"عم سعد".. حكاية أشهر "مصوراتي" بدأ مشواره من "خرابة" بورسعيد (صور)

"عم سعد".. حكاية أشهر "مصوراتي" بدأ مشواره من "خرابة" بورسعيد (صور)
"عم سعد".. حكاية أشهر "مصوراتي" بدأ مشواره من "خرابة" بورسعيد (صور)
"عم سعد المصوراتي".. أحد أشهر الشخصيات البورسعيدية التي ميزت شارع محمد على - أشهر شوارع المحافظة، والذى ولد عام 1926، وتوارث مهنة التصوير من والده عباس - أول من تعامل مع كاميرا ببورسعيد ومن أوائل المصريين في مهنة التصوير، وعمل بها ما يقرب من 70 عام.

كان لعم عباس، قصة بطولية مثله مثل الآلاف من أهالى بورسعيد، الذين ضحوا بأموالهم ودمائهم فداءً للوطن، فلقد عمل فترة وجيزة بشركة شل للبترول، وكان رئيس الشركة الانجليزي دائما ما يهين العمال الأمر الذي لم يتحمله ذات يوم، فأوسع رئيسه ركلا وضربا مبرحا ووصل به الغضب أن يدفن رئيسه حيا أمام العمال المصريين البسطاء، وقضت المحكمة المختلطة وقتها بطرده من العمل دون الحصول على مستحقاته أو مكافآته، فلجأ للتصوير كمورد للرزق والعمل.

لم يكن التصوير وقتها مهنة المصريين فمعظم أو كل المصورين من الأرمن يأتون بورسعيد موسميا خلال فترة محددة من العام بمجرد انتهائها يقصدون بلدان أخرى كلبنان وسوريا والعراق، ويتركون أدوات التصوير الخاصة بهم في إحدى الخرائب المجاورة لبيت عم عباس والتي تسمي (خرابة هدية)، وكأن الدنيا منحت هديتها لعم عباس في آلات تصوير الأرمن، فتعلم التصوير وجال بالكاميرات كمصور محترف في شوارع بورسعيد.

وحينما عاد الأرمن من رحلتهم الطويلة في موسم لبورسعيد وجدوا عم عباس لا يقل عنهم إتقان لفنون وأصول مهنة التصوير، فمنحوه آلات التصوير الخاصة بهم دون أي مقابل وغادروا من بورسعيد إلى بعض الدول الأخرى، ولم يكن الأمر سهلا نظرا للمضايقات التى تعرض لها من المصورين الأرمن، وجاء رد "عم عباس" بتعليم الكثير من المصريين مهنة التصوير حتي صاروا أغلبية داخل أهل المهنة.

تمكن عم عباس من تطوير آلة التصوير بإضافة زراع إضافي لها يمكنه من إلتقاط أكثر من صورة من الفيلم الواحد لأن آلات التصوير قبله كانت لا تلتقط غير صوره واحده يصعب حتي التعديل فيها، وعلم "عباس" أولاده الخمسة التصوير الفوتوغرافي "سعد، شمس، موسي، عبد المنعم، ووهبه" الذين توفاهم الله جميعا ولم يتبقي منهم لسنوات قليله ماضية سوي عم سعد.

عَملَ "سعد"، بالتصوير وهو في الرابعة عشر من عمره، ليبدأ طريقه في التصوير، وبمجرد ما تجلس مع عم سعد في شيخوخته تتصور أو تحكي معه، تشعر بأصالة الزمن، فكان يروى كونه أحد أبناء بورسعيد أبً عن جد، فجده الريس (علي) نزح من صعيد مصر ليعمل بإحدي شركات الفحم ببورسعيد، حينما كان كل السفن التي تمر من قناة السويس لا تعمل إلا بغيره.

احتفظ "عم سعد"، بمكانه علي رصيف شارع "محمد على"، إلا أنه تنقل لأكثر من مكان خاصة الأماكن التي كان يوجد بها أجانب من الفرنسيين والإيطاليين واليونانيين ومالطيين وغيرهم من الجنسيات الأخرى وقت أن كانت بورسعيد تعج بهم قبل عام ١٩٥٦، فعرف الأجانب مكانه أمام باب ٨ بالميناء، هو الباب الذي كان يعبر من خلاله الأجانب بإختلاف جنسياتهم سواء للتنقل بين بورسعيد وبورفؤاد أو لممارسة مهامهم في الشركة العالمية لقناة السويس قبل التأميم.

جال عم سعد بكاميرته في شوارع الافرنج وقت أن كانت بورسعيد ٣ احياء فقط الأفرنج للأجانب والصفوة والأغنياء من البورسعيدية والعرب والمناخ للمصريين والبسطاء، والتقط العديد من الصور لوجوه المجتمع والمشاهير والساسة والفنانين، ولكن لم يتبقي أي منها لأنه دائما ما كان يعرض تلك الصور على صندوق الكاميرا الخشبية وراء زجاج كنوع من أنواع الدعاية والإعلان والتي تنتهي بها الحال أما بالتلف لطول المدة والتعرض للشمس أو لسرقتها من المارة وعابري الطريق أمامه.

أشهر من قام بتصويره عم سعد هو الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والفنان محمد عبد الوهاب، واشترى معدته البدائية من محل باروخ اليهودي الذي كان يسيطر على مستلزمات التصوير والأفلام والأحماض حتى النصف الأول من القرن العشرين ببورسعيد، واشتراها بـ٤ جنيهات ولم يقم بدفعها مرة واحدة لتساهل باروك اليهودي معه في سداد حقها.

تعامل عم سعد، مع أنواع مختلفة من الكاميرات ولكنه اعتز بكاميرته القديمة ولم يتنازل عنها حتى أنه صحبها معه أثناء فترة التهجير من (٦٧ إلى ٧٦) إلى طنطا عقب النكسة ليعمل نفس العمل هناك ويقف أمام البنك الأهلي وبنك مصر وقت أن كانت طنطا أحد المراكز التجاريه الهامة بمصر.

لم يكن عم سعد مصورا فقط بل مارس لزمن طويل فن تصميم الستائر أو الخلفيات والتي كان يرسمها يدويا قبل أن يقتني المصورين الخلفيات المرسومه جاهزه، ولم يتطور مع مهنته أو يطور منها فظل مع كاميرته القديمة صديقا لها وصديقة له رغم التطور الكبير في مجال التصوير طوال السنوات ولكن كان هناك من يشتاق لصورة هذا الرجل وكاميرته المتواضعة عن باقي الكاميرات الحديثه كنوع من التغيير وأنه شئ مختلف عن الزمن الحديث فالصورة تحمض أمامك بأبسط وسائل التحميض جردل به ماء وتراها تتحول لشخص يشبهك.

 

 

هذا الخبر منقول من الفجر