ان الاحداث الكثيرة التى دارت على مدار الاعوام الطويلة كفيلة لاعطائنا جميعا عبرى جيدة وعميقة عن الحياة. وهذه الخبرة التي اكتسبناها انما حصلها كل واحد منا بمجهوده الفردى وبارشاد من الله. ان الحياة مليئة بالتجارب الجيد منها والسيء، ومنها الصالح والطالح ، كنا اطفالا في المعرفة حينما جمعنا بيت واحد، كنا فى الرضاعة تحت سقف واحد، يرفرف علينا جناح الابوة وحنان الابوين، بالقليل نأكل وبالدراهم المعدودات نعيش. نأكل الخبز والملح والمحبة تملأ صدورنا والسلام يعم علينا، والوئام يملك قلوبنا، والتفاهم يغمرنا، كنا على منضدة واحدة نتناول غذائنا ومن وعاء واحد نسترشق طعامنا،والكل كان هانئا في العيش، سعيدا في الشرة، ساعياً إلى الرزق مجتهدا في طلب العلم، وقليل من اللبس يكسو اجسادنا.
الشمس تشرق وتخرب، والسنون تمر وتهرب، والرضيع يحبو والشاب يكبر ويصبو، وليل يصحبه نهار مشرق، وامس تاريخ يكتب، وغد يزف مستقبل غامض مبهم، ومراحل الثبوت شائكة الطريق وعرة كلها، وطرقات الارتفاع والعلو طويل عبورها ومرير اتراكها، فالعصافير كبرت وقويت اجنحتها ومجرد طيرانها، انفردت بنفسها وانعزلت عن المجموع الواحد، فكونت مجموعات فردية، فكرتها ازلية بقاؤها كالريح، عندما تتعب تستريح، والشباب كبر وراح واصبح بعده كالمريخ، وكهل كالكسيح يرجو رحمة المسيح.
الطيور في عشوشها أسود فى العرين، ويبدأ الانسان يؤسس البنيان، ويسعى في كل مكان والرزق من الرحمن، دخله البسيط، وجهدة النشيط، يفتح بيته الصغير مفروشا بالحصير، ينعم بالقليل، ويستنشق نسيمه العليل، والليل والنهار ممنوء بالغبار، فيسهل شدو المزمار، ويصحب اتخاذ القارا. هذا هو الفقير في الدنيا هو الكبير من كثرة التفكير، في الصوم والصلاة الرب في التدبير.
وتدور عجلة الحياة، يتزوج الوحيد، رباط كالحديد، واثنان من الاولاد ترقص له الحياة، ودخله يزيد في كل عام جديد، وترى له الاجداد تنعم بالاحفاد، والكل لهم سعيد.
وتأتي الحروب، في الوطن وفي الدروب يغني كل طروب من سوء الاحوال، وتكتئب القلوب من كثرة الكروب، فالهجرة احسن دواء. تفرق الاحباب والاهل والاصحاب، والكل يصبح غريب.
ترتفع الأصوات ويكثر العويل، في المهجر في المعسكر روابط تتكسر، ارملة في السرير، بكاء الكهل مرير. فهل ماساة تزول ويهدأ فكر العقول. فهذا مستحيل ان تشفي العليل. فهذا غير مقبول. حقا غير معقول. فتفتح القبور. شهداء كالصخور أرواحهم بخور. فتجد الدمار يعم الدهور في هذا الزمان وفي كل العصور. وتهدأ نار الانسان لفترة من الزمان، بعده يكون الامان، فيسكن الشيطان. فيثور البركان يدمر المكان، حيرة تسود الفنان. ويقلب الزلزال اسس الجبال، وتبيت الوديان تعلو علي التلال.
فيصحو الوحيد، عصفور بلا تغريد، حياته تشريد، ويموت الوليد، امه لاتريد ان ترى المزيد من الم شديد. ويضيع الحب من قلب الام، ويزيد اللهيب فى صدر الحبيب والعالم اللبيب ايمانه غريب. فما بالك يا انسان من بؤس هذا الزمان، الله غفور حنان. فتعود الى الطريق وتأوى الصديق، تبدل الرداء وتغير الدعاء، وتنقي الوعاء ونفسك تستريح. ويعود الفقير بقلبه المليح يدعو الرحمن ويطلب الغفران. في الصيف في الخريف، في الحر في الصقيع، ينطق الرضيع ان يعمب الجميع للصلح والوآم، وحبك يدوم على مر الاعوام، وتلبس الصفاء ويعم السلام طولى السنين.
فما معنى الحياة في الآسى في البكاء، في الحقد والبغضاء، في الموت في الفناء. فيا من له الذكاء ابطل الرياء وامنح الدواء لطالب الشقاء فتصبح في هناء. فمن أذن يملك البقاء. فهل نملك حياتنا؟ فهل يمكن أن نطيل اعمارنا؟ فهل نعرف اقدارنا؟ فهل نقدر ان نغير مصيرنا؟ فاجتهد ايها الانسان في الاعمال الحسان وطهر اللسان واكثر الاحسان واغمر الازمان بالحب والحنان.
فحياتك على الارض قصيرة، وعينك للاحداث بصيرة، وشواهد المنتهى كثيرة. فتحلى بالمحبة وتسلح بالايمان. واطلب الارشاد من خالق العباد ان يرحم الاجداد ويلهم الاولاد ويبارك الاحفاد في كل البلاد. فتلتئم الجراح وينتهي الكفاح.
فضاء حرية شعواء، داء ليس له دواء، انسان ليس له غذاء، صحيح جسده ساء، والاقمار والنجوم شواهد، أموالك للبشر فوائد، وخيرك للجياع موائد، علمك اختراع زائد، حربك ابدا بارد، لاقلب حاقد، لاقوة مارد، لاجناح فارد، فانك انسان بائد، للخالق ايمان زائد للسرب انسان عابد، دائما له حامد.