د. حنان فهيم تكتب : ١٢٠_ الغضب

د. حنان فهيم تكتب : ١٢٠_ الغضب
د. حنان فهيم تكتب : ١٢٠_ الغضب
 
ما أكثر هذه الكلمات "لما أتعصب ابعد عنى، مش بشوف قدامى لما أغضب، لما أتعصب بكسر أي حاجة في وشيء، لا تأخذ على خطرك منى أنا لما أغضب لا أعمل حساب لحد" ونعتبر هذه الكلمات مبرر المفروض من يتعامل معي يلتمس العذر ولا يزعل منى لأنى كنت خارج السيطرة على نفسى ولذلك نجد في الامثال "حاكم نفسه خير من حاكم مدينة" فمن المهم ان تعرف تقود نفسك وتسيطر على مشاعرك وهذا لا يعنى ان تعيش في كبت المشاعر فهذه لها خطورة أيضا ولكن ان تتعلم كيف تدير مشاعرك وتعبر عنها فالفرح له طريقة ووقت للتعبير عنه وأيضا الحزن والغضب فكل من ذلك مشاعر من حق الانسان ان يعبر عنها.
   الانسان كائن حساس كله مشاعر ويترجم الى طاقة يستخدمها في حياته وعندما يستهلك نفسه في الغضب والاضطراب يؤثر عل طاقته وتصرفاته وسعادته فالإنسان في أمس الحاجة في التخلص من الغضب وأن يعيش في هدوء وسلام.
 
فالغضب من الد أعداء الانسان فهذا يستنفذ طاقة الانسان ويبعد عنة السلام والسعادة وتصبح الحياة حمل صعب ان يحتملها أي انسان بسبب الغضب ، فمعنى كلمة غضب ينفخ او ينفعل او يرتبك فهي مثل حلة الضغط عندما تغلى ما بداخله يبدئ البخار الخروج بقوة ويخرج معها صوت من شده البخار وإذا حصل خطء وفتح الغطاء يتحول الى انفجار مدمر لكل شيء حوله، وأيضا يشبه الغضب الاضطراب فهي تعيد للذاكرة صورة طفل مريض في اثناء الليل يزعجنا بصراخة المتقطع ولا يكاد يسكت حتى يبدئ من جديد، فالإنسان الان في امس الحاجة من التخلص من الغضب والاضطراب فهم يسبب الكثير من الامراض والاحساس بالضغط النفسي فالإنسان خلق ليعيش في سلام وهدوء نفسى نتيجة العشرة مع الله.
أن الغضب طاقة ينتجها الجسم لابد من تصريفها كي يتوازن الجسم ويرجع الى حالته الطبيعية، فمن هذا المنظور يجب تصريف الطاقة الزائدة المتكونة وإلا ستؤدى الى اختلال بدنى وعقلي، ينشأ الغضب كرد فعل لتهديد بدنى او تهديد يعيق تحقيق رغبات وتوقعات الشخص في أمور الحياة جميعها.
حينما يندفع العقل بدون نظام من فكرة سلبية الى أخرى فيسبب له الكثير من النكد فمثل هذه الأفكار الزائدة الغير إيجابية تنجم عنها زيادة التنبه والاثارة وهذه تنفث في الجسم سموما ضارة وتسبب كثير من الامراض، وينتج عنها شعور بالإعياء وخيبة الامل حتى اننا نغضب ونضطرب لكل ما يدور حولنا، فاذا كانت تظهر أعراض على الجسم من الخارج نتيجة الغضب فكم وكيف يكون تأثير ذلك على جوهر الانسان وهى الروح، فلا يستطيع الانسان ان ينعم بالسلام اذا كان يعانى من الغضب ويسير بعجلة وسرعة في رتم الحياة فالله يرفض ان نسير في الحياة هذه الصورة بل يقول "سيروا بهذه السرعة الحمقاء، اذا رغبتم في ذلك، وحينما تنهك قواكم فسأمد لكم يد العون، ولكنى أستطيع أن اجعل حياتكم سعيدة اذا خفضتم من سرعتكم الان، وكنتم تحيون وتتحركون وتوجدون في" فالله يتحرك في الهدوء والسكون التام، أن الله ينجز أعماله في احسن صورة بدون عجلة فهو لا يغضب ولا يضطرب وهو يقدم لنا الهدوء والسلام.
وعن أسباب الغضب منها الإحباط عندما أتمنى شيء ولا أقدر على تحقيقه، لما أحس إن حد جرحني وضايقني، عندما لا تسدد احتياجاتي النفسية، وأيضا عندما لا أرى نعم ربنا عليا وأكون غير شاكر، عندما أنظر ما في يد الاخر وأركز على ما ينقصني، عندما أتعرض للكثير من الاحداث المؤلمة ولا أستطيع التعبير عنها أكون سهل الغضب، وأيضا أنانية الناس وكبريائهم، لما أحد يتدخل في شئوني، وعندما أخاف، وعندما اشعر بالظلم من الناس.
وأيضا من أسباب الغضب القتلة الثلاثة وهم اللوم والنقد والمقارنة فعندما يتعرض الانسان الى اللوم يجعله يشعر انه ضحية وهذا هو السم الداخلي الذى يحدث للإنسان ويجرى في عروقه ويخزن بعمق في داخله وهذا يؤثر مباشرا في التقدير الذاتي للإنسان، القاتل الثاني النقد فعندما يتعرض الانسان  للنقد يخرج رد فعل عنيف لأنه يتعامل مباشرة مع المفهوم الذاتي للشخص الاخر الذى يحتوى على قيمة واعتقاداته ومبادئه وبأن الشخص ليس عنده قيمة وأنه أقل من الشخص الاخر، القاتل الثالث وهو المقارنة وفيها المقارنة بين الشخص ذاته وبين الاخرين، المقارنة بين ماضي وحاضر نفس الشخص، المقارنة بين شخص وأخر، فالمقارنة تجعل الانسان يشعر بعدم التقدير وانه اقل من الاخرين وذلك يسبب له الشعور بالحقد والغضب نتيجة المقارنة، فالقتلة الثلاثة سم قاتل ينتج عنها غضب كبير وحرمان الانسان من السعادة والسلام ويسيطر عليه التفكير السلبى، ولذلك من المهم جدا لا يتعرض الطفل منذ الصغر للنقد واللوم والمقارنة فهو يولد لدية شعور الغضب ولا يعرف كيف يعبر عن ذلك ويكبر وهو يعادى كل من قام بذلك منذ الصغر، فالغضب في بعض الأحيان يكون مؤشر لشيء اكبر داخل الانسان ولا يستطيع قول ما يخبئه ولكن يتعصب دون ان يربط ما بداخله والتعبير بهذه الطريقة. 
ما هو الغضب : يقول ستيف بيدولف "إن الغضب هو أحد المشاعر الأساسية الأربع (الغضب- الخوف- الحزن- السعادة) وتأتى بقية المشاعر من امتزاج نوعين مختلفين من المشاعر الأساسية، مثال الغيرة هي امتزاج الغضب والخوف، فالغضب مشاعر وكلمة مشاعر تعنى طاقة (حركة) للخارج، فالغضب الم يصاحبه صراع ، الم يريد صاحبة ان يتخلص منه ويخرجه الى الخارج ويعبر عن كل ما بداخل قلبه من مشاعر ضيق وغيظ والم وعقل يحاول ان يسيطر على لسانه حتى لا يفتش ما بالداخل فالعقل يعرف ويقدر الخسائر التي ممكن ان تحدث عندما يعبر عما بداخله وهذا الكبت لا ينجح ولا يستطيع الانسان ان يحبسه كثيرا فالنفس تشبه بالونا كلما نفخت تكبر ثم تكبر ولو ذاد عن الحد المناسب تنفجر فكلما زادت الاستفزازات والالام فيه تنفجر ويحدث ما لا يحمد عقباه والحل لذلك لا تنتظر حتى الانفجار ولكن قوم اول بأول في تفريغ ذلك حتى لا تنفجر، فالغضب مشاعر إنسانية وعندما أوجهه صح يصبح شعور أنساني راقي، والخطأ في التعبير يحوله لشيء غير أنساني.
فهناك نوعين من الغضب واحد مقبول وصحي والأخر مفروض وغير صحي فالكثير لا يعرف ان يعبر عن الغضب نتيجة لكبت المشاعر في الصغر فالطفل يسمع جمل كثيرة مثل لا ترد.. لا تنطق.. لا تبكي.. لا تتكلم.. لا تتنفس، ولا تتنفس تعبر عن التهديد بسحب الحياة إذا غضبت وعبرت عن غضبى، فالغضب أنواع ودرجات والمشجع ان التغيير والانتصار على الغضب يرفع الانسان لدرجة الجبار في الامثال "البطيء الغضب خير من الجبار" والحكم الإنسانية تقول: (تغلب المرء على غضبه هو انتصار على ألد أعدائه) بوبليليوس سيروس وفى سفر الامثال "ومالك روحه خير ممن يأخذ مدينة" فالنفس بكل ما فيها من طاقات ومواهب وملكات أعظم من أي مدينة فهذه دعوة عظيمة لأي انسان ان تمتلك مدينة نفسك على جبل الهدوء.
هناك غضب خطية واخر غضب نتيجة ، فالغضب الخطية وهو الغضب الشديد مع الإصرار عليه حتى يحقق مكاسب من الاخرين نتيجة تخوفهم وجعلهم يخضعون تحت تهديد الغضب وهنا يقصد الغضب الشديد المصحوب بعنف أو رغبة بالانتقام وهؤلاء لا يشعرون بصراع داخلي بين الخير والشر فهم يريدون الشر عن قصد ونصرو الشر على الخير، فرغم ان الغضب يحقق مكاسب كثيرة للأشرار ولكن الوقت والزمن كفيل بإلحاق الخسارة بهم وأيضا يتولد داخل المظلوم الحقد والمرارة ويبحث عن فرصة للانتقام من هؤلاء وهذا خطأ كبير يقع فيه المظلوم ويجب أن يعرف جيدا أن الله أمين وعادل فهو يتمهل على الأشرار ولكن لا يترق حق المظلوم، فالمظلوم عندما يترك الله يتصرف ويحافظ على سلامة وهدوءه الشخصي افضل لحياته وصحته ووقته ورسالته في الحياة والله قادر على كل شيء، والظالمين  يخسرون ربنا جدا لان الله محب للضعفاء والمساكين ومحبين الوصايا والبعيدين عن الخطية، ويقول الفيلسوف لولزار (القوة الحقيقية ليست في البحر الهائج الذى يحطم كل شيء، بل في الصخرة التي تصمد في وجه كل شيء).
التعبير الصحي عن الغضب باستخدام العتاب ، فالعتاب يأتي من قلب محب قادر على التحدث بكلمات رقيقة وبها حرص على التواصل والتخلص من أي شيء مؤلم من الطرف الاخر، العتاب بالمحبة فهي لا تتسرع أو تتعجل الغضب فهي تنتظر لتتفحص الامر وتتأكد ثم تعاتب في الوقت المناسب، فالمحب انسان حنون وشفوق في عتابه، ولا تحسد فيفحص الانسان نفسه هل هو غاضب فعلا من تصرف اخوة ام هو يغير ويحسد أخيه ويتصيد له الخطأ، يعاتب بتواضع لربح نفس أخيه و لا يتحدث بغرور وكبرياء كأنه يتفضل ويتنازل من مركزه ، فالأفضل ان أقول أنا جرحت من كذا وليس أنت جرحتني في كذا .
فالمطلوب تأجل غضبك وتسمع جيدا والتمس العذر للأخر وتفهم ظروفه واستخدم الجواب اللين فيهدئ الغضب للمستمع والمتكلم أيضا فهناك مبدأ في علم النفس يقول أن السلوك يؤثر في الوجدان فعندما أتكلم بهدوء سيؤدى إلى إحساس القب بالهدوء.
اهم طريقة للتخلص الانسان من الغضب نجدها في الهدوء والاسترخاء في مكان هادئ بعيد عن الصراخ والصوت العالي، لكى تجرب هذه الحياة عليك تقلل سرعتك وان تقلع عن الغضب والاضطراب عندما تستمتع بالهدوء تشعر بوجود الله كما يقول المثل: "أترك المياه العكرة فترة فأنها تصبح صافية"، فيعتقد بعض الناس ان الحياة تقف على وجودهم وان لم يعمل ذلك لا تمشى الحياة وهذا غير صحيح فكثير من الناس التي رحلت عن عالمنا كانوا يعتقدوا ذلك ولكنهم الان في المقابر والحياة مستمرة ومن الممكن ان تكون افضل بكثير من وجودهم فعلى الانسان ان يصدق ذلك وينظر للحياة بطريقة أخرى فكل شيء ممكن ان يتم باي طريقة فوجودك او في عدم وجودك ولذلك يجب ان يختار الانسان أولوياته بعناية جيدة، فقد قدم طبيب وصفة جميلة لمن يظن الحياة تقف عليه فقد طلب منه ان يقضى ساعتين كل يوم في عمل تمارين رياضة في أي مكان وان يقضى نصف ساعة كل أسبوع في المقابر لكى يتجول وسط من رحلوا عن العالم فكثير منهم كان يظن ان العالم يقف على وجودهم كما تظن انت، ومن التمرين المهمة في التحسن" اجلس في استرخاء تام على أريكة او على فراش وفكر في كل عضلة مهمة في جسمك من أخمص القدم الى هامة الرأس: وقل لها: "أن سلام الله يغمرك" ثم مارس الشعور بأن هذا السلام فعلا يغمر جسمك بأكمله، وعلى مر الزمن ستتنبه عضلاتك ومفاصلك الى هذه الحقيقة، فسر في هدوء فكل شيء تريده سوف تجده في انتظارك، فسوف تصل بدون اجهاد او ضغط واضطراب اذا سرت حسب ارشاد الله، ومارس الهدوء العقلي وتعلم كيف تتخلص من كل أثارة عصبية، ولكى تفعل هذا يجب أن تتوقف في فترات وتؤكد لنفسك قائلا : " إنني الان اتخلى عن الاثارة العصبية، انها فعلا تفارقني. إنني الان أعيش في سلام". ولا تضطرب ولا تغضب وتعلم كيف تعيش في سلام، ولكي تحصل على السلام ركز في افكارك ان تكون أفكار إيجابية فاجلس في هدوء وتسمح للأفكار التي تمنح السلام ان تمر في عقلك فاستمر في حالة هدوء لمدة عشر دقائق فتعيد الهدوء الى نفسك وتجدد حالتك النفسي وتجعل الهدوء يدخل الى نفسك.
هناك بعض التمارين التي تساعد على اقتناء السلام والتمتع به منها أولا اجلس في سكون تام وهدوء ولا تحرك أي شيء في جسمك ثانيا عليك ان تفكر في الهدوء ذاته لان الجسم يستجيب في حساسية لنوع الأفكار التي تسمح لها بالدخول الى العقل، ثالثا اقضى ثلاث دقائق تتذكر فيها أجمل المناظر التي مرت بك، وحاول ان تنعش هذه المناظر في الذاكرة، ردد بهدوء كلمات توحى بالهدوء والاطمئنان وتامل فيها، فكر في مواقف شعرت خلالها بحضور الله في حياتك وعنايته بك وردد بعض الكلمات مثل "الى الان رعتني قوتك، وبدون شك ستستمر في قيادتي" 
فالحياة جميلة وخلق الله الانسان للاستماع بها وليس للغضب والضرر ليا وللغير ربنا يعطى الجميع نعمة ومحبة والحياة في هدوء.
اتمنى للجميع حياة سعيدة مع مهارات التنمية البشرية التي من خلالها تقدر تغير حياتك عندما تكتسبها ولدروسنا من التنمية البشرية بقية .........