لاتزال حالة الجدل مستمرة من جراء من أحدثه المدعو محمد الملاح، الشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي بـ"التيس المستعار"، بسبب ارتكابه ما يقرب من 33 زيجة – كمحلل شرعي - وذلك من أجل إعادة الزوجات إلى أزواجهن بعد أن طلقن 3 مرات، مبررا ذلك بالعمل الخيري ابتغاء مرضاة الله، لأنه تم "بدون مقابل" ولأنه يدخل بها كي يكون الزواج صحيحاَ، ليصبح أشهر زوج تحت الطلب على طريقة الزعيم "عادل إمام".
وفى الحقيقة تعددت حالات الطلاق داخل الأسر المصرية، وفقا للأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وبلغت نسبة الطلاق فى مصر 218 ألف حالة خلال عام 2020، وتسعى بعض الأسر للرجوع في قرار الطلاق والعودة مرة أخرى للم الشمل، ولكن فى بعض الحالات لا يمكن العودة، خاصة إذا كانت تلك هي الطلقة الثالثة للزوجة، الأمر الذى يجعل الأزواج يلجأون للطرق الملتوية والغير شرعية ألا وهى "المحلل الشرعى"، وكما هو واضح يتم ربط كلمة "المحلل" بـ"الشرعى" حتى تصطبغ بالصبغة الدينية ويتم تهيئة المجتمع بأنه "حلال".
الملاح أشهر "زوج تحت الطلب"
"الملاح" كشف أنه تزوج 33 مرة، حيث كانت أول مرة حدثت في حياته منذ سنوات، بدأ حين اقترحت إحدى زميلاته في العمل أن يتزوج صديقتها التي طلقت 3 مرات حتى تعود لزوجها كعمل إنساني لوجه الله، وبالفعل تزوجها وكان زواجا كامل الأركان، وبعدها تم الانفصال وعادت هي إلى زوجها وانتهى الأمر، وبعدها بفترة تكرر الأمر مجددا وتزوج بناء على اقتراح أصدقاء له أيضاَ، حيث يقوم بهذا الأمر لوجه الله كعمل تطوعي بدون أي مقابل، ولا يتقاضى أموالاً من أجل حماية البيوت من الخراب وانفصال الأزواج ولديه صفحة على فيس بوك تروج لهذا الأمر – بحسب "الملاح" - وختم قائلًا: "إذا قالت لي دار الإفتاء إن هذا العمل غلط هبطل، والواقع أسوأ من الخيال".
واقعة "الملاح" أثارت حالة من الجدل الواسع بداية من وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية، مرورا بمواقع التواصل الاجتماعي – فيس بوك، وتويتر – وصولاَ إلى الشارع المصري حتى وصل الأمر إلى رجال الدين سواء من الأزهر الشريف أو دار الإفتاء المصرية حيث قدم "الملاح" نفسه أنه يعمل كمحلل شرعي لعودة المطلقات لأزواجهن، قائلا إنه: "يتزوج المطلقات ويدخل بهن، ومن ثم يعدن لأزواجهن، مؤكدًا أنه متمسك بشرط الدخول بهن زاعمًا أنه يساعد كثيرات في العودة بشكل شرعي لأزواجهن دون الحصول على أي مقابل مادى، وأن الأمر لوجه الله تعالى.
الأزهر ودار الإفتاء يتصديان للأزمة
لم يقف الأمر عند هذه الدعوة - بل إن تصريحاته أثارت جدلًا واسعًا بين أوساط المؤسسات الدينية خاصة "الأزهر" و"الإفتاء"، ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي، التي استنكرت هذه الوظيفة -محلل شرعي - قائلين إنها تخالف تعاليم الدين الإسلامي، واصفين فاعله بـ"الملعون"، بينما وصف رجال دين الأمر بـ"الزواج الفاسد"، حيث أن الزواج الصحيح يشترط أن يكون الزواج غير مؤقت، لكن ظل التساؤل عن الجانب القانوني محط أنظار الكثيرين، كما لم يتطرق أحد إلى عقوبة المأذون الذى يقدم على هذا الفعل حال علمه بأن الزواج عبارة عن "محلل شرعي".
من جانبه – يقول الخبير القانوني والمحامى سامى البوادى - للأسف المشرع المصرى لا يجرم المحلل، فالشرع يحرمه أما القانون لا يجرمه، وتعتبر مهنة المأذون الشرعي من أجل وأعظم المهن التي يشرف الإنسان بالعمل والانتساب لها، فالمأذون الشرعي هو وكيل القاضي في اجراء عقود الزواج واشهادات الطلاق، والتحقق من توافر الأركان والشروط الشرعية اللازمة في عقد الزواج، فالأمر ليس قاصر على التوثيق كما يظن البعض، وإلا لم تكن اجراءات العمل مأذون شرعي بهذه الصعوبة من شروط كثيرة واختبارات وشهادات دارسة للشريعة الإسلامية.
عقوبة مأذون "الملاح" حال علمه بوقائع "المحلل الشرعى"
وبحسب "البوادى" في تصريح لـ"اليوم السابع" – وإن كان دور المأذون مراقبة انطباق شروط صحة الزواج وسلامتها فحسب دار الإفتاء يشترط فى النكاح الذى يحصل به التحليل للزوج الأول ما يلى: الشرط الأول: أن يكون نكاحا صحيحا مستوفيا أركان انعقاد عقد الزواج وشروط صحته، والشرط الثانى، أن يدخل بها الزوج الثانى دخولا حقيقيا، والشرط الثالث أن يكون النكاح بنية استدامة العشرة بينهما، وخاليا من التأقيت والتحليل، لأن الأصل فى عقد الزواج فى الشريعة الديمومة والاستمرار، لذلك ان من يثبت عليه أنه يعلم بكون هذا زواج تحليل مؤقت الانعقاد يعد مخالفا لوجبات وظيفته ودوره، ويتم تقديم المأذون الشرعي لقاضي محكمة الأسرة دائرة المأذونين الشرعيين في حالة وجود مخالفة للائحة، ويتم تطبيق العقاب عليه كما نصت اللائحة الباب الرابع الفصل الأول – تأديب المأذونين مادة 43- العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على المأذونين لمخالفتهم واجبات وظيفتهم هي إما الانذار أو الوقف عن العمل لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن ثلاث أشهر أو العزل.
من جانبه – تقول الخبير القانوني والمحامية المتخصصة في الشأن الأسرى هبه علام - إن قضية "المحلل" المدعو محمد الملاح بها فراغ تشريعي من ناحية القانون الجنائي وبالتالي لا تقع تحت القانون الجنائي، ولكن تقع تحت بند القانون المدني حيث أن الجريمة من المحتمل أن تكيفها وتوصفها النيابة العامة بـ"ازدراء أديان"، والتباهي بأمر يرفضه الشرع يندرج تحت ازدراء الدين، ويستحق الجاني العقوبة المقررة بنص، المادة 98 من قانون العقوبات: "يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تجاوز 5 سنوات أو بغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تجاوز ألف جنيه لكل من استغل الدين في الترويج أو التحبيذ بالقول أو بالكتابة أ بأي وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو التحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية"، فجنائيا الواقعة المسندة إلى المحلل الشرعي، تثير الشبهات حول الجرائم التالية:
الجريمة الأولى:
هي الاعتداء على المواقع الإلكترونية، وسوء استخدام للمواقع الإلكترونية وذلك بإنشاء صفحة على الفيس بوك.
أما الجريمة الثانية:
هي ازدراء الأديان، وهي للاعتداء على قيم الدين بشكل عام.
جهات التحقيق من حقها توصيف الواقعة بـ"ازدراء أديان"
وبحسب "علام" في تصريحات خاصة – في الحقيقة القانون لم يتطرق إلى هذا الموضوع نهائيا، في كافة التشريعات الموجودة في العالم، حيث لم يتصدى القانون إلى ما يسمى بالمحلل بشكل مباشر، وعدم التصدي هو عدم اعتراف واعتداد به، حيث أنه ربما يكون أساس فكرة "المحلل" فقهي قديم، أو رأي فقهي منحرف، أو إن كان مقصودا به خيرا فالمقصود به أن يكون هناك زيجة جديدة مستقرة من شخص آخر في حياة المرأة بعد تطليقها 3 مرات ولو قام الشخص الجديد بتطليقها من حق الزوج القديم الرجوع لها، كما أن التخريجات الفقهية يكون الافتراض قائما فيها، وبالتداول يتم التبسيط حتى الوصول الى حل مثل هذا يكون بعيد تماما عن الدين والعقل والمنطق، وفى الحقيقة القانون لم يشر اليها لأنها في عُرف القانون غير موجودة حتى ينشغل بها المشرع.
أما عن الحديث عن جريمة الاتجار بالبشر – وفقا لـ"علام" – فهي بعيدة كل البعد عن قائمة الاتهامات حيث أن "الملاح" اقر بعدم تقاضيه أية مبالغ مالية نظير ما يقوم به من عمل "المحلل"، إلا أن جهات التحقيق يحق لها أن تنسب لـ"الملاح" جريمة الاتجار بالبشر حيث يمكن في تلك الجريمة أن يكون الجاني هو ذاته السلعة المتاجر بها، سواء تكسب مكسبا معنويا أو ماديا ويستحق العقوبة المقررة بنص المادة الخامسة من قانون الاتجار بالبشر، والتي يعاقب كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع أيهما أكبر بالإضافة إلى التحريض علي الفسق والفجور وإلباس هذا الإجرام ثوبا شرعيا وقانونيا مزورا علي خلاف الحقيقة.
قائمة اتهامات تواجه المحلل الشرعى
وتضيف الخبير القانوني: هناك اتهاما من الممكن توجيهها لهذا الجاني بالتزوير بشكل معنوي وذلك بجعل وقائعه وأقواله الكاذبة في صورة صحيحة ومعترف بها، حيث تتخذ صورة إثبات وقائع كاذبة على أنها صحيحة أو معترف بها، حيث أن التزوير في وثيقة زواجه كمحلل أو "تيس مستعار" جريمة اثبتت في وثيقة رسمية ما هو مخالف للحقيقة، ويستحق العقوبة المنصوص عليها طبقا لنص المادة 212 عقوبات على أن كل شخص ليس موظفًا قام بارتكاب تزوير كما هو مبين في المادة 211 يعاقب بالسجن المشدد أو مدة قد تصل إلى 10 سنوات سجن.
ولكن هناك إشكالية تتعلق باللبس في العقوبة تدور حول منطقين حاكمين ما يسمى شرع وما يسمى قانون حتى لو كان رأي أحد منهم عكس رأي الآخر، لأننا في النهاية نحتكم ونرجع إلى التشريع المصري ولا نحتكم إلى الشريعة الاسلامية إلا في الاحوال الشخصية فقط، حيث يعتقد البعض أن الجريمة تقع في نطاق "الزنا" وهذا غير صحيح على الإطلاق حيث لا يكون هنا جريمة أو عقوبة إلا بنص، الزنا وهتك العرض والاغتصاب منصوص عليهم، ولكن الرضا المتحقق هذا أيا كان شكله يسقط عن تلك العلاقات الجنسية العقوبة – الكلام لـ"علام".
وتوضح: المحلل الشرعي الذي ظهر في التليفزيون مساء أمس الأول، قال إنه تزوج 33 مرة في خلال سنتين فهكذا يمكن أن يكون جمع أكثر من 4 زوجات في وقت واحد، ومن الشريعة والقانون أيضا أن الرجل له عدة بعد طلاق زوجته الرابعة وهي المرة الوحيدة التي بها عدة للرجل، كما أنه من الممكن بالبحث وراءه أن نجد أنه جمع بين 4 زوجات أو أكثر وهنا نحن بصدد جريمة "الجمع بين أكثر من 4 زوجات".
قانوني له رأيا أخر وقائمة أخرى من العقوبات
وفى سياق أخر – كان للخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى - هاني صبري – رأيا أخر حيث أكد أن القانون منع الزواج محدد المدة، وبزواج هذا الشخص 33 مرة باتفاق مسبق على الطلاق يكون ارتكب عدة جرائم منها النصب والفسق والفجور، وزواج المحلل كما هو معروف تحايل علي الدين وباطل، ونبى الإسلام قال عنه "لعن الله المُحلل والمُحلل له"، وهذا المتفق عليه من جمهور الفقهاء، ونري أنه يجب إحالته للنيابة العامة للتحقيق معه إذا كان يتخذ من هذا الأفعال المنافية للأداب والأخلاق العامة لتحقيق مكاسب مالية وابتزاز للضحايا، والتحقق من شروط العدة، وثبوت قيامه بالجمع بين أكثر من ا4 زوجات من عدمه، حيث أن ما صرّح به هذا الشخص يدعو للاشمئزاز وكان يجب عليه أن يخجل من نفسه ولا يظهر علي شاشات التليفزيون لذكر تصرفات منهي عنها وضد قيم المجتمع وتضر به.
وأشار "صبرى" في تصريحات خاصة – إلى أننا نحتاج إلى ضبط الأداء الإعلامي، والتدقيق فيما يقدم للمشاهد من موضوعات، هناك نماذج مشرفة كثيرة تقدم خدمات وتضحيات لهذا الوطن وإنجازات كبيره غير مسبوقة تشهدها البلاد علي كافة الأصعدة يجب تسليط الضوء عليها، وتقديمها للمشاهدين، والالتزام بميثاق الشرف الإعلامي، والبعد عن الأمور التي تحدث أيّ إثارة أو بلبلة، حيث إن الدستور المصري الصادر في 2014 في المادة 211 منه أناط بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مسئولية وضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الصحافة ووسائل الإعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها والحفاظ على مقتضيات الأمن القومي، وأوجب عليه القانون رقم 180 لسنة 2018 إتخاذ الإجراءات المناسبة اللازمة لبلوغ تلك الغايات، وخوَّله من الاختصاصات والسلطات، وأتاح له استخدام العديد من التدابير وتوقيع ما يراه ملائما من الجزاءات المعينة له في هذا المقام.
ضرورة تطبيق أقصى عقوبة على مثل هذه الأفعال
وناشد "صبرى" المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام أعمالاً للمادة 94 من القانون رقم 180 لسنة 2018 وهو المنوط به ضبط الأداء الإعلامي، كما اناشد النيابة العامة باعتبارها صاحب الاختصاص الأصيل في تحريك الدعوي الجنائية إحالة محمد الملاح الذي اعترف أنه محلل للتحقيق فيما نسب إليه من اعترافات، واذا ثبت تورطه في ارتكاب جرائم التحريض علي الفسق وابتزاز الضحايا والنصب عليهم، وإحالته لمحاكمة جنائية عاجلة وتطبيق أقصي عقوبة عليه بما سيرد في أمر الإحالة، وذلك لتحقيق الردع العام والخاص ولمنع كل ما تسول له نفسه المجاهرة بالخطأ وعدم ارتكاب مثل هذه الجرائم، للمحافظة علي قيم وثوابت المجتمع واحترام الآداب العامة.
محمد الملاح الشهير بـ"زوج تحت الطلب"
هذا الخبر منقول من اليوم السابع