إن الصراع الدائر بين الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر وقوات السراج المدعومة من تركيا والمليشيات الإرهابية مرشح للتفاقم وذلك من أجل محاولة فرض واقع جديد، إذ أن الوضع في ليبيا ينذر بخطر استنساخ السيناريو السوري عندما هوت البلاد إلى حرب بلا نهاية تقودها قوى خارجية ، ومليشيات إرهابية، غاب الأمن والأمان، غابت التنمية والرخاء، وتحكمت لغة الحرب والدماء، وتصدرت المشهد الليبي العام، وضاعت ليبيا، وضاعت أحلام وتتطلعات ابنائها الطامحين
من بؤرة الصراع الأخيرة مدينة سرت والجفرة يمكن أن تندلع الحرب ،حرب فرض الوجود ونار الإنتقام وحسم المعركة.
من المؤكد أن كل من قاعدة الجفرة الجوية ومدينة سرت يعتبران خط الدفاع الأول عن الحقول النفطية وليبيا الصامدة وفي الوقت ذاته تمثل الهدف الأساسي للسراج، و لأردوغان ومليشياته الإرهابية ، إذ صرح مولود تشاويش أوغلو وزير الخارجية التركي، خلال مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، إن حكومة الوفاق بزعامة فايز السراج ستوافق على وقف إطلاق النار بشرط انسحاب الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر من مدينتي سرت والجفرة، وهدد وزير خارجية تركيا بأن حكومة الوفاق، التي تدعمها تركيا، لديها إصرار على استئناف الهجوم ضد الجيش الليبي إذا لم ينسحب من سرت والجفرة.
وتأتي أهمية مدينة سرت الساحلية، مسقط رأس الرئيس الراحل معمّر القذافي ولاحقاً معقل تنظيم داعش قبل تحريرها، من موقعها الإستراتيجي الذي يربط بين الشرق والغرب في البلاد
لا يزال الجيش الوطني الليبي يسيطر على المدينة، إلا أن مليشيات الوفاق تحاول الوصول اليها بدعم من تركيا، بعد استعادتها السيطرة على غرب ليبيا مطلع يونيو الحالي.
حلقات المخطط الإستعماري التآمري الخبيث الذي يجري تنفيذه حاليا في ليبيا تتواصل، والأخطار التي يفرزها هذا المناخ العدائي الساخن تتصاعد بوتيرة متسارعة لتنذر بصدام دموي وعسكري وشيك اذا حاول الأتراك وحشودهم الإرهابية المأجورة الاقتراب من الخط الاحمر الذي أعلنته مصر أمام المجتمع الدولي أجمع،
كما أن الجيش الوطني الليبي يرصد كل تحركات المرتزقة والإرهابيين. ولديه من الإمكانات ما تجعله قادرًا على القضاء على أرتال العدو قبل وصولها إلى الخط الأحمر، لاسيما أن سلاح الجو قصف خلال الأيام الماضية عددًا كبيرًا من آليات المرتزقة عندما حاولت الاقتراب من سرت والجفرة.
كما قام الجيش الوطني الليبي بنشر منظومات دفاع جوي متطورة ورصد الأهداف وملاحقتها والتشويش على تحركات الميليشيات في منطقتي سرت والجفرة،
وتبدو الخطوات التركية الخبيثة على الخط الليبي تحمل العديد من المشاكل والكوارث والأحداث الدامية للشعب الليبي ، وتحولت ليبيا على أثرها لساحة الصراع في المنطقة فبعد إرسال أردغان أسلحة ومعدات ثقيلة ومرتزقة سوريين إلى مدينة طرابلس، لاح من جديد وجة تركيا القبيح ممثلا في وزير الدفاع خلوصي آكار ورئيس الأركان التركي في زيارة لمدينة طرابلس، حيث مقر حكومة السراج، في مهمة ذات طابع عسكري وأمني، إذ أن تركيا قدمت على مخاطرة قد تؤدي إلى تعميق تورطها في الصراع في ليبيا، خاصة بعد توقيع الإتفاقية الجديدة في طرابلس، الأمر الذي سيمثل مرحلة جديدة من تدويل القتال والعنف هناك.
الجدير بالذكر وفقا لمجريات الأحداث الدامية سيكون في ليبيا قريبًا فصلاً جديدًا والذي يكون من شأنه تدويل النزاع وأخذه إلى مستوى جديد وأشد وأعمق . في ضوء “عملية بركان الغضب”، الحملة المستمرة التي تقودها حكومة الوفاق الوطني الليبية ، إذ تشكل مدينة سرت غرفة عمليات رئيسية لقوات المشير حفتر، وتقع مابين مدينتي طرابلس وبنغازي وتفتح الطريق تجاه منطقة الهلال النفطي شرقي ليبيا والتي تحتوي على 80 % تقريباً من الثروة النفطية الليبية، كما تضم قاعدتي الجويتين القرضابية والجفرة الإستراتيجيتين ،
هذه الميليشيات الإرهابية في مرحلة ما فإنها قد تحاول القيام بعمليات إرهابية خاطفة داخل العمق المصري ولكن الجيش المصرى المرابط على الحدود يعى ذلك تماماً، ويعى قيمة ومعنى وأهمية الأمن القومي المصري.
وترى أوساط عالمية متابعة للملف الليبي أن ما تقوم به تركيا هو «السعي لإعادة الخلافة العثمانية المتهالكة » إلى مياه المتوسط الغربي، وأنها تشكل «تهديداً إستراتيجياً » للمصالح الفرنسية والأوروبية في الجوار الأوروبي المباشر . والتخوف أن يستخدم هذا الحضور التركي كـ « منصة » للتوسع من جهة، وللإمساك بورقة الهجرات غير الشرعية من الشواطئ الليبية باتجاه أوروبا التي لا تبعد شواطئها الأقرب إلا 200 كلم عن ليبيا.
تركيا الآن تمثل إزعاجًا للعديد من دول العالم، وزاد الإزعاج بإحكام أردوغان قبضته على الجيش والسلطة مؤخرًا. فالعديد من الدول تسعى لمحاولة تقزيم تركيا وإعادتها إلى الحظيرة الدولية مرةً أخرى.. وهذا ما تسعى اليه دول العالم.