الحبيب على الجفرى يكتب: الإنسانية قبل التدين.. الجهاد الحق.. الأصل ألا يذهب الإنسان إلى القتال مدفوعاً بأغراض شخصية وإنما لدفع الظلم عن الناس وتحقيق الأمن فى البلاد واستقرار الأمور

الحبيب على الجفرى يكتب: الإنسانية قبل التدين.. الجهاد الحق.. الأصل ألا يذهب الإنسان إلى القتال مدفوعاً بأغراض شخصية وإنما لدفع الظلم عن الناس وتحقيق الأمن فى البلاد واستقرار الأمور
الحبيب على الجفرى يكتب: الإنسانية قبل التدين.. الجهاد الحق.. الأصل ألا يذهب الإنسان إلى القتال مدفوعاً بأغراض شخصية وإنما لدفع الظلم عن الناس وتحقيق الأمن فى البلاد واستقرار الأمور

جاء رجل إلى النبى عليه الصلاة والسلام فقال: «الرجل يقاتل لِلْمَغْنَمِ، والرجل يقاتل لِلذِّكْر، والرجل يقاتل لِيُرَى مكانه، فَمَنْ فى سبيل الله؟ قال: مَنْ قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله».

 

فالأصل ألا يذهب الإنسان إلى القتال مدفوعاً بأغراض شخصية، وإنما لدفع الظلم وتحقيق أمن الناس واستقرار الأمور والتى تعنى فى مجموعها إعلاء كلمة الله تعالى عبر تهيئة الناس لسماعها وتلقيها.

 

لهذا لما قبل الرسول عليه الصلاة والسلام صلح الحديبية وعمَّ السلام دخل فى دين الله فى سنتين أكثر من الذين أسلموا فى سبعة عشر سنة؛ فالإسلام ينتشر بالسلام.

 

لذا لا تكون مجاهداً فى سبيل الله لو تغلب فى نفسك حب النصر على حب الهداية لمن تقاتله، اشتد النبى، صلى الله عليه وسلم، على أسامة بن زيد لما بلغه أنه قتل رجلاً بعد أن نطق بالشهادة والتى لا تعنى فقط الإسلام بل طلب السلام أيضاً: يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟  قلت: يا رسول الله إنما كان متعوذا! قال: هَلاَّ شَقَقْتَ عن قلبه؟ مَنْ لك بلا إله إلا الله يوم القيامة؟ فما زال يكررها على حتى تمنيت أنى لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم».

وعن المقداد بن الأسود أنه قال: «يا رسول الله أَرَأَيْتَ إن لَقِيتُ رجلاً من الكفار فقاتلنى فضرب إحدى يَدَىّ بالسيف فقطعها؛ ثم لاذ مِنِّى بشجرة؛ فقال: أَسْلَمْتُ لله أفأقتله؟

 

قال رسول الله: لاَ تَقْتُلْهُ.

فقلت: يا رسول الله إنه قد قطع يدى ثم قال ذلك بعد أن قطعها؛ أفأقتله؟

قال: لاَ تَقْتُلْهُ؛ فإن قَتَلْتَهُ فإنه بمنزلتك قبل أن تَقْتُلَهُ، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التى قال».

هل يتفق ذلك مع قوله تعالى: «قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ»؟

الحديث هنا عن أناس نقضوا العهد واعتدوا على المسلمين؛ فالجهاد يعالج قلوب المؤمنين التى ملأها الألم والغيظ من سابق اعتداء الكفار، ولهذا قال الفخر الرازى: وكلها ترجع إلى تسكين الدواعى الناشئة من القوة الغضبية وهى التشفى ودرك الثأر وإزالة الغيظ.

 

تأملوا قول الإمام الماتريدى من أن وجع القلوب قد يكون بالأساس بسبب كفرهم وتكذيبهم الرسول، ومن ثم فإن شفاء الصدور باحتمال إسلامهم وإدخال الفرحة على المؤمنين هو المعنى الأرقى، أو بهزيمتهم.

 

هناك معنى أعمق فى لطائف الإشارات: «وشفاءُ صدور المؤمنين على حسب مراتبهم فى المقام والدرجات؛ فمنهم مَنْ شفاءُ صدره فى قَهْرِ عدوِّه، ومنهم مَنْ شفاءُ صدره فى نَيْلِ مَرْجُوِّه، ومنهم مَنْ شفاء صدره فى الظَّفَر بمطلوبه، ومنهم مَنْ شفاءُ صدرِه فى لقاء محبوبه، ومنهم من شفاء صدره فى درك مقصوده، ومنهم من شفاء صدره فى البقاء بمعبوده».

 

قاد الأمير عبدالقادر الجزائرى المقاومة إلى حين حولت فرنسا المعركة إلى سياسة الأرض المحروقة، فتوقف عن القتال وتم نفيه إلى الشام، إلى أن حدثت فتنة 1860 وسعى الغوغاء إلى حرق وقتل المسيحيين هناك. 

 

فما كان من الأمير النبيل إلا أن آوى خمسة عشر ألفاً منهم تكفل بحمايتهم مع حرسه، لأنه كان يرجو من الآجر على حماية أهل الذمة ما كان يرجوه من قتال الفرنسيين.

 

الأعجب هى رسالة الأمير شامل الداغستانى الذى دافع عن القوقاز ضد روسيا القيصرية إلى أن تحولت المعركة إلى الأرض المحروقة فوضع تحت الإقامة الجبرية فى موسكو.

 

لما بلغه ما فعله الأمير أرسل إليه يقول: «لقد استغربت من عمى المسؤولين الذين انساقوا وراء هذا العمل ناسين كلمات النبى عليه الصلاة والسلام «ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه كنت حجيجه يوم القيامة»، ولكنى عندما سمعت أنك حميت أهل الذمة بجناح العافية والرحمة حقاً لقد أنجزت كلمة أعظم رسول أرسله الله تعالى رحمة للعالمين، ووقفت سداً ضد أولئك الذين رفضوا أن يقلدوا مثاله».

 

 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع