أحمد محارم يكتب: زيارة إلى قبر السادات

أحمد محارم يكتب: زيارة إلى قبر السادات
أحمد محارم يكتب: زيارة إلى قبر السادات

عندما هبطت طائرة الرئيس الراحل أنور السادات في تل ابيب منذ 40 عاماً، تسبب ذلك في صدمة للجميع. وكان لكلمته الرزينة التي القاها في الكنيست أمام كبار المسؤلين الإسراءيليين وتابعها العالم من خلال شاشات التلفزيون دوياً شديداً حيث قال فيها: "إننى قادم إليكم اليوم من منطلق المنتصر الذى يمد يده بالسلام آملاًأن تكون حرب 1973 بيننا وبينكم هي آخر الحروب، وإننى لا أتحدث عن احتلال قواتكم لأرض سيناء المصرية فقط وإنما اتحدث عن كل شبر من الأراضى العربية قد تم إحتلاله دون وجه حق. أما عن القدس، فانها سوف تظل عاصمة لدولة فلسطين".

عاد السادات إلى مصر حاملاً معه مشاعر المنتصر الذى ذهب إلى أرض العدو والخصم عارضاً عليه فكرة أن نعيش جميعاً في سلام. في قول آخر، هو قد ألقى بالكرة في ملعبهم.

وفي ذات الوقت الذي فيه إستقبلته الجماهير في مصر بشكل أسطورى لأنه ألقى بحجر كبير في المياه الراكدة وأنه قد دعى إلى السلام وهو المنتصر، وان شعوب المنطقة من الأفضل ان تعيش وتنعم بالسلام وكفانا كراهية وحروب ليس لها معنى أو هدف سوى القتل والدمار وزرع الكراهية، كانت فرحة الشعب في إسرائيل لا تقل عن فرحة الشعب المصرى الذى عانى الكثير من جراء الحروب التي خاضها مدافعا عن قضايا أمته العربية.

أما بالنسبة للعواصم العربية، فقد تباينت فيها ردود الأفعال حول الزيارة، ولكن بعض المواقف للقادة والمسؤلين كانت أنهم ليسوا سعداء بجرأة وشجاعة الرئيس السادات، وكانوا يطالبونه بأن تستمر المقاومة، وأننا يجب أن نحارب إسرائيل حتى نقضى عليها أو نلقى بها في البحر.

وتمر الأيام وتثبت أن الحق كان مع السادات الذي لُقِّبَ ببطل الحرب والسلام عندما عبرت قواته المسلحة المصرية قناة السويس وخط بارليف الذي كان يعد أكبر مانعفي تاريخ الحروب في معركة السادس من أكتوبر 1973 ، وتقدمت قواتنا لتحرير سيناء وتسببت في صدمة أربكت العدو الاسرائيلى وافقدته توازنه في 6 ساعات من بداية المعركة. وباستمرار المعارك ومناشدة جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل في هذا الوقت لأمريكا أن تنقذها. وبالعل أرسلت أمريكا العتاد في شكل خط جوى مباشر حاملاً الدعم السخى والسريع من دبابات ومعدات حرب لنجدة إسرائيل.وعندها فقط وقف السادات في مجلس الشعب وقال أننى حاربت أسرائيل ولكننى لا استطيع ان احارب أمريكا وطالب الأمم المتحدة بوقف القتال.

وأتذكر أن الكاتب الصحفى الأستاذ أنيس منصور كان مقرباً من الرئيس السادات في ذلك الوقت، وان الرئيس كلفه بمهام مكوكية يذهب فيها إلى إسرائيل ويلتقى بالشخصيات الهامة من أجل نقل رسالة أو وجهة نظر مما يتيح الفرصة للرئيس السادات ان يتعرف على طريقة تفكير العدو وردة فعله.

"أوراق السادات"! كان هذا هو العنوان الذى سيحمله غلاف أهم كتاب كتبه أنيس منصور في مشواره الذي بلغ أكثر من 245 كتاب. وفعلاً كان أهم الكتب وتم إعادة طبعاً عدد من المرات ليس بالقليل. ويشير أنيس منصور في كتابه إلى المعاناه التي تحملها السادات على المستوى الرسمي والشخصي من قيادات عديدة في المنطقة العربية عندما تزعم صدام حسين مع ياسر عرفات المقاطعة، وتم نقل الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس. كما أشار إلى كيف طلب السادات بإلحاح من ياسر عرفات أن يحضر ويجلس إلى طاولة المفاوضات في فندق مينا هاوس بالقاهرة وظل كرسى فلسطين شاغراً واتهم عرفات السادات بالخيانة.

واليوم، بعد مضي أربعين سنة، ونرى في ذات الوقت مرور 100 عام منذ وعد بلفور 1917 حتى وعد ترامب 2017 ، ونجد اننا قد إقتربنا من خسارة القدس فعلياً كعاصمة لفلسطين، أعتقد أننا في في حاجة إلى أن نقوم بزيارة قبر السادات ونترحم عليه، ونقرأ له ولنا الفاتحة. 

أحمد محارم - نيويورك