"لو حد فينا تعب كانت تضمه فى حضنها وتخدمه برموش عينيها".. بهذه الكلمات عبر الأبناء عما تكنه لهم عمتهم، فقد عوضتهم حنان الأم، وعكفت على تربيتهم حتى حصلوا على الشهادات العليا والتحقوا بالوظائف المختلفة ولا تزال تواصل هذا العطاء مع الأحفاد.
هذه هى قصة الحاجة عديلة موسى محمد على الشاعر، من محافظة أسوان، والتى يرزقها الله بالأولاد وحرمت من الإنجاب، فعكفت على تربية أبناء أخيها بعد وفاة أمهم، ورغم بلوغها سن الـ75 إلا أن حنان الأمومة لم ينقطع عنها وواصلت مسيرة العطاء مع أبناء وأحفاد أخواتها.
قالت الحاجة عديلة لـ"اليوم السابع": كنت متزوجة ولم يرزقنى الله بأطفال وحرمت من نعمة الإنجاب، حتى عوضنى الله بأبناء أخى الأكبر منى سناً، والذى توفيت زوجته فى سنة 1990 وتركت وراءها 4 أبناء، 3 ذكور وبنت، فقررت أن أكرس حياتى لتربية أبناء أخى خاصة أنهم فى مراحل تعليمية مختلفة ويحتاجون إلى تربية صالحة خوفاً عليهم من الضياع".
وتابعت الأم البديلة، قصتها قائلةً: انتقلت إلى العيش فى منزل أخى بعد وفاة زوجته، وعشت فى المنزل بنجع الإخصاص التابع لقرية القنان بمركز إدفو محافظة أسوان، مع أبناء أخى وكانوا فى مراحل تعليمية مختلفة منهم من كان فى الكلية والآخر فى الثانوية ودون ذلك، وهم "أحمد وطه وياسين وزينب"، وتركت منزلى فى مركز دراو، وزوجى لم يعارضنى، واستقبل هذا الأمر بصدر رحب، خاصة أننا لم نرزق بأولاد واعتبرهم أولاده أيضاً.
وأشارت الحاجة عديلة، إلى أنها تفرغت لتربية أبناء أخيها ومكثت فى المنزل مع أخيها الأكبر وكانت تديره من خيرات البيت لإطعامهم، وكان والدهم لا يبخل عليهم بشيئ، وكان الخير موجود فى الأرض الزراعية والمنزل، وعلقت: "الحياة كانت ماشية والحمد لله".
وعلقت: اعتبرونى أمهم وكنت أقولهم قولولى يا "عمة" بلاش "أمى"، ووصلت لسن الـ75 سنة، وأنا لازلت أربى أولادهم، والجميع فى المنزل يعتبرنى أمه، لأنى عوضتهم الحنان الذى فقده الأبناء الكبار بوفاة والدتهم، لأنى كنت حنينه عليهم وأتواصل معهم باستمرار، حتى أبناء أخى الآخر الذين لا يزالون يعيشون مع والدتهم، كنتُ أعطف عليهم وأودهم وأحبهم جميعاً ولو طلبوا عين من عنيا لم أبخل عليهم بها.
وأكملت الحديث: الجميع يبادلنى الشعور بالحب وأول ما يشوفونى يقبلوا رأسى وأيدى، وفى المناسبات وعيد الأم كانوا حريصين على شراء الهدايا لى أو حتى ترك مبلغ مالى مقابل الهدية، سواء من يعيش منهم فى أسوان أو حتى المسافرين منهم مع أزواجهم فى المحافظات الأخرى، موضحةً أن أخيها هو الأكبر منها سناً، ولكن كان الجميع لا يفرق من فيهم الأكبر سناً، وذلك لأن الشقيق الأكبر كثيراً ما يأخذ برأيها ويغرس فى أبناءه ذلك، وكان يرى فيها الحكمة ولم يتشاجر معها قط طوال فترة حياته حتى توفاه الله قبل سنوات قليلة.
فى المقابل، وصف أحمد الشاعر، الابن الأكبر، تربية عمته له قائلاً: أنا عمرى ما انقطع عنى حنان الأم بفضل وجود هذه السيدة معنا، والتى كانت حريصة على هذا المعنى ولا زالت متواصلة معنا فى كل أمورنا وتراعى مصالحنا حتى بعد زواجنا، وحريصة أيضاً على تربية أبناءنا، وإذا كنت فقدت والدتى عليها رحمة الله، إلا أن الله عوضنى بالحنان كله مع هذه المرأة، ولم نشعر فى يوم من الأيام ولو للحظة بفقد والدتنا، لأنها كانت حريصة على تعويض ذلك ولو حد فينا تعب كانت تضمه فى حضنها وتخدمه برموش عينيها.
وأشار أحمد الشاعر، إلى أن والدهم كان يراعى وجودها فى المنزل باعتبارها عامود من أعمدة المنزل، ولأن جدهم كان يقول ذلك قبل والدهم، وكان يعتبر أن لها "ثلث المشورة فى البيت" – على حد وصفه – وكان رأيها لا يرد، وروى أنه فى أحد المرات عندما كان صغيراً فى السن وكان مهتم بالزراعة كان لديه نصف فدان وكان فى حيرة من زراعته، وكان الكل أجمع أن يتم زراعته "برسيم" أو علف مواشى، إلا أن الحاجة عديلة كانت ترى زراعته "قمح" لأن الطقس لا يتناسب العلف ويناسب القمح، وحتى لا تتعرض الأرض للبوار ولا يكتمل نضج البرسيم، والجميع نزل على رأى الحاجة عديلة وتم زراعة الأرض بالقمح، وكانت المفاجأة بإنتاج هذا المحصول الذى جاء وفيراً وبكميات كبيرة.
طه الشاعر، أحد الأبناء، أشار إلى أن هذه السيدة ربتهم بعد وفاة أمهم، ولا تزال تعطى الحنان حتى بعدما كبروا فى السن وتزوجوا وأنجبوا الأولاد، وهى تكمل مسيرة الأمومة مع أولادهم الصغار، معلقاً: "لم نشعر فى يوم من الأيام بأنها عمة ولكنها كانت نعم الأم"، ورغم إقامته فى مدينة أسوان إلا أنه يحرص عند زيارته القرية بالنزول فى منزلها، منزل الأسرة.
وأوضح طه الشاعر، أن الحاجة عديلة تتمتع بالحكمة فهى صاحبة شخصية قوية ورأى سديد وكان والدهم يوصيهم بالأخذ برأيها ومشاورتها فى الأمور رغم أنها كانت شقيقته الأصغر منه فى السن، وخرجت للحج مع والدهم قبل وفاته بفترة قصيرة، لافتاً إلى أنها كانت حريصة على تربيتهم على مبادئ الدين والعلم وغرس الاحترام والأدب والأخلاق، مضيفاً أنه رغم حنيتها فى التربية إلا أنها كانت شديدة على الخطأ ولا ترضى به، وكانت حريصة أيضاً على تعليم أبناء أخيها حتى التحق الابن الأكبر بوظيفة موجه بالتربية والتعليم، والثانى بوظيفة مأمور ضرائب عامة والثالث أستاذ جامعى بالإضافة إلى الأخ الأصغر بكالوريوس تربية، وكذلك الحال بالنسبة لأبناء أخيها الثانى، فهى لها الدور البارز فى التوجيه للتعليم، وكانت تقول لهم: "لا يهم المصاريف المهم التعليم والواحد ينظر إلى مراتب عليا".
أما يوسف الشاعر، وهو الابن الأصغر للأخ من زوجة أخرى، قال: رغم أن والدتى على قيد الحياة، إلا أن حنان العمة غطى الأفق، لأنها كانت حريصة على التواصل معهم، مضيفاً أنه كان يحرص أيام الدراسة بالجامعة على الاتصال بعمته وطلب الدعاء منها قبل الامتحان، وهو ما كان له الأثر الطيب والمحمود فى ذلك الأمر.
وأشار إلى أن الحاجة عديلة من حفظة كتاب الله وختمت القرآن الكريم 4 مرات وهى من المعلمات البارزات فى القرية فى تحفيظ القرآن والجميع يعتبرها أم مثالية وكرموها أكثر من مرة.
أثناء تكريمها ضمن الأم المثالية
الأبناء مع عمتهم الأم البديلة
الأبناء يقبلون رأسها
الأبناء يقبلون يدها
الأم البديلة مع صحفى اليوم السابع
الأم البديلة
الحاجة عديلة أماً مثالية
الحاجة عديلة مع الأبناء والأحفاد
الحاجة عديلة من حفظة كتاب الله
الحاجة عديلة
صحفى اليوم السابع مع الحاجة عديلة
هذا الخبر منقول من اليوم السابع