كفتا ميزان بقلم ماري كلير

كفتا ميزان بقلم ماري كلير
كفتا ميزان بقلم ماري كلير
 
 
 
 
لعوالم الروح وإبداعاته درجات وأفق لا يطالها العقل الواعي , فهي أرقى وأعلى من العالم المادي المحسوس. أما الوصول إلى ذروتها فليس بالأمر السهل وحين تختبر اتساع ذاك العالم لن يعد يرضيك إلا أن تعيش في سماواته.
ابتدع الإنسان عبر حضاراته العديد من الطرق المختلفة للوصول إلى حالات الفصل عن الواقع , إما بالتنسك أو بالتعبد أو بالطقوس والترانيم او بالرقصات كالمولوية والرياضيات مثل اليوغا ودرجاتها : حيث يدخل الشخص في حالة من الفصل عن الواقع المحيط به منشدا حالة من الخدر التي تجعله ينطلق إلى عوالم أبعد ما تكون عن الواقع.
فلماذا يستهوي البشر ذاك الخدر ولماذا البعد عن الواقع وتفاصيله غدى فسحة للراحة واستعادة للذات؟
كلنا نعلم أن مطبات الحياة ليست سهلة وأن التعامل معها يستنزف طاقاتنا , لكن لا بد لنا من الاستمرار .
يقول المحللون بأن اللجوء إلى هكذا حلول والدخول في حالات التأمل العميق إن كان من خلال اليوغا او الرقصات كالمولوية أو التنسك وغيره من أساليب البعد عن الواقع يساعد الدماغ البشري بالانطلاق إلى مستويات أعلى من التي اعتادها في روتينه اليومي  حيث بتكرار حركات رقص أو رياضة معينة او بترديد ابتهالات وتكرارها أو بغيره من وسائل الفصل عن الواقع تحصل حالة من الخدر مما يساعد الدماغ على الانطلاق بشكل مختلف ضمن تقنية غير معتادة ليختبر الشخص حالات ايجابية لا تمت للواقع بصلة إلا أنه حين الانتهاء من خبرته تلك يعود لواقعه متجددا وأكثر قوة طبعا إلا إذا أختار البعد الدائم وذاك ما يسمى بالتنسك.
نحن البشر قد منحنا الكثير من الميزات وأن عوالمنا الروحية غير محدودة على نطاقات مختلفة فهل اختبرنا كل ما منحنا أم أن محدودية مادية الواقع المحيط وروتين يومياتنا أصبح دائرة مغلقة نعيد تكرار دوراننا ضمنها إلى أن ينتهي رصيد أيامنا؟
هما كفتا ميزان لا بد وأن يتأرجحا إلى أن يصلان إلى مرحلة التوازن والأكثر حظا هو من ينعم بعيش التجربة.
قد تكون وسائل الفصل لغايات تأملية او تعبدية أو للهروب من ألم إلا أنه يبقى حاضر في اللاوعي أن ذاك مجرد استراحة وأن واقع موجود لا بد لك وأن تتعامل معه, فلا ضير من إستعادة شحن الذات والتلذذ بما منحنا من نعم لطاقاتنا.
ألقاكم في العدد القادم مع الرجاء بتقبل أسفي عن عدم تمكني من إجراء حوار مع محامية الهجرة كما وعدت في العدد السابق لظرف خارج عن إرادتي.