سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 مارس 1924.. الأزهر يبدأ فى تكوين «تنظيم سياسى دين» فى المدن والقرى ويدعو لنقل الخلافة إلى القاهرة

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 مارس 1924.. الأزهر يبدأ فى تكوين «تنظيم سياسى دين» فى المدن والقرى ويدعو لنقل الخلافة إلى القاهرة
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 مارس 1924.. الأزهر يبدأ فى تكوين «تنظيم سياسى دين» فى المدن والقرى ويدعو لنقل الخلافة إلى القاهرة

ترأس شيخ الأزهر أبوالفضل الجيزاوى اجتماع «الهيئة العلمية الدينية الإسلامية الكبرى» فى الإدارة العامة للمعاهد الدينية بالأزهر، يوم 25 مارس 1924، لبحث مسألة نقل الخلافة الإسلامية إلى القاهرة، وانتخاب الملك فؤاد خليفة للمسلمين، بعد أن ألغاها مصطفى كمال أتاتورك فى تركيا يوم 3 مارس 1924.. «راجع ذات يوم، 25 مارس 2020».

 

وتذكر الدكتورة أمل فهمى فى كتابها «الملك فاروق والخلافة الإسلامية»، أن الاجتماع ضم كثيرين منهم، محمد مصطفى المراغى رئيس المحكمة العليا الشرعية، وعبدالرحمن قراعة ومحمد على الببلاوى، وعبدالحميد البكرى شيخ مشايخ الطرق الصوفية، ووكيلا الأزهر السابقان محمد حسنين ومحمد شاكر، ومديرو المعاهد الدينية ومشايخ الأقسام بالأزهر وغيرهم، ومن المدنيين، أمين سامى وأحمد تيمور من مجلس الشيوخ، وأحمد خشبة وكيل مجلس النواب، ومن النواب، محمد وحيد الأيوبى ورشيد رضا وغيرهم، وتولى السكرتارية الشيخ حسين والى، مفتش المعاهد الأزهرية.

 

أصدر الاجتماع بيانا نشرته الصحف يوم 26 مارس، مثل هذا اليوم، 1924.. يذكر أحمد شفيق باشا فى «حوليات مصر السياسية - 1924» إنه جاء فيه: كثر تحدث الناس فى أمر الخلافة بعد خروج الأمير عبدالمجيد من الأستانة، واهتم المسلمون بالبحث الكثير فيما يجب عليهم عمله قياما بما يفرضه عليهم دينهم الحنيف، لذلك رأينا أن نعلن رأينا فى خلافة الأميرعبدالمجيد، وفيما يجب على المسلمين اتباعه الآن وفيما بعد.

 

يضيف شفيق، أن المجتمعين عرفوا الخلافة أوالإمامة، وجاءوا على تاريخ خلع الخليفة عبد الحميد، وجعل الأمير عبدالمجيد خليفة روحيا فقط، ثم أنكروا شرعية خلافة هذا الأمير بهذه الصفة، وفرضوا أن ذلك كان غير مانع من شرعيته خلافته، ثم عطفوا على أنه لم يتم له نفوذ الحكم، وقالوا: وإذا فرض أنه تم له وصف الخلافة بمعناها الشرعى، فقد انحل عنه ذلك الوصف بعجزه عن القيام بتدبير أمور الدين والدنيا، وبعجزه عن الإقامة فى بلده ومملكته، وعن حماية نفسه وأسرته.

 

يذكر شفيق، أن المجتمعين استخلصوا من ذلك أن ليس للأمير عبدالمجيد بيعة فى أعناق المسلمين، ثم أتوا على الضرورة القصوى التى تستلزم وجود خليفة وإمام للمسلمين كافة، وقرروا أخيرا: لهذه الأسباب نرى أنه لابد من عقد مؤتمر دينى إسلامى يدعى إليه ممثلو جميع الأمم الإسلامية، للبحث فيمن يجب أن تسند إليه الخلافة الإسلامية، ويكون بمدينة القاهرة، فى شهر شعبان سنة 1343 «مارس 1952»، تحت رياسة شيخ الإسلام بالديار المصرية.

 

تحلل «أمل فهمي» البيان، وتستنتج منه، أن «الهيئة» ردت مفهوم الخلافة إلى أصل وضعه أيام السلطة العثمانية، وقررت صراحة أن الخلافة رياسة عامة فى الدنيا والإمام نائب عن صاحب الشريعة، صلى الله عليه وسلم، فى حماية الدين وتنفيذ أحكامه، وفى تدبير شؤون الخلق الدنيوية على مقتضى النظر الشرعى، وأن الإمام يتولى الحكم بالبيعة من «أهل الحل والعقد»، أو باستخلاف إمام قبله، أو بطريق التغلب وحده، وبهذا لم ترد مفهوم الخلافة إلى معناه السلفى القديم فحسب، ولكنها سكبت فيه ماء السياسة قراحا، ولم تفرق فى شرعية تولى الإمام، بين بيعة تجريها «الصفوة» وبين الحكم الوراثى، وبين التغلب والقهر، وإن استبعدت أسلوب الانتخاب العام.

 

تضيف «فهمى»: «أما سلطة الإمام الدنيوية فحددها البيان «لما كان صاحب التصرف التام فى شؤون الرعية، وجب أن تكون جميع الولايات مستمدة منه وصادرة عنه، كولاية الوزراء وكولاية أمراء الأقاليم وولاية القضاة وولاية نقباء الجيش وحماة الثغور»، وهى سلطات كاملة على الإدارة والجيش بجانب الفكر السياسى الذى بُنى عليه دستور 1923، فيما قرره من أن جميع السلطات مصدرها الأمة وأن الحكومة برلمانية.

 

تؤكد «فهمى» أن الهيئة شكلت مجلس إدارة للمؤتمر وسكرتارية عامة أشرف عليها الشيخ حسين والى، وتكونت لجان فرعية للخلافة فى المدن والأقاليم، فظهر بذلك أن تنظيما دينيا سياسيا جديدا يعمل على الانتشار وتكوين فروع له، ورأى الشيخ الظواهرى تأليف لجان الخلافة فى أنحاء مصر، كما رأى أن يكون الذين يدعون لتأليف هذه اللجان هم رجال الدين أنفسهم، وتقوم إدارة الأزهر ذاتها بهذه المهمة، فيكون شيخ الأزهر وشيوخ المعاهد وكبار العلماء هم رؤساء اللجان التى تقع فى مناطقهم، وكان الظواهرى شيخا لمعهد فى أسيوط، فألقيت إليه مهمة تأليف لجان الصعيد من بنى سويف إلى أسوان، وامتد نشاط الدعوة حتى وجدت لجان فرعية فى القرى حتى قرى مركزى دسوق وكفر الشيخ.

 

تكشف «فهمى» أن الوزارة الوفدية تحمست للفكرة فى بدايتها، ثم تراجعت بل حاربتها، لأنها أدركت أن القصر يستثمرها لتقوية كيانه السياسى على حسابها، وفى 25 مايو 1926 انعقد المؤتمر وحضره 25 مندوبا، وضم شخصيات من أقطار مختلفة.  


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع