عقدت محكمة مصر الشرعية جلستها يوم 25 يوليو 1904، للنظر فى الدعوى المرفوعة من الشيخ عبدالخالق السادات بالتفريق بين كريمته «صفية» وزوجها الشيخ على يوسف «راجع ذات يوم 16 و17 يوليو 2017»، ويذكر أحمد شفيق باشا فى الجزء الثانى من مذكراته «الهيئة العامة لقصور الثقافة- القاهرة»: «رأس الجلسة فضيلة الشيخ أحمد أبو خطوة، وحضر عن الشيخ على يوسف، حسن بك صبرى المحامى، وعن زوجته الشيح محمد عز العرب بك، وحضر عن «السادات»، الشيخ عثمان الفندى، وفى هذه الجلسة «25 يوليو» قضت المحكمة بالحيلولة بين الزوجين»، وقرر القاضى نظر القضية يوم 27 يوليو 1904.
ونص الحكم صراحة على: «لابد من تسليم صفية لأبيها لمنع المخالطة الزوجية حتى يفصل نهائيا فى الدعوى»، وفقا لسليمان صالح فى «الشيخ على يوسف وجريدة المؤيد» عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة»، وجاء التحرك لمواجهة هذا الحكم المفاجئ بطريقتين، الأولى يذكرها شفيق باشا قائلا: «احتجت السيدة صفية على ذلك بعريضة أرسلتها لقاضى قضاة مصر، وأرسلت صورة منها إلى ناظر الحقانية وفيها تقول: «إنها لا يمكن أن تقبل تنفيذ حكم الحيلولة لبلوغها سن الرشد، ولأنها تزوجت من الشيخ على باختيارها وكفاءتها»، أما التحرك الثانى فكان وفقا لـ«صالح»: «سافر على يوسف إلى الإسكندرية، حيث قابل القائم بأعمال ناظر الحقانية بطرس غالى، ونشرت جريدة الوطن أن نظارة الحقانية قررت عدم تنفيذ الحكم اعتمادا على الاستشكال، الذى رفعه وكيل السيدة صفية».
يذكر أحمد بهاء الدين فى كتابه «أيام لها تاريخ» عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة»، أن الشيخ أبوخطوة كان معروفا بتزمته الشديد، فكان اتجاهه واضحا ضد الشيخ على يوسف، ويشير «بهاء» إلى أنه وحتى موعد انعقاد أولى جلسات القضية، «انقسم المجتمع إلى فريقين، فريق يدافع عن الشيخ على يوسف أغلبه من المثقفين والمستنيرين، الذين رأوا ما صنعه على يوسف لا غبار عليه، وفريق يهاجمه يتكون من أغلبية الرأى العام، ويضم ألوانًا مختلفة من الناس منهم خصوم على يوسف السياسيين، الذين وجدوا القضية مناسبة للتشهير به والطعن عليه».
بعد مفاوضات طويلة تم التوصل إلى حل وتصور الشيخ على يوسف أنه بمثابة تنفيذ للحكم، وبالتالى فإن الحكم الذى سيصدر يوم 27 يوليو سيكون فى صالحه، ويذكر بهاء الدين: «اهتدى الشيخ على يوسف إلى حل يوفق به بين قرار المحكمة وإصرار زوجته، فاتفق معها على أن تترك بيت الزوجية وتذهب إلى بيت رجل محايد مؤتمن، وخيرها بين بيت الشيخ أبى خطوة قاضى المحكمة نفسه وبين بيت مفتى الديار المصرية الشيخ النووى، أو بيت عالم جليل معروف بحسن السمعة هو الشيخ الرافعى، فاختارت الأخير، وانتقلت فعلا إلى بيته، وأرسلت إلى المحكمة خطابا بذلك».
وفى يوم 27 يوليو «مثل هذا اليوم» من عام 1904 وحسب «حلمى النمنم» فى كتابه «رسائل الشيخ على يوسف وصفية السادات» عن «دار مريت - القاهرة»: «كان مقررا أن تنعقد المحكمة لنظر القضية، ولم يكن قرار الجلسة السابقة قد نفذ، وانعقدت المحكمة بنفس أعضاء هيئتها، وفى بداية الجلسة أعلن القاضى الشيخ أحمد أبوخطوة أنه ينظر هذه القضية باسم قاضى القضاة شخصيا، والذى كان مقررا أن يحضرها بنفسه، ولكن ظروفا صحية طارئة منعته من ذلك»، وأعلن، أن قاضى القضاة بعث إليه برسالة طلب فيها أن يتوقف عن نظر القضية، وأن تتوقف المحكمة عن نظر أى قضية أخرى إلى حين تنفيذ قرار الحيلولة، وعلى هذا أعلن أبوخطوة: «قررت إيقاف السير فى هذه القضية لأجل غير محدد وحتى ينتهى فضيلته مع جهة الإدارة فى ذلك».
ويذكر «النمنم»: «كان معنى هذا القرار أن المحكمة أضربت عن العمل، وتعقدت القضية بعدما تردد عن أن قاضى القضاة سوف يوقف العمل بكل المحاكم مالم ينفذ قرار الحيلولة»، وينقل عن جريدة «اللواء» أن الهتافات عمت المحكمة حين أصدر القاضى قراره، وقالت أيضًا «أكبرنا هذا الحادث لأنه يتعلق بأهم قضية سيكون الحكم فيها قاعدة لنظام البيوت والعائلات وقاتلا لجرائم العهر والتبذل ومخالفة الآداب القومية والعادات العائلية»، وشهدت القضية تطورا مهما فى اليوم التالى «28 يوليو».
هذا الخبر منقول من اليوم السابع