بيانات 300 عام من الجدرى تظهر مدى فترة بقاء الأوبئة.. النتائج توضح رؤى جديدة لتطور الأمراض المعدية.. والعلاج اعتمد على تلقيح الأشخاص بكمية صغيرة من الفيروس لدى المصابين.. فيديو وصور

الأبحاث الجديدة حول الجدري قد تسهم في توفير نظرة ثاقبة عن توقعات مسار الأوبئة، حيث كشف الباحثون عما يقرب من 3 قرون من البيانات التي تظهر أوبئة الجدرى المتكررة في لندن، في دراسة نُشرت في مجلة الوصول المفتوح PLOS One.

وقال كبير مؤلفي الدراسة ديفيد إيرن، أستاذ الرياضيات في جامعة ماكماستر في هاميلتون، أونتاريو، لشبكة CNN: "تكشف هذه الدراسة عن أنماط تفصيلية لأمراض معدية بالغة الأهمية، على مدى فترة طويلة جدًا، أطول بكثير من أي عمر للإنسان".

ودرس باحثون من هاميلتون بكندا آلاف السجلات الأسبوعية التي توضح بالتفصيل وفيات الجدري في لندن خلال الأعوام من 1664 إلى 1930، وتوفر النتائج التي توصلوا إليها رؤى جديدة حول تطور الأمراض المعدية، توضح كيف أثرت الظروف المتغيرة على معدلات تفشي المرض وشدته.

الجدرى وتوقع مدىة بقاء الاوبئة

الجدرى وتوقع مدىة بقاء الاوبئة

 

كان الجدري -الذي قتل 30% من المصابين به، وترك الكثيرين غيرهم مصابين بالعمى أو التشوه- أحد أكثر الفيروسات فتكًا التي أصابت البشرية، وإذا تُرك الجدري دون علاج فإنه سيقتل ثلاثة من كل 10 مصابين به، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

وتسبب المرض في البداية في الحمى والقيء، تليها تقرحات في الفم، وطفح جلدي، وأخيراً ظهور بثور مدمَّلة مميزة تتقشر وتترك ندبات.

فهو واحد من مرضين فقط تم القضاء عليهما بنجاح، والآخر هو الطاعون البقرى، الذى يصيب الماشية وبالتالي يؤثر على الإمدادات الغذائية البشرية.

وقال عالم الرياضيات ديفيد إيرن من جامعة ماكماستر: "تسبب جائحة كورونا الحالية في زيادة الاهتمام بدراسة انتقال الأمراض المعدية وكيف يمكن لتدخلات الصحة العامة أن تغير مسار الوباء''.

في دراستهم، قام البروفيسور إيرن وأولجا كريلوفا، وهو أيضًا من ماكماستر، بدراسة أكثر من 13000 سجل أسبوعي لوفيات الجدري التي تم نشرها في سجلات لندن للوفيات والعائدات الأسبوعية للمسجل العام من 1664 إلى 1930.

وتمتد هذه البيانات إلى حقبة تبدأ قبل أي شكل من أشكال ممارسات الصحة العامة، من خلال إدخال كل من التطعيم بالجدري والتلقيح لاحقًا، وانتهاءً بالموت النهائي للجدري في لندن.

بيانات دراسة عن الجدرى
بيانات دراسة عن الجدرى

 

وكان العلاج بالجدري إجراءً حاول فيه الأطباء تلقيح الأصحاء عن طريق تعريضهم لفيروس الجدري المأخوذ من البثور أو القشرة الجافة لشخص مصاب، بدلاً من فيروس جدري البقر الأكثر اعتدالًا، والذى اعتمد عليه اللقاح لاحقًا.

وقال البروفيسور إيرن: "خلال الفترة الزمنية التي تغطيها البيانات تغير الجدري من خطر مرعب لا مفر منه إلى عدوى يمكن الوقاية منها بسهولة، فإدخال تدابير مكافحة أفضل، خاصة التطعيم، أدى بطبيعة الحال إلى انخفاض معدل وفيات الجدري والقضاء عليه في النهاية". ويشير التحليل أيضًا إلى أن زيادة استخدام تدابير السيطرة والتغييرات في سياسات الصحة العامة ارتبطت بالتغيرات في تواتر الأوبئة".

 

وتم التخلي عن ممارسة التجدير للجدري، حيث كان من الممكن أن يؤدى إلى إصابات خطيرة ومميتة، ويمكن أن يؤدى إلى تفشي الأوبئة الجديدة.

وطوال القرن الثامن عشر، كانت أفضل طريقة للوقاية من الجدري هي التلقيح، وهي عملية يقوم الطبيب من خلالها بإدخال بثور الجدري، ربما من جرب مريض الجدري إلى جلد شخص ما.

في عام 1796 اخترع الطبيب والعالم الإنجليزي إدوارد جينر لقاح الجدري، ومع ذلك كان تطعيم جميع السكان في الواقع احتمالًا مختلفًا، وارتفعت الأوبئة بشكل دوري في لندن خلال معظم القرن التاسع عشر، وأعلنت منظمة الصحة العالمية في النهاية القضاء على الجدري في عام 1980، مما جعله أول مرض بشري يتم القضاء عليه من خلال الجهود البشرية.

 

3d6e37a6c8.jpg

الآثار المترتبة على Covid-19

تعتمد هذه الدراسة الجديدة على عمل إيرن السابق، والذي تضمن رسمًا لقرون من البيانات حول الأوبئة مثل الكوليرا والطاعون، ويقوم فريقه أيضًا بعمل مماثل مستمر حول تاريخ السعال الديكي والحصبة والحمى القرمزية.

وقال: "هذا البحث مثير للاهتمام في ظل الوباء"، مشيرا إلى أن الدراسة أظهرت أهمية مراقبة الصحة العامة لجميع الأمراض، وتابع: "نكتسب الآن رؤى حول أنماط انتقال المرض، بسبب الاحتفاظ بسجلات منتظمة لمدينة لندن على مدى مئات السنين".

ويمكن أن تكون هذه المجموعة الجديدة من البيانات مفيدة للباحثين المستقبليين لتكوين رؤى حول كيفية معالجة انتشار مجموعة من الأمراض، وهذا سبب آخر للبقاء متيقظًا، خاصة أن حالات تفشي جديدة يمكن أن تظهر حتى بعد ظهور لقاح.

وأوضح إيرن أن لقاح الجدري منع بالفعل انتقال العدوى وهو أمر بالغ الأهمية للقضاء عليه فعليًا، مضيفا: "ولا نعرف حتى الآن ما إذا كان مدى صحة ذلك بالنسبة للقاحات (Covid-19) التي ظهرت بالفعل".

591b9bedeb.jpg

بينما أثبتت لقاحات Covid-19 فاعليتها في تكوين مناعة ضد فيروس كورونا الجديد، ولا يعرف العلماء بعد ما إذا كان لا يزال من الممكن انتشار الفيروس بعد تلقى اللقاح أم لا.

ووفقا للباحثين، من الممكن أن يحصل شخص ما على اللقاح، ولكن يمكن أن يظل حاملًا بدون أعراض والعطس وما إلى ذلك، فلا يزال بإمكانهم نقله للآخرين.

وبحلول النصف الثانى من عام 2021 يصبح التباعد الاجتماعي والحجر الصحي والأقنعة أقل أهمية، ومع ذلك فإن تاريخ الجدري والعديد من حالات التفشي التاريخية، تُظهر أن Covid-19 يمكن أن يظل موجودًا، وينحسر ويتدفق فى المستقبل.


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع