أكرم القصاص يكتب: مصر.. جسر الثقة بين أفريقيا وأوروبا فى زمن التحولات

نظرة على خريطة السياسة الدولية الحالية، تكشف عن حجم التحولات والتقاطعات السياسية والاقتصادية، وهى تحولات لم تتوقف على مدى العقود الماضية، حيث يشهد الشرق الأوسط وأفريقيا والعالم المزيد من التفاعلات على المستويات الاستراتيجية، وعلى مستوى الدول الكبرى تنعكس هذه التفاعلات ضمن إعادة ترتيب عناصر القوة والنفوذ، اقتصاديا وسياسيا.

 

يضاف إلى ذلك جائحة كورونا التى ضاعفت من معاناة العالم وانعكست تأثيراتها على حركة الاقتصاد والتضخم، فضلا عن التحديات الصحية والعلمية، التى تؤثر على العالم، وأيضا على كل دولة على حدة، هناك أيضا المنافسة الاقتصادية، وتحديات مثل تغير المناخ، التى تنعكس فى صورة فيضانات وسيول وجفاف، تؤثر على غذاء البشر وكسائهم وحياتهم. 

 

كل هذه التحولات معا تتطلب تعاملا مع أوضاع استثنائية وتحولات لا تكف عن التفاعل، ومن هنا يمكن تفهم مساعى مصر لبناء سياسات خارجية واقتصادية تقوم على التوازن، وتبتعد عن الاستقطابات وتتفاعل مع الفرص والعوائد،  وتنطلق الدولة المصرية فى بناء سياستها الخارجية من مصالحها ومصالح شركائها القاريين والدوليين، حيث تمثل أفريقيا شريكا استراتيجيا تترابط مصالحها مع مصالح مصر، وتؤكد الدولة المصرية ذلك تحت شعار الشراكة والتعاون، وتعتبر المشاركة فى التنمية أحد عناصر توزيع العوائد والفرص، وتطرح مبادرات للتعاون بديلا عن الصراع، وهى علاقات يتم بناؤها بدقة، بعيدا عن أى تداعيات غير مرغوبة، مع التأكيد على أهمية قيام العلاقة بين أفريقيا وأوروبا على التعاون، والتعويض عن أى سياسات تؤثر على حياة البشر، مع أهمية ضمان  حق أفريقيا فى التنمية والتقدم، باعتبار هذا ينعكس على الأمن والسلم العالميين، ويضمن فرصا عادلة متكافئة لكل الأطراف.

 

ومن هنا يمكن التعرف على أهمية مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الدورة السادسة للقمة الأفريقية / الأوروبية التى تعقد تحت عنوان «أفريقيا وأوروبا: قارتان برؤية مشتركة حتى 2030»، فى العاصمة البلجيكية بروكسل، حيث يجتمع قادة وكبار مسؤولى حكومات أكثر من 50 دولة أعضاء فى الاتحادين الأوروبى والأفريقى انطلاقا من كون أوروبا أبرز الشركاء الدوليين لأفريقيا، فى سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ونقل التكنولوجيا وجذب الاستثمار. 

 

وضمن أولويات مصر فى هذه القمة موضوعات التغير المناخى والطاقة، وتطوير البنية التحتية الأفريقية لتحقيق التكامل الاقتصادى بالقارة، علاوة على الأهمية الكبرى للنفاذ العادل للقاحات بالنسبة لشعوب القارة الأفريقية، وتعزيز الجهود الدولية لتيسير اندماج الاقتصاد العالمى، ودفع حركة الاستثمار الأجنبى للقارة، وتمكين دولها من استغلال مصادر الطاقة المتجددة، خاصة مع قرب استضافة مصر لقمة الأمم المتحدة القادمة للمناخ فى نوفمبر المقبل، سعيا للخروج بنتائج متوازنة وقابلة للتنفيذ، وبلورة رؤية مشتركة لدعم وتمويل القارة الأفريقية خلال جائحة كورونا.

 

وعلى مستوى العلاقات المصرية الأوروبية، فإن هذه القمة فرصة لطرح ومناقشة القضايا السياسية والاقتصادية، وهو ما ناقشه الرئيس السيسى مع المسؤولين والنخب الاقتصادية فى بلجيكا، فضلا عن لقاءات مع مسؤولى الاتحاد الأوروبى،  ومنها لقاء الرئيس مع «أورسولا فون ديرلاين»، رئيسة المفوضية الأوروبية، التى أعربت عن حرصها على التواصل المنتظم معه فى ظل كون مصر شريكا استراتيجيا مهما للاتحاد الأوروبى، بينما أكد الرئيس اهتمام الدولة المصرية بتطوير وتعميق الشراكة مع الاتحاد الأوروبى، باعتبارها أحد أهم محاور السياسة المصرية، استنادا للجوار الإقليمى المتوسطى، وبجانب مناقشة التعاون فى مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة، والبنية التحتية  والتحول الأخضر، فى ضوء استضافة مصر للقمة العالمية للمناخ، فقد تطرقت المناقشات إلى التعاون فى مكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، والإرهاب، والقضايا المطروحة  فى منطقة المتوسط والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بناء على دور مصر المحورى لتحقيق التوازن، وبالطبع تأتى السياقات السياسية فى ليبيا ضمن محاور المناقشات القائمة.

 

وبالطبع فإن دور مصر فى هذه التحركات أساسى، بناء على موقعها، وأيضا حكم تأثيرها، فضلا عن أن مصر تحظى بثقة، تمكنها من القيام بدور الجسر بين أفريقيا ومطالبها، وأوروبا وقدراتها وسط تحولات تجتاح العالم وتتطلب أكبر قدر من اليقظة والتفاعل.  

 


 

 


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع