الحبيب على الجفرى يكتب: الإنسانية قبل التدين ..مَن هو صاحب الفضل حين نتصدق؟ عند العطاء لا تنتظر مقابلًا من صاحب الحاجة .. والصِّلات الإنسانية تقوم على مفهوم الرحمة

الحبيب على الجفرى يكتب: الإنسانية قبل التدين ..مَن هو صاحب الفضل حين نتصدق؟ عند العطاء لا تنتظر مقابلًا من صاحب الحاجة .. والصِّلات الإنسانية تقوم على مفهوم الرحمة
الحبيب على الجفرى يكتب: الإنسانية قبل التدين ..مَن هو صاحب الفضل حين نتصدق؟ عند العطاء لا تنتظر مقابلًا من صاحب الحاجة .. والصِّلات الإنسانية تقوم على مفهوم الرحمة

خَلَصنا إلى أنّ خصوصية الصِّلة بين المسلم والمسلم لا تعنى بالضرورة أن تكون على حساب الصِّلة بغير المسلم، فلا ينبغى أن نفهم قوله تعالى: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ»، على سبيل الحصر، فالله تعالى يقول: «وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا»، فثمة أخوة فى الوطن والإنسانية وغيرها من الصِّلات الاجتماعية.

هذه الصِّلات الإنسانية تقوم على مفهوم الرحمة، استنادًا إلى قوله: «الرَّاحمون يرحَمُهُم الرَّحمنُ تبارك وتعالى، ارحمُوا مَنْ فى الأرض يَرْحَمْكُمْ مَنْ فى السماء»، أى الرحمة لكل مَن فى الأرض، وقد كان عَدِىُّ بن حاتم، رضى الله عنه، يَفُتُّ الخبز للنمل ويقول: «إنهم جارات ولهن حق».

وحتى يرتقى الإنسان فى تفقد أحوال الآخرين والشعور بمعاناة المحتاج بالعطاء والصدقة، يجب ألا يجعل فعله هذا لمجرد طلب الأجر، لأنه بذلك يفوّت عليه دلالات قوله تعالى: «مَنْ ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا»، وقولِ النبىِّ: «إنّ الصدقةَ تقع فى يد الله قبل أن تقعَ فى يد السائل».

فأنت عند العطاء لا تنتظر مقابلًا من صاحب الحاجة، ولو بطلب الدعاء منه، فقد كان مشايخنا لا يستحسنونها ويرون أنها تضيع المعنى الراقى للصدقة، ولهذا خرج أحد الصالحين بصدقة ينشد مَن يستحقها، فرأى رجلًا فقيرًا فدفعها إليه قائلًا: «خذ لا لك» (أى أنى أعطيكها لوجه الله تعالى)، فردَّ عليه: «هات لا منك» (أى أنّ الرزق من الله حقيقة لا منك)، ليخرج شهود المنة من قلب المعطى ويدعو إلى تعفف الآخذ؛ فما الذى أعطى من سعة بأفضل أجرًا من الذى يقبل من حاجة.

قال سيدنا رسول الله فى لفت النظر إلى ارتباط الأمر بالمعاملة القلبية: «وأحبُّ الأعمال إلى الله سرور تُدْخِلُه على مسلم أو تكشف عنه كُرْبَةً أو تقضى عنه دَيْنًا أو تطرد عنه جوعًا، ولئن أمشى مع أخ لى فى حاجة أحبُّ إليَّ من أن أعتكف فى هذا المسجد شهرًًا».

ولهذا يحذرنا ابن مسعود رضى الله عنه: «فى آخر الزمان يكثر الحج بلا سبب، يهون عليهم السفر، ويبسط لهم فى الزرق، ويرجعون محرومين مسلوبين، يهوى بأحدهم بعيره بين الرمال والقفار، وجاره مأسور إلى جنبه لا يواسيه».

جاء رجل يودع بشر الحافى قال: عزمت على الحج فتأمرني!

قال: كم أعددت للنفقة؟

قال: ألفى درهم.

قال: فأى شيء تبتغى لحجتك تزهدًا أو اشتياقًا إلى البيت أو ابتغاء مرضاة الله؟

قال: ابتغاء مرضاة الله.

قال: فإن أصبت مرضاة الله تعالى وأنت فى منزلك وتنفق ألفى درهم وتكون على يقين من مرضاة الله أتفعل؟

قال: نعم.

قال: اذهب فأعطها عشرة أنفس: مديونًا يقضى دينه، وفقيرًا يرم شعثه، ومعيلًا يحيى عياله، ومربى يتيم يفرحه، وإن قوى قلبك تعطيها واحدًا فافعل.

يقول الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى}، وهى التى يدخل فيها استغلال الإحسان لمصالح سياسية أو حزبية، فهذا تلاعب غير إنسانى مهين بآلام المحتاجين، ومن ذلك استغلال حاجة المهاجرين المسلمين بدفعهم عبر المساعدات والوعود بالإقامة إلى تغيير ديانتهم.

رأينا هذا فى تبجح القس جوتفريد مارتينز، راعى أبراشية الثالوث اللوثرية فى برلين، بقوله إنّه نجح فى تنصير 600 شخص من طالبى اللجوء فى عامين، رغم منافسة كنائس أخرى.. وذكرت كنيسة فى النمسا أنّ لديها 300 طلب لاعتناق المسيحية بداية 2016، وتجتذب الكنيسة الأنجليكانية فى ليفربول ما بين 100-140 أسبوعيًا معظمهم من طالبى اللجوء، وسعى العام الماضى موظفو الإغاثة الإنسانية فى معسكر موريا فى اليونان لتنصير لاجئين سوريين محتجزين بتوزيع إقرارات دخول فى المسيحية.

فهذا استغلال بعيد عن معنى الإنسانية لا يرضى به السيد المسيح عليه السلام

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع