لماذا كسرت إسرائيل سياسية "التزام الصمت" وكشفت تدميرها لمفاعل سوريا النووى عام 2007.. تل أبيب لم تعلن مسئوليتها منذ 11 عامًا خوفا من رد فعل الأسد.. ووضع سوريا الحالى ومذكرات "أولمرت" ونقل رسالة لإيران السبب

كتب – محمود محيى

لأول مرة تكسر دولة الاحتلال الإسرائيلى سياستها المتبعة منذ عشرات السنين بالتزامها للصمت فى كافة العمليات الإجرامية التى ترتكبها فى دول الجوار بالمنطقة، واعترفت بعد مرور حوالى 11 عام بتدمير مفاعل سوريا النووى الذى كان قيد الانشاء فى "دير الزور" شمالى شرقى دمشق فى غارة جوية نفذتها فى مساء السادس من سبتمبر عام 2007.

 

كانت العملية التى وصفتها وسائل إعلام تل أبيب بالمعقدة، ضمن عملية بقيت طى الكتمان حتى اليوم وأطلق عليها اسم "خارج العلبة"، حيث أعلنت الجيش الإسرائيلى أمس الأربعاء، أن تدمير هذا المفاعل أزال تهديدا نوويا على إسرائيل والمنطقة جمعاء، على حد قوله.

مقاتلة إسرائيل شاركت في قصف المفاعل النووي في دير الزور
مقاتلة إسرائيل شاركت في قصف المفاعل النووي في دير الزور

 

الهدف من رفع السرية

وتداولت جميع الصحف ووسائل العبرية بالتحليل الهدف من قرار الرقابة العسكرية الإسرائيلية، السماح بنشر حقيقة تفجير المُفاعِل النووى السورى، بعد أن منعت نشر تفاصيله فى إسرائيل طيلة أكثر من عقد.

 

وأوضح تقارير إعلامية إسرائيلية، إنه منذ 10 سنوات، عمل صحفيون إسرائيليّون، كان جزء منهم مشهورا جدا، جاهدين للكشف عن تفاصيل متعلقة بالهجمات التى شنها سلاح الجو الإسرائيلى على المُفاعِل النووى السورى فى دير الزور بتاريخ 6 سبتمبر 2007. فى حين نشرت وسائل إعلام عالمية غير ملزمة بالعمل بموجب القوانين والتقييدات الإسرائيلية تفاصيل كثيرة منذ سنوات حول الهجوم التاريخي، رفضت طلبات وسائل الإعلام الإسرائيلية نشر تفاصيل هذه الهجمة خشية من "الإضرار بأمن إسرائيل".

جانب من صحيفة يديعوت أحرونوت
جانب من صحيفة يديعوت أحرونوت عن عملية دير الزور

 

وقالت التقارير الإسرائيلية، إن الرقابة العسكرية سمحت أيضا بنشر اقتباسات من الصحف الأجنبية التى تحدثت عن الهجوم، حيث إن الرأى العام فى إسرائيل عرف الأحداث، وكل تفاصيلها تقريبا، ولكن كان الهدف الأسمى عدم التسبب بأن يبدى بشار الأسد رده، لهذا كان الافتراض أنه إذا نُشرت أخبار فى وسائل الإعلام الإسرائيلية، وبدأت "احتفالات" فى وسائل الإعلام (كما يحدث فى الساعات الأخيرة) فلن يستطيع الرئيس بشار تمالك نفسه.

 

وتساءلت وسائل الإعلام الإسرائيلية، "ماذا تغيّر؟"، فلم تعد سوريا اليوم كما كانت فى الماضى، بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع نشر كتاب مذكرات إيهود أولمرت، الذى كان رئيس الحكومة الإسرائيلى أثناء تفجير المُفاعِل النووى، وقد أراد التطرق إلى الموضوع بطبيعة الحال.

 

وقال الإعلام العبرى إنه بشكل طبيعي، أرادت كل جهة شاركت فى الحملة، سواء كان الموساد، سلاح الجو الإسرائيلي، أو الاستخبارات العسكرية، التفاخر بالإنجازات وإبلاغ الجمهور بها، وأن هناك شعورا سائدا أنه قد مر وقت كاف، لهذا يمكن التحدث عن الموضوع.

 

وأوضح الإعلام الإسرائيلى، أن هناك نقطة هامة أخرى وهى أنه عند نشر الحقائق تُنقل رسالة إلى جهات أخرى فى المنطقة تعمل على تطوير أسلحة نووية مثل إيران.

لحظة قصف المفاعل
لحظة قصف المفاعل

 

تفاصيل العملية

وكانت قد أتاحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية نشر وثائق سرية توثق عملية تدمير المنشأة النووى فى دير الزور عام 2007 من مرحلة جمع المعلومات الاستخباراتية وحتى تنفيذ الضربة.

 

ونشر جيش الاحتلال الإسرائيلى، تفاصيل عملية تدمير المشروع النووى السورى عام 2007 من خلال ضرب المنشأة النووية التى أقيمت بالقرب من دير الزور.

 

وأظهر الجيش الإسرائيلى المحتل للإراضى العربية فى فلسطين والجولان السورية حتى الآن، بالصور والفيديو عملية التدمير للمنشأة كاشفا عن تفاصيل جمع المعلومات الاستخباراتية بدءا من عام 2005 إلى عام 2007.

 

وروى قائد أركان الجيش الإسرائيلي، جادى أيزنكوت، الذى كان قائد الجبهة لاشمالية حين ذاك، عن تلقيه الاتصال من جهة استخباراتية واطلاعه على المواد السرية التى تشير إلى المشروع النووى السورى، وانطلاق التجهيز فى إسرائيل للرد السريع، ووصف العملية بأنها الأهم منذ حرب أكتوبر 1973، المعروفة فى إسرائيل بحرب "يوم الغفران".

تدمير مفاعل سوريا النووى
تدمير مفاعل سوريا النووى

 

وقال أيزنكوت: "الرّسالة من وراء الإغارة على المفاعل النووى عام 2007 كانت أنّ إسرائيل لن تسمح ببناء قدرات من شأنها أن تشكّل تهديدًا وجوديًّا على إسرائيل، هذه الرّسالة الّتى كانت عام 1981، وهى نفسها عام 2007، وهى الرّسالة المستقبليّة لأعدائنا".

 

فيما وصف قائد سلاح الجو الإسرائيلى، الجنرال عميكام نوركين، العلمية التى نفذت فى 6 سبتمبر 2007 بأنها كانت "عمليّة مركّبة بالنسبة للطيران. تطلّبت هذه العملية قوّة قلب، وإبداع من قبل الطواقم خلال الطيران الّذى لم يتعوّدوا عليه مسبقًا، بواسطة طيارات تمّ إحضارها قبل الضربة بسنوات قليلة، وكل هذه الأمور مجتمعةً: التعاون فى الجيش، التكنولوجيا المتطورة الّتى استقبلها سلاح الجو فى ذلك الوقت، مهارات المحاربين والقرارات التى تم اتخاذها داخل جيش الدفاع، أوصلونا لوضع فيه نتمكن من الضّرب وقت الحيرة"، على حد قوله.

 

وحسب البيان الذى عممه جيش الاحتلال على الإعلام العبرى فإن هيئة الاستخبارات التابعة للجيش الإسرائيلى قد جمعت خلال عامين معلومات عن المفاعل النووى السورى الّذى تمّ بناؤه، فقد بدأ ذلك من خلال الشّكوك الّتى دارت والمعلومات الحسّاسة الّتى بدأت تُجمع، وانتهى بتحديد مبانٍ مشبوهة وتدمير المفاعل بشكل نهائىى.

 

وبعد مداولات فى "الكابينيت" السياسى – المجلس الوزارى الإسرائيلى المصغر للشئون الأمنية والسياسية - الذى رأسه آنذاك رئيس الحكومة السابق، إيهود أولمرت، منح المستوى السياسى الضوء الأخضر للجيش لتنفيذ العملية التى تدرب عليها لأشهر طويلة. ففى الليلة بين الخامس والسادس من شهر سبتمبر شنت 8 مقاتلات إسرائيلية هجمات جوية تخللت نحو 30 صاروخا ودمرت المفاعل بشكل تام.

 

وأشار محللون إسرائيليون إلى أن إسرائيل امتنعت عن الاعتراف بأنها وراء تدمير المفاعل النووى لعدم إحراج بشار الأسد وتقليل فرص نشوب مواجهة حربية مع الأسد.

 

وتداولت الصحف الإسرائيلية كذلك الدور الذى لعبه الموساد فى جمع الأدلة لوجود مشروع نووى قيد التطوير فى سوريا.


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع