رؤى جوني تكتب : المجتمع العربي إلى أين ؟

رؤى جوني تكتب : المجتمع العربي إلى أين ؟
رؤى جوني تكتب : المجتمع العربي إلى أين ؟
 
في حلقة في إحدى المحطات التلفزيونية، يسأل مقدّم البرنامج إحدى الأم أوهات، لم رميت ابنك وعمره شهر ونص في الشارع؟
ترّد الأم: لأني لم استطع تأمين الحليب والطبابة له.
يقول المقدم: هل ندمت بعدها ؟
أجابت : لا
ثم يسألها: لم لم تعملي على تحديد النسل طالما لديك ثلاثة أطفال غيره؟
أجابت ببرود: وهل يجب علينا قطع ذريتنا؟
وتابعت سأستمر بإنجاب الأطفال مثل غيري!!
في مواقع التواصل انتشرت صورة الطفل الذي يقرأ في حاوية القمامة كتابا وجده داخل الحاوية وهو بقمة الاستغراق.
حين سأل : لماذا تركت المدرسة ؟
قال : كي أساعد في إعالة والداي وإخوتي !!
في أي وقت تسير في شوارع مدينتك سترى أطفالا بالعشرات يتسولون .
إنها ليست حالات اجتماعية استثنائية وطارئة، بل حالات تتفاقم ومشاكل تنذر بمستقبل خطير فوق الخطر المدقع المسيطر حاليا.
إن الجهل المترافق مع الأعراف والتقاليد السائدة التي تشجع على زيادة الأبناء كسند وداعم للأهل والعائلة مستقبلا، أمرا لم يعد مقبولا بعد أن ثبت العكس، بسبب المعاناة   والحالة التي تعيشها غالبية  الأسر العربية،  فبنظرة يومية على وسائل التواصل وعلى البرامج التلفزيونية أو متابعة الحالات الاجتماعية المستفحلة، سنجد أن الولد بدلا أن يكون سندا أصبح عالة أو بأحسن الأحوال ضائعا في مجتمع أصبحت تحكمه المادة في أغلب مجالاته، أو متروك ليربيه الشارع بطريقته وبشكل مناف لكل القيم والسلوكيات الصحيحة.
يشهد العالم المتقدم انخفاضا ملحوظا في معدل الخصوبة ( المواليد) وسوف يشهد عدد السكان في عشرات الدول تراجعا ملحوظا في أوروبا وأميركا وكوريا الجنوبية وغيرهم.
 وقد شهدت الصين تراجعا في عدد السكان وصل لنسبة الثلث وفق آخر إحصاء سكاني   فيها.
ويقدر بان الخصوبة عالميا سوف تنخفض بنسبة 2،2 % بحلول 2050
إن لانخفاض عدد السكان ميزات ايجابية كثيرة عامة في حال تم ضبطه، وعدم هدر الطاقات الشابة فيه، تلك المزايا الايجابية تتعلق بشكل عام بانخفاض نسبة التلوث، وقلة نسبة البطالة في العالم، وبالتالي التحسن في الأوضاع الصحية والمعيشية والمخرجات التعليمية والاقتصادية.
لكن ما يحدث في الجانب الآخر من العالم في الدول النامية، أو المتخلفة أو التي تعاني أصلا من الحروب والمجاعات والظروف الإنسانية السيئة، أمرا معاكسا لأن نسبة الخصوبة فيها مرتفعة، وتشير دراسة أعدتها جامعة واشنطن بان عدد السكان العرب سوف يصل من 425 مليون نسمة حاليا إلى 749 مليون نسمة عام 2100 أي أكثر من عدد سكان الصين ..
السؤال البديهي الذي يجول بفكر أي شخص يراقب الواقع ويدرس الأرقام هو:  إلى أين يتجه الواقع العربي المتصدع أصلا اقتصاديا وإنسانيا واجتماعيا في المستقبل ،في ظل القنابل السكانية المتفجرة ؟
إذا حاولنا الاقتراب من المجتمع العربي فسوف نلاحظ دون بذل أي مجهود يذكر أن الفئة الأكثر إنجابا، هي الفئة الأقل تعليما وثقافة والأقل قدرة اقتصادية .
هذا ولّد و يولّد إحباطا عند المواليد الذين أصبحوا شبابا أو على الطريق، حين يدركون آفاق مستقبلهم ويفهمون واقعهم، وغالبا ما تكون النتيجة بعد ذلك، مشاكل اجتماعية عميقة، حيث يستفحل يوما بعد يوم كمشاكل الإدمان والاغتصاب والقتل والسرقة في ظل غياب السند والدعم والثقافة والتربية والتعليم .
ربما يعتبر البعض أن هناك جورا في الكلام، فليس من المقبول  بالنسبة لفئة كبيرة من المجتمع، طرح فكرة الحد من الإنجاب أو تنظيمه، هذا  المجتمع تشرب قيما دينية واجتماعية تتفاخر بالكم دون أن تعرف الكيف،  والنتيجة أن الشارع  أو التطرف أو الإجرام يأخذون دور الوصي على تنشئة أجيال كاملة .
إنها ليست نظرة سوداوية للمستقبل، فالواقع يتحفنا كل يوم بقصص تشيب لها الولدان، ولم تكن يوما تخطر على بال   سابقا، مشاكل دخيلة على قيمنا ومجتمعنا ونفوسنا، كرؤية المواليد الجدد في مكبات النفايات، والأرصفة، أ و     الجرائم المروعة التي يرتكبها الشبان بهدف السرقة أو الاغتصاب تحت تأثير الإدمان، أو المشردين من الشباب والأطفال الذين يتزايدون يوما بعد يوم في كافة المناطق، أو رمي الأبناء لوالديهم في الشارع أو في دور لا تؤمن احتياجاتهم.
نجد مثلا أن مخيمات اللاجئين تغص بالأطفال الذين هم أقل من عمر الحرب أو الأزمات بكثير، ورغم التعاطف الكبير من قبل الجميع تجاه واقعهم الأسود الذي يعيشونه، لكن   الملاحظ بان عدد الأطفال في المخيمات هي النسبة الأكبر من سكانه رغم أنهم أصغر من عمر الأزمات والحروب التي مرت على بلدانهم.
السؤال الكبير: لماذا لا تعالج الأسباب المؤدية الى هذه الكوارث بصورة أكبر، والاهتمام بالنتائج المتولدة عنه؟
هذا سؤال ينتظر الإجابة من   أصحاب القرار في  الدول والحكومات والمنظمات وواضعو القوانين والأنظمة.
العواطف لا تنفع عند وقوع الكارثة، الأطفال يستحقون غداءا ودفئا وتعليما وفق كل الأعراف والحقوق وحسب قوانين المنظمات العالمية، من الأنانية وربما من الجرام دون مبالغة أن ينتظر الأهل المقبلون على إنجاب المزيد والمزيد من الأطفال أن يتربى أولادهم على ما يأتي به علم الغيب أو على التبرعات من هنا وهناك أو إرسال   أولادهم للتسول وعماله الأطفال
لا نبالغ جين  نقول أن نسبة كبيرة جدا من أطفال اليوم ويمثلون الأغلبية، هم قنابل موقوتة يشعل فتيلها المجتمع والظروف ، وإذا لم نطفئ هذا الفتيل بإيجاد الحلول الاجتماعية الاسعافية عبر تضافر جهود جميع المؤسسات الاجتماعية الحكومية والجمعيات الأهلية والإرشاد النفسي والأسري وتنظيم الأسرة، فلا أمان في المستقبل القريب.