شهدت الولايات المتحدة الأمريكية الأسبوع الجارى العديد من حوادث إطلاق النار وسقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، وبدوافع مختلفة منها السياسى والعرقى والاقتصادى والاجتماعى، وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تتصدر دول العالم فى الحوادث الفردية والعنف حسبما نقلت المنظمات البحثية والمراكز الإحصائية.
وتلعب عوامل كثيرة أدوارا هامة فى مفاقمة وتصاعد تلك الحوادث منها انتشار السلاح، وتزايد حوادث الكراهية خصوصا بعد قدوم الرئيس دونالد ترمب إلى السلطة، وخاصة بعد تصريحاته العنصرية التى أدت إلى تفاقم الوضع.
حيث لقى العشرات مصرعهم وأصيب آخرين فى آخر سلسلة لهجمات إطلاق النار الجماعى، فى الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بعد هجومين لا يفصل بينهما أكثر من 13 ساعة.
كما قُتل ثلاثة أشخاص على الأقل وأصيب 37 آخرون فى حوادث إطلاق نار يوم الأحد الماضى فى مدينة شيكاغو، وقتل 4 أشخاص وجرح اثنين آخرين أمس الأربعاء، فى سلسلة من عمليات السطو المسلح والطعن على يد مسلح، فى أمريكا.
حمل واقتناء السلاح حق دستورى فى أمريكا
ولخصت "سى إن إن" أسباب حوادث إطلاق النار الجماعى فى عدة نقاط
إحدى أهم القضايا البارزة فى الحياة السياسية الأمريكية هى قضية حيازة الأسلحة وحملها، والتى وردت فى وثيقة الدستور الأمريكى التى كُتبت عام 1787 والذى نَص ثانى بنوده مباشرة على أن: المليشيا جيدة التنظيم أمر هام للحفاظ على دولة حرة، حق الشعب فى حيازة الأسلحة وحملها لن يتم المساس به.
هكذا صار حقًا دستوريًا لكل مواطن أمريكى أن يقتنى أو يحمل مسدسًا أو بندقية، ثم اتفقت القوانين المدنية بعدها لترك أمور تنظيم هذا الحق الدستورى لكل ولاية على حدة، ومن ثم فإن حمل السلاح حق قانونى ودستورى لكل مواطن طالما يتبع عملية شراء السلاح وتسجيله بشكل قانونى وبحسب قانون كل ولاية.
انتشار الشرطة الأمريكية عقب حادث اطلاق نار
السلاح فى بؤرة الصراعات الانتخابية
تلك القضية كانت أحد أعمدة الصراع بين الديمقراطيين والجمهوريين أكبر حزبين سياسيين متنافسين داخل الولايات المتحدة منذ الستينيات وحتى اليوم، فبينما يصارع الديمقراطيون للحد من حمل الأسلحة وامتلاكها؛ يُصر الجمهوريون على التمسك بالتسلُح الشخصى كجزء من ثانى حق دستورى للمواطن الأمريكى، وبينما يحاول الحزب الديمقراطى بكل ما أوتى من قوة أن يربط معدل الجرائم والحوادث العنيفة بقوانين حمل الأسلحة ما زال أحد أكبر وأقدم اللوبيات المؤيدة لحق تملك الأسلحة وحيازتها "الاتحاد الوطنى للبنادق" NRA ما زال يعمل وبقوة ضد أى تعديلات دستورية للحد من امتلاك الأسلحة.
مطلق النار فى حادث تكساس
كل 100 شخص فى أمريكا هناك 89 يحملون السلاح
ظهرت العديد من الإحصائيات الخاصة بحمل الأسلحة النارية وحيازتها فى أمريكا فى السنوات العشر الأخيرة، دلت أغلبها على أن الولايات المتحدة بها أكبر عدد من حاملى الأسلحة المدنيين فى العالم، وآخر تحديث هو ذلك الذى نشرته سى إن إن الأمريكية وظهر فيه الولايات المتحدة على رأس الدول فى التسلح المدنى بمعدل 48% من مالكى الأسلحة المدنيين فى العالم والذى يقدر بحوالى 650 مليون شخص. وأبرزت الإحصائية أنه من بين كل 100 شخص فى أمريكا هناك 89 يحملون السلاح، وبذلك تحتل المرتبة الأولى لعدد حاملى الأسلحة.
من مكان إطلاق النار في دايتون
290 حالة إطلاق نار فى المدارس منذ عام 2013
طبقًا لموقع every town research الأمريكى المخصص لإحصائيات حوادث إطلاق النار فى المدارس فإن هناك 290 حالة إطلاق نار فى المدارس منذ عام 2013 وحتى اليوم، الموقع الذى لم يحصِ حوادث أخرى أكثر مأساوية قبل العام 2013 مثل حادث إطلاق النار فى أحد المعاهد التكنولوجية بولاية فيرجينيا والذى فتح فيه أحد الطلاب النار عشوائيًا وقتل 32 من الطلاب وأصاب 17 آخرين، بخلاف حوادث مأساوية أخرى لم تحدث داخل المدارس والتى كان آخرها مقتل 58 شخصًا فى حفل ترفيهى فى مدينة لاس فيجاس بولاية نيفادا الأمريكية.
حالة من الهلع لحظة اطلاق النار
وصلة ردح بين ترامب وأوباما
فيما أثارت حوادث إطلاق النار التى وقعت قبل عدة أيام فى الولايات المتحدة الأمريكية، جدلا كبيرا على وسائل التواصل الاجتماعى التى أدانت مناخ العنصرية السائد فى البلاد.
هذا الجدل لم يقتصر فقط على وسائل التواصل الاجتماعى، بل وصل إلى حد "الخناقة بين الرؤساء"، فبعد يوم من توجيه الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، انتقادات حادة لـ"دونالد ترامب"، فى أعقاب حادثى إطلاق النار الدمويين فى تكساس وأهايو، وجه ترامب انتقادا حادا لسلفه، وذكّره بعدد حوادث إطلاق النار التى وقعت خلال فترة رئاسته.
وكان أوباما قد قال فى بيان له، إنه ينبغى على الأمريكيين أن يعبروا للقادة الذين يغذون مناخ الخوف والعنصرية والكراهية عن رفضهم الواضح لتلك الحوادث، مشيرا إلى ضرورة تأكيد ذلك من جانب الأغلبية الساحقة من الأمريكيين من مختلف الأعراق والأحزاب والانتماءات، فى مواجهة توجهات تشويه المهاجرين أو النيل من إنسانيتهم.
وصول الشرطة لحظة إطلاق النار فى أوهايو
فيما رد ترامب على تويتر قائلا: "هل انتقد جورج دبليو بوش أبدا الرئيس أوباما بعد ساندى هوك (حادث إطلاق النار الدموى الذى وقع عام 2012)، لقد شهدت رئاسة باراك أوباما 32 حادث إطلاق نار جماعى، ولم يقل كثير من الناس أن أوباما خارج السيطرة، فحوادث إطلاق النار الجماعية تحدث قبل حتى أن يفكر الرئيس فى الترشح للرئاسة".
وأضاف ترامب: "أنه موسم سياسى والانتخابات تقترب، إنهم يريدون مواصلة دفع السرد العنصرى وأنا الشخص الأقل عنصرية. فمعدلات البطالة بين السود واللاتينيين والآسيويين هى الأقل فى تاريخ لولايات المتحدة".
واعتبر دونالد ترامب، أن من أسباب انتشار العنف فى أمريكا هو ألعاب الفيديو المحرضة عليه، و يجب هزيمة الكراهية التى لن يكون لها مكان فى الولايات المتحدة الأمريكية، مطالبا بأحكام إعدامات سريعة ضد منفذى حوادث إطلاق النار.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع