحذيرات وزوجتي حاولت مرارا وتكرارا ان تمنعني مت الخروج خوفا علينا انا وهي وتقول احنا كبرنا والمناعه ضعيفه .

اقول لها سيبيها علي الله مااقدرش اسيب المكان والعاملين به اموت لو قعدت من غير شغل .فضاقت من عدم استجابتي لها وهددتني انها هتخبر الأولاد بكده .ولهم التصرف معك ..وأعدت وليمه عظيمه بها ماالذ وطاب وماتشتهي الانفس.

دون مساعده أحد وعدم وجود الخادمه منذ بدايه الكورونا  واتصلت بالأولاد علشان الجميع يأتي إليها ونتناول الغذاء سوياوتشكو لهم منيي وماعليهم الا انهم يجلبون اولادهم وزوجاتهم وياتون بواسطه الاسانسير فقط .ورفض الجميع هذا رغم دموع الأم والتوسلات دون جدوي خوفا علي اولادهم .ونظرت الي زوجتي  ومر شريط ذكريات حياتنا كم تعبنا فيها وتأثرت بدموعها  واصبحت تشكو لي منهم  وقلت لها لاتبالي يارفيقه العمر

وطلبت منها ان تتصل بهم وتخبرهم  ان والدهم  قد اصيب بالكورونا. كي نلقنهم الدرس الاخير ..وان الحجر الصحي اتي واخذوه الي هناك ..الحقيقه انها رفضت في بادئ الأمر لكن بعد أن فهمت المقصود من ذلك فعلا نفذت واتصلت  وكان الأمر عادي بالنسبه لهم وهم لايكلفون نفسهم بالنزول في الاسانسير للاطمئنان علي الأم لمده أسبوع الا عن طريق التليفون مره في اليوم ليلا  ..وهنا شعرت بالوجع في قلبي من جحود الأولاد وعدم اهتمامهم بي او امهم فماذا لو رحلت عن الحياه فعلا ماذا يفعلون بوالدتهم في مثل هذه السن .

وهي لا تكف عن البكاء وتنعي حظها بخيبه أملها في تربيتها وسهر الليالي ياااه علي الوجع ..وفجأة طلبت منها ان تأتي بالتليفون وتنفذ هذه الفكره التي جاءت في رأسي سريعا ولكنها رفضت وقاومت خوفا علي الاولاد من تلقي الخبر الصدمه لكني اصريت ..وطلبت الأولاد وقالت لهم  البقاء لله .في والدكم تم ابلاغي من الحجر الصحي انه توفي وتولي الحجر عمليه الدفن .

وأغلقت التليفون نصف ساعه وكانوا الثلاثه وزوجاتهم  وأولادهم لديها ..وانا دخلت حجرتي ووقفت خلف الباب كي اسمع ما يقولون..واليكم المفاجأه  ..الدنيا و الدوام لله ربنا يرحمه ويغفر له ..المهم دلوقتي غدا نجري إجراءات الميراث  ونستخرج اعلان الوراثه..وهنا أسقط قلبي في يدي من الحسره وخيبه الامل  وجحود  وعقوق الأبناء..والام ارتبكت  ولكنها تحاول ان تقاوم رغبتهم  المجنونه  وخوفا عليا ممااسمع وتقول لهم ناجل هذا الكلام الي مابعد الأربعين لكن دون جدوي وتطاولوا علي الأم واصروا علي مايمليه عليهم شيطانهم  وأصبح البيت في هرج ومرج ولم يحترموا الام والبيت والذكريات التي شهدت جدران هذا المكان عليهم دراستهم وضحكاتهم ومرضهم  والعابهم  كل الشئ لاشئ فخرجت عليهم ولحظات من الصمت والدهشة وكأنهم شاهدوا شبحا فافقتهم جميعا وكشفت لهم المستور والمقلب كي القنهم الدرس الاخير..واصبحت اكيل لهم من الشتائم  والسباب التي لم أقولها لهم ابدا  فعلتها الان وقلبي ينزف دما وطردتهم جميعا  ..غير اسف علي ذلك واليوم التالي عرضت كل مااملك للبيع وتم حتي السوبر ماركت والسيارات كل شئ وتبرعت بجزء لدور المسنيين واخذت زوجتي ورفيقه عمري وذهبت لمسقط  راسي في القريه التي اتيت منها واشتريت بيت صغير وعشت به مع زوجتي حتي يحدث الله أمرا..واحسرتاه علي العمر والأبناء والميراث الملعون.