قضت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار الدكتور حسنى درويش نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشار ناصر عبد القادر ونجم الدين عبد العظيم والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وعبد العزيز السيد نواب رئيس مجلس الدولة بالغاء حكم القضاء الإدارى بكفر الشيخ الصادر لصالح 10 أفراد انتهت عقود مستأجريها خمس سنوات على مساحة 220 فدان من مسطحات الاستزراع السمكى فى بلطيم بمحافظة كفر الشيخ كانت مستأجرة ب 11 جنيه للفدان , والقضاء مجدداً بعودة المسطحات المائية للدولة لتقوم باستئجارها بأسلوب الممارسة المحدودة فى طرح المزارع السمكية والمفرخات السمكية وفقا للقانون وليس التعاقدات المباشرة مع فئة كبار الصيادين دون غيرهم.
وأمرت المحكمة هيئة الثروة السمكية باخلاء تعدى الأفراد العشرة وتابعيهم على تلك المساحة من الثروة السمكية ومراجعة جميع عقود مستأجرى المزارع السمكية ووضع الازالة موضع التنفيذ الفعلى .
أكدت المحكمة فى حكمها على مجموعة من المبادئ الحاكمة لنظام الثروة السمكية وتنتشلها من النهب والاهدار وتنتصر للدولة وتعيد لها 220 فدان بكفر الشيخ استزراع سمكى ب 11 جنيه شهريا للفدان مستولى عليها من 10 أفراد، كما أكدت على أن قادة العالم يتجهون إلى تحسين إدارة المصايد ومصر فى مقدمة الدول التى انتهجت أسلوب الاستزراع السمكى , وأشارت أن وزير الزراعة ترك حق الدولة وطلب اخراجه من الدعوى بحجة ليس صاحب صفة , والمحكمة ترد أنت صاحب الصفة وهيئة الثروة السمكية تتبعك وتحت إشرافك , أمرت المحكمة هيئة الثروة السمكية بإخلاء المزارع المنتهى عقود مستأجريها حفاظا على المال العام وتحصيل ما عليهم من مديونات فور صدور الحكم , وقيامها بوضع حدا أقصى لما يجوز استئجاره للصيادين لتكافؤ الفرص بين كبارهم وصغارهم فى ضوء ما ثبت من استئجار مئات الافدنة مسطحات مائية لفئة قليلية منهم باسلوب التعاقد الشخصى دون تطبيق حكم القانون وأن تتبع أسلوب الممارسة المحدودة فى طرح المزارع السمكية والمفرخات السمكية لصالح الدولة . وأن النزاع بين وزارة الزراعة وهيئة الثروة السمكية ومحافظ كفر الشيخ على المسطحات المائية أضاع حقوق الدولة مما يتعين التنسيق فيما بينها .
قالت المحكمة فى أن الهيئة العامة للثروة السمكية لاستئجار قطعتى أرض كائنتين بجهة بر البحرى – برج البرعى – بلطيم – مركز البرلس محافظة كفر الشيخ لعشرة أفراد القطعة الأولى بمساحة 21 س 21 ط 78 ف , والقطعة الثانية بمساحة 10 س 3 ط 141 ف لاستغلالهما فى الاستزراع السمكى خمس سنوات وثار نزاعا نشأ بين وزارة الزراعة وهيئة الثروة السمكية من جانب , ومحافظ كفر الشيخ من جانب أخر على المسطحات المائية أضاع حقوق الدولة فترات من الزمن، وأن المشرع أنشأ مرفقاً عاماً هو الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية ، وعهد إليها العمل على تنمية الثروة السمكية وتنظيم استغلال مناطق الصيد والمراعى والمزارع السمكية بالمسطحات المائية ، وإقامة مشروعات التوسع الأفقى والرأسى فى هذا المجال ضمن إطار خطة الدولة .
كما تختص وحدها بالإشراف على استغلال المسطحات المائية وتحصيل مقابل هذا الاستغلال ، ثم بصدور قرار رئيس الجمهورية رقم 465 لسنة 1983 أضحى لها وحدها سلطة الإشراف على الأراضى المحيطة بالبحيرات حتى مسافة مائتى متر من شواطئها ، وصارت لها سلطة استغلال جميع المسطحات المائية الداخلة فى البحيرات وكذلك الأراضى المحيطة بها حتى مسافة مائتى متر من شواطئها ، سواء كان استغلالها لها بنفسها أو بالترخيص للغير باستغلالها .
وذكرت المحكمة أنه عن دفع وزير الزراعة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة له تأسيسا أن على الهيئة العامة للثروة السمكية لها الشخصية الاعتبارية ويمثلها رئيس مجلس إدارتها أمام القضاء , وأن العقد محل التداعى لا ينصرف أثره إلا للمتعاقدين , فإن المادة الاولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 190 لسنة 1983 بإنشاء الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية و المستبدلة بالقرار رقم 395 لسنة 1995 تنص على إنه :" تنشأ هيئة عامة بإسم الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية تكون لها الشخصية الاعتبارية , ويكون مقرها مدينة القاهرة و تتبع وزير الزراعة ". فمن ثم يكون اختصام وزير الزراعة واجبا ليصدر الحكم فى مواجهته حتى تقوم الهيئة التى تتبعه بالتنفيذ تحت اشرافه ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 11 من ذات القرار على إنه : " يتولى رئيس مجلس الإدارة إدارة الهيئة وتنفيذ قرارات مجلس الإدارة واقتراح لوائحها ونظمها الداخلية ، وهو الذى يمثلها امام القضاء وفى صلاتها بالغير ..." إذ أن المشرع نص على تبعية تلك الهيئة لوزارة الزراعة ومن ثم كان اختصام وزير الزراعة فى النزاع الماثل فى محله , ومطابقا لصحيح حكم القانون , ويكون ما حشده من مذكرات حول عدم صفته فى النزاع لا يتفق وحكم القانون , ومن ثم يتعين القضاء برفض الدفع المشار إليه.
وأضافت المحكمة كما أوكل المشرع للهيئة المذكورة اختصاصاً هاماً ومكملاً لاختصاصها بتنظيم استغلال المزارع السمكية ، حيث وسد المشرع للهيئة القيام بكافة الأعمال والمشروعات المتعلقة بوسائل وأساليب تربية الثروة السمكية ، ومنها العمل على صيانة تلك المزارع وتنميتها وتطهير فتحاتها ومنافذ المسطحات المائية الوارد ذكرها بالمادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 465 لسنة 1983 والسالف ذكرها ، وكذا إزالة التعديات والمخالفات الواقعة عليها أو على شواطئها بالطريق الإدارى , كما تتولى الهيئة المذكورة تطبيق أحكام قوانين الصيد والقرارات المنفذة لها بالنسبة لتلك المسطحات وذلك حتى يتسنى لها القيام بالمهام الموكولة إليها على نحو يتفق والغاية من إنشائها , ومن ثم فإن جميع الأعمال والتصرفات الصادرة من الهيئة فى هذا الشأن ينبغى أن تستهدف غاية واحدة وهى تنمية الثروة السمكية ، فإن استهدفت غاية أخرى خلاف ذلك أصبحت مخالفة لأحكام القرار الصادر بإنشاء الهيئة , وذلك عملا بقاعدة تخصيص الأهداف التى تخضع لها الهيئات العامة .
وأشارت المحكمة أن الحفاظ على الثروة السمكية أصبح حقاً للمجتمع والمواطن ، والتزاماً على عاتق الدولة بمقتضى نص المادتين رقمى 35 و40 من الدستور المعدل الصادر فى 18 يناير 2014 ، فى سابقة هى الأولى من نوعها على مستوى دساتير مصر السابقة ، وما من ريب فى أن الدافع الذى حدا بالمشرع الدستورى إلى إفراد نص فى الدستور يقرر حماية الثروة السمكية ، إنما هو نابع من أهمية تلك الثروة باعتبارها مصدراً مهماً من مصادر الغذاء ، فضلاً عن قيمته الاقتصادية إذا ما تم تصديره للخارج، ومثلما أولى المشرع الدستورى رعايته للثروة السمكية ، فلم يَغِبْ عن ذهن المشرع العادى تقرير الحماية الواجبة والرعاية اللازمة لها ، وهى الحماية التى يتصل بها اتصالاً وثيقاً تنظيم استغلال مناطق الصيد والمرابى والمزارع السمكية بالمسطحات المائية ، وإصدار التراخيص اللازمة للصيد فيها , والعمل على صيانتها وتنميتها وتطهير فتحاتها ومنافذها , وإزالة التعديات الواقعة عليها أو على شواطئها بالطريق الإدارى .
وأوضحت المحكمة إنه قد بات مسلما فى العصر الحديث أن المسطحات المائية أضحت من أهم مصادر الطبيعة المتجددة لحصول الإنسان على الغذاء خاصّةً الأسماك، إذ تتجدّد بشكل مستمر من خلال التكاثر , وتعتمد الدول الساحلية والتى وهبتها الطبيعة العديد من البحيرات فى اقتصادها على الثروة السمكية، نظراً لتنوّعها وزخر البحيرات بها , والتى تعرف بالثروات الحيّة، ونظرا لأن أحدث الإحصاءات الاقتصادية الصادرة فى سبتمبر 2018 تشير إلى أن قادة العالم يتجهون إلى تحسين إدارة المصايد فالإنتاج العالمى من الثروة السمكية قُدّر بنحو 75 مليون طن سنوياً. , فإنّ بعض الدول ومنها مصر لجأت إلى انتهاج أسلوب الاستزراع السمكى لغايات تنمية الثروة السمكية فى المياه العذبة، وتُعتبر هذه الخطوة بمثابة مرحلة كمّية تقوم بها الحكومات للتخطيط لإنتاج أكبر كمّية من الأسماك , كمصدر مهم للغذاء وللدخل القومي.
واستطردت المحكمة إن المشروع القومى للاستزراع السمكى للبحيرات المصرية يعد من أهم المشروعات الطموحة التى تعتنى بها الدولة , الذى سيضع بحيرات مصر على الخريطة الاستثمارية ويقضى على الهجرة غير الشرعية ويؤدى إلى زيادة الثروة السمكية , عما اَل إليه حالها نتيجة التعديات على جسد هذه البحيرات، وهو ما يؤدى بلا ريب إلى توفير احتياجات السوق المحلى وتصدير الفائض لتوفير العملة الصعبة، خاصة وأن باكورة اهتمام منظمة الأغذية والزراعة الدولية فى مجال مصايد الأسماك يكمن فى إدراك أهمية الأسماك والمنتجات العديدة المرتبطة بها فى الأمن الغذائى والتغذية والنمو الاقتصادى من خلال إنتاج الأسماك وتجارتهاوالتخفيف من وطأة الفقر وخلق فرص العمل فى المناطق الريفية , خاصة وأن أهم ما تضطلع به من تجارب لدول العالم هو حسن تنفيذ مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد , ونهج النظام الإيكولوجى فى مصايد الأسماك ووضع الدراسات حول الاستزراع السمكى موضع الصدارة , واتخاذ كافة التدابير لمنع الصيد غير القانونى دون إبلاغ ودون تنظيم وردعه والقضاء عليه.
وذكرت المحكمة أن أموال الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية هى أموال عامة ، فقد أسبغ المشرع عليها الحماية المقررة لمثيلاتها من أموال الدولة العامة ، وأبرز صور هذه الحماية إزالة التعدى الواقع على أى من الأموال الخاضعة لإشراف الهيئة بالطريق الإدارى .
كما أن الانتفاع بالمسطحات التابعة والخاضعة لإشراف الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية هو من قبيل الانتفاع بجزء من المال العام ، وهو انتفاع مؤقت بطبيعته لا يرتب حقاً ثابتاً للمنتفع ، بل يخول له مركزاً قانونياً مؤقتاً يدور وجوداً وعدماً مع أوضاعٍ وشروط يترتب على تغييرها أو انقضائها جواز تعديله أو إلغائه لدواعى المصلحة العامة .
وأضافت المحكمة أن الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية الطاعنة قد أبرمت عقد تأجير منطقة مزرعة سمكية مع المطعون ضده الأول وشركاه تقع بجهة البر البحرى بلطيم مركز البرلس بمحافظة كفر الشيخ على مساحة 21 س ,12 ط , 78 ف، وحسبما نص البند الرابع هذا الايجار مقابل 55300 جنيه (فقط خمسة وخمسون ألفا وثلاثمائة جنيه ) عن مدة سريان العقد للمساحة الموضحة بالعقد بسعر ايجار 140 جنيها فى السنة للفدان الواحد ( أى بواقع 11.6 جنيها شهريا للفدان الواحد)، ونص فى البند الثالث منه على سريان هذا التعاقد لمدة خمس سنوات, كما أبرمت الهيئة مع المطعون ضده الثانى وشركاهعقد تأجير منطقة مزرعة سمكية تقع بجهة البر البحرى بلطيم مركز البرلس بمحافظة كفر الشيخ على مساحة 10 س , 3 ط , 141 ف وتضمن البند الرابع أن هذا الايجار مقابل 102950جنيه " فقط مائة واثنين ألفاً وتسعمائة وخمسون جنيها" للمساحة الموضحة بالعقد بسعر ايجار الفدان 145 جنيها فى السنة " مائة وخمسة وأربعون جنيها " أى بواقع 12 جنيها شهريا للفدان الواحد وبذات البنود السابق ذكرها ، وعند انتهاء مدة ايجار المزرعتين للمطعون ضدهم ظل المطعون ضدهم يستغلون المزرعتين بدون سبب من صحيح العقد مما أضطر معه رئيس الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية إلى إصدار قرار إزالة وضع اليد وإخلاء مزرعتين السمكيتين لهم 220 فدان دون ان يطبق على أرض الواقع .
وانتهت المحكمة أنها تسجل – بحكم ما وسده إليها الدستور والقانون - أنه لا يغيب عن فطنة الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية بالنظر إلى أن تاريخ تحرير العقدين من عام 2003 حتى عام 2008 كانت الإدارة تلجأ إلى أسلوب التعاقد المباشر مع الغير فى تأجير المزارع السمكية إلا أنه ومنذ صدور قرار وزير الزراعة رقم 811 لسنة 2008 بتاريخ 17/8/2008 أصبح من الواجب عليها اللجوء إلى أسلوب الممارسة المحدودة فى طرح المزارع السمكية والمفرخات السمكية وفقاً للضوابط المقررة قانوناً فى هذا الشأن .
كما تسجل المحكمة إلى أنه بالنظر لارتقاء المشرع الدستورى بالبحيرات والزامه للدولة بحمايتها وحظر التعدى عليها أو تلويثها أو استخدامها فيما يتنافى مع طبيعتها والحفاظ على الثروة السمكية وحماية المعرض منها للانقراض أو الخطر فإنها تستحث الهيئة الطاعنة أن تنهض فور صدور الحكم الماثل بضرورة إعمال أحكام قانون المناقصات والمزايدات على جميع القطع المستأجرة فى المزارع السمكية، وأن تسارع إلى إخلاء تلك المزارع المنتهى عقود مستأجريها حفاظا على المال العام، وتحصيل ما عليهم من مديونات، وعليها أن تضع حدا أ قصى لما يجوز استئجاره للصيادين فى ضوء ما ثبت من الطعن الماثل من قيامها باستئجار مساحات شاسعة لفئة قليلة دون باقى الصيادين وذلك تحقيقا لمبدأ تكافؤ الفرص بين كبار الصيادين وصغارهم وإعمالا لما نص عليه الدستور من حماية ودعم الصيادين وتمكينهم من مزاولة أعمالهم دون إلحاق الضرر بالنظم البيئية لها.
هذا الخبر منقول من اليوم السابع