نصرة لفلسطين.. دار الإفتاء تطلق صفحة لدعم القضية.. وتؤكد قضية كلِّ عربى ومسلم و لا تسقط بالتقادم.. وتنشر أبرز الفتاوى لنصرة فلسطين.. هل يجوز إخراج زكاة المال لإغاثة أهلنا فى فلسطين بالغذاء والدواء؟

انطلاقًا من موقف مصر الريادي وإبرازًا لإيمانها بالقضايا العادلة وحرصًا على تعزيز الوعي بتاريخنا وحضارتنا، أعلنت دار الإفتاء المصرية عن إطلاق صفحة إلكترونية متخصصة بالقضية الفلسطينية بناءً على توجيهات الدكتور شوقي علام -مفتي جمهورية مصر العربية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- لدعم القضية الفلسطينية بكل الإمكانات المتاحة خاصة في إطار الاستفادة من التطور التقني والتفوق الإعلامي لـ"بوابة دار الإفتاء المصرية".

 

واجبنا تجاه فلسطين

 

لا ريب أنَّ القضية الفلسطينية هي قضيةُ العرب والمسلمين، والامتحانُ الحقيقي للمجتمع الدولي وأصحاب الضمائر الحيَّة، وأن وقف العدوان على أهل فلسطين والمحافظةُ على أرواح المدنيين ضرورة إنسانية وواجِبٌ ديني وشرعي، وأن التخاذل عن ذلك يُنذر بكارثة حقيقة غير مسبوقة، وهذا يُعدُّ من الثوابت التي لا خلاف عليها بين العقلاء فضلا عن أهل الشرائع السماوية، وهو ما يتفق مع القانون الدولي الإنساني.

 

ولهذا وفي ضوء مجرياتِ الأحداث الأخيرة؛ فإنَّ ثمة أمورًا ينبغي التأكيد على أهميَّتها تجاه هذه القضية، ومن أهمها:

1. الاعتقادُ الراسخ في أحقيَّة الشعب الفلسطيني المُناضِل في تقرير مصيره وإقامةِ دولته المستقلَّة على أساس مبدأ السّيادة الشعبية، وذلك دون تعنُّت مِن المُحتل الغاصِب لأبناء هذا الشعب نتيجة مطالبتهم بحقهم المشروعة. 

 

2. الإدانة الصَّريحة لجرائم الكيان الصهيوني تجاه الفلسطينيين ولاسيَّما التهجير القسري لدول الجوار واتباع سياسة التجويع والحصار. 

3. إغاثةُ الملهوفين وتقديم المعونات للفلسطينيين بشكل مُستدام؛ للتخفيف مِن وطأة المحنة الإنسانية التي يعانون منها، وهو الذي ترجمَته مصر واقعًا عمليًا في سلوك حضاري.

 

4. توجيهُ التحية والإشادة للشعب الفلسطيني وأهل غزة على صمودهم وثباتهم على أرضهم وفي وجه عدوِّهم وتمسُّكهم بحقوقهم في الدفاع عن أرضِهم ومقدساتِهم، ورفضِهم الاستجابة للتهجير أو التسليم.

5. الالتجاءُ إلى ربّ العباد لنصرة المستضعفين في فلسطين، والإيمان بالعدالة المطلقة في اليوم الآخر.

6. إيصالُ المساعدات الإنسانية والطبيَّة إلى قطاع غزة حفاظًا على أرواح الأبرياء، وتخفيفًا على الأطفال الذين يفتقدون أبسط مقومات الحياة.

7. اليقين بأنَّ القضية الفلسطينية هي قضية كلِّ عربي ومسلم في ربوع الأرض يحملون أمانتها أينما كانوا، وهي قضية لا تسقط بالتقادم لما للقدس من مكانة دينية وحضارية على مرَّ التاريخ.

8. الكشف عن تاريخ القضية الفلسطينية، والتعريف بحق الشعب الفلسطيني في الأرض، وبيان خطورة الكيل بمكيالين في التعامل الغربي مع قضايا الشرق الأوسط وغضُّ الطرف عن جرائم الحرب اليومية التي يقترفها العدو المحتلّ ضد الشعب الفلسطيني.

9. إبرازُ القيمة التاريخية والمعالم الدينية في بلاد فلسطين؛ إذ فيها بيت المقدس الذي يشتمل على مميّزات تاريخية ودينية وروحية كثيرة، وتوعية الأجيال المعاصرة بهذه المعالم

 

وتضمن الموقع أبرز الفتاوى التي وردت لدار الافتاء عن فلسطين وذلك على النحو الآتى: 

 

هل يجوز إخراج زكاة المال لإغاثة أهلنا في فلسطين بالغذاء والدواء؟

 

نعم، يجوز إخراج الزكاة لإغاثة أهلنا في فلسطين بالغذاء والدواء والكفالة التامة لما يحقق لهم الحياة الكريمة في شؤونهم كلها، خاصة التعليم والصحة والأمن.

 

مدى جواز اعتبار ما يقدم من تبرعات عينية ومادية لإرسالها إلى إخوانهم في فلسطين من مصارف الزكاة.

 

إذا أخرج المزكي زكاته أشياء عينية أو مادية فلا مانع من إرسالها إلى إخواننا الفلسطينيين واعتبارها مصرفا من مصارف الزكاة الواردة في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَٰرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۖ فَرِيضَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ﴾ التوبة: 60، أما إذا لم تحدد نية المتبرع فتعد صدقة ولا مانع من إرسالها إلى إخواننا الفلسطينيين.

 

ما الحكم الشرعي لانتفاضة المسجد الأقصى المباركة والتبرع لدعمها؟ وهل يمكن أن يعتبرها المسلم من زكاة ماله؟ وهل هذا التبرع يندرج تحت مفهوم الجهاد في سبيل الله؟

 

أولا: إن الجهاد في سبيل الله بمفهومه العام يشمل: جهاد النفس، وجهاد الشيطان، والقتال دفاعا عن النفس والدين والوطن والمال؛ لرد عدوان المعتدين على المسلمين ودفع أذى الباغين ونصرة الضعفاء والمظلومين، والمسلمون مأمورون بالجهاد في سبيل الله؛ لرد العدوان ومنع الظلم والأذى عن المسلمين في كل زمان وكل مكان بكل وسائل الجهاد سياسيا واقتصاديا وثقافيا وعسكريا بالنفس والمال أو بهما معا؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ يَرۡتَابُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّٰدِقُونَ﴾ الحجرات 15، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ أُوْلَٰٓئِكَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖ﴾ الأنفال 72، وقول الله تعالى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ﴾. وقد سئل النبي -صلى الله عليه وسلم-: أي الناس أفضل؟ قال: ((مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله)).

 

ثانيًا: إن الزكاة ركن من أركان الإسلام وهي عبادة مالية أوجبها الله تعالى على المسلم المالك للنصاب الذي تبلغ قيمته بالنسبة للنقود وعروض التجارة ما يعادل 85 جراما من الذهب الخالص الخالي من الدين الحال والذي مر عليه الحول والفائض عن حوائجه الأصلية وحوائج من تلزمه نفقتهم لقوله تعالى: ﴿خُذۡ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾ وقوله تعالى: ﴿وَفِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّٞ لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ﴾ وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا)). وتصرف الزكاة في مصارفها الشرعية الثمانية الواردة في قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَٰرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۖ فَرِيضَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ﴾.

 

ثالثا: إن المراد بقوله تعالى: ﴿وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ في الآية السابقة عند المحققين من الفقهاء هو جميع طرق الخير أعلاها الجهاد والغزو في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا، فقال الكاساني الحنفي: "إن المراد بقوله تعالى: ﴿وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ جميع القرب، فيدخل فيه كل سعي في طاعة الله وسبيل الخيرات متى كانت هناك حاجة". بدائع الصنائع للكاساني جـ2 صـ45. وفي واقعة السؤال وبناء على ما سبق فإن انتفاضة المسجد الأقصى المبارك تمثل أعلى درجات الجهاد في سبيل الله لرد عدوان المحتلين الصهاينة وللدفاع عن المقدسات الإسلامية، ويجب على كل مسلم أن يساعد إخوانه المجاهدين في سبيل الله في أرض فلسطين سياسيا واقتصاديا وعسكريا وثقافيا وبكل ما يملك من نفس ومال كل حسب طاقته وقدرته وحسب الحال والمقام، كما يجوز للمسلم أن يخرج زكاة ماله لهؤلاء المجاهدين وأن ذلك يكون جهادا منه في سبيل الله.

 

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع