حيدر الأديب يكتب : تنميط جملة النهاية القصصية / الصيغ والوظائف .. قراءة في نماذج من مجموعة حين يبتسم الضفدع لمهدي على ازبين

حيدر الأديب يكتب : تنميط جملة النهاية القصصية / الصيغ والوظائف .. قراءة في نماذج من مجموعة حين يبتسم الضفدع لمهدي على ازبين
حيدر الأديب يكتب : تنميط جملة النهاية القصصية / الصيغ والوظائف .. قراءة في نماذج من مجموعة حين يبتسم الضفدع لمهدي على ازبين

يحدد الدكتور ثائر العذاري تقنيات النهاية بأربعة هي قتل البطل وفرض الواقع وكشف الوهم وتهريب البطل ويذكر ان تلك التقنيات محدودة للغاية ونحن لا نذهب معه في هذا ذلك ان 
جملة النهاية هي مسار دلالي خاص يقلص من ممكنات توزيع وجهات الفعل الى حيز ذات سيرورة تدليلية لا تختص فقط بما يولدها من مجريات القصة بل هي مؤسسة على أيديولوجيا المعنى التي يوضحها إليزيو فيرون بانها ليست سجلا لمضامين الإرادة والمواقف او حتى التمثيبلات بل هي قواعد لتوليد المعنى أي استثمار للمعنى في مواد دالة ولا يمكن تبعا لذلك تحديدها من خلال المضامين 
يرى الناقد ياسين النصير ان جملة النهاية ذات طبيعة ثقافية معللا ذلك نتيجة للتغيرات البنيوية الكبيرة التي جرت على المجتمعات والانسان وهذا التصور ينسجم والتوجه العام لمجموعة حين يبتسم الضفدع المبنية على النظام الزوجي (جملة بداية – جملة نهاية) تتغير بينهما اشكال ومواقع الذروة وفق نظرية النصير التي يرى بان الذورة بنية متميزة في سياق القص وليست مكانا له جملته الفنية الخاصة به وقد تأتي هذه البنية في نهاية القصة أو في قسمها الأول أو في منتصفها أو في مكان يصل الصراع فيه الى ذروته 
يختلف تصور العلاقة بين جملة البداية وجملة النهاية فثمة من يرى ان هذه العلاقة ليست مباشرة انما (البداية تعطينا نمط الصراع فقط. وهذا يقود الى تحديد مجال توقعاتنا / د ثائر العذاري / نظرية القصة ) وهذا ما نلاحظه في  قصة متاهة وقصة سيارة x سيارة ذات العنوان اللافت حيث تتبنى البداية توضيح نمط الصراع بين الزوج وذاته وبين الزوج وبين زوجته التي يناقل مفهومها الى مفهوم السيارة وبالعكس كما يظهر من تضاعيف القصة وفي هذه المقدمة يتحدد مجال التوقع للنهاية ولكنه توقع اتخذ له مجالا في السيرورة التدليلية لا كحجم مضموني  حيث انتهز الوصف توليد المعنى حيث يلتقيان بعد انقلاب السيارة ببرهة مروعة ..يرتدي بدلة انيقة مع فردة حذاء يعرج وهي ترتدي فستان سهرة حافية  يصأصئ ( زوجتي ... سيارتي ) وهي تتأوه ( سيارتي ... حذائي ) 
هذه الجملة هي صيغة استعارية تترك للمتلقي بناء المعنى لهوية الزوج والزوجة ضمن ابعاد ثقافية في صلب العلاقة والمعاشرة والتوجه 
في قصة العصا البكماء يختلف بناء العلاقة بين جملة البداية وجملة النهاية فكلاهما وجه للقصة التي تروي تاريخا مخبئا في حديث البطل عن ذاته وعن صديقه عبر تعابر شعري وصفي مستنطقا الوسيط (العصا) الذي تحركت عليه الذروة في عدة أماكن مخادعة بحيث تنمو جملة النهاية ونرى ان الجملتين (تحملان نوى النص كله ولكن بطرق متباينة وجدلية فاذا كانت الجملة الاستهلالية تبتدئ ثم تخبر فان جملة النهاية تخبر ثم تبتدئ هي جزء من الخبر لكنه الجزء الذي لا يفصح عن مكوناته الا في اخر النص / ياسين النصير – ما يخفيه النص) 
ومن جماليات هاتين الجملتين ان البداية كانت حوارا والنهاية كانت حوارا ولم تكن هنا جملة النهاية صيغة استعارية بل قيمة استعمالية (إنك مشكول الذمة حتى تقوم الساعة) هذه الذمة لها طعم النخلة المسروقة على إيقاع تاريخ العصا (يشير الى عصا معي من يعينني / تستقر العصا على كتفه / يستند الى عصاه / يشخص بعينين زائغتين ينقلهما بين العصا المطروحة ووجه صديقه / يشير الى العصا / تستقيم العصا / تترنح العصا) ان هذا الزخم المتوالي للعصا حمل على عاتقه توزيع الذروة وكواليس بناء جملة النهاية 
من هنا نرى ان الجملتين اما تفتح أحدهما افق الأخرى أو هما منفصلتنان أو يتم السير معكوسا كما في قصة شهادة مع وقف التنفيذ التي أرى ان البداية احتلت اخر سطر ومثلها قصة نجوم تتسامى ومثل هذه الأبنية الاسلوبية تبتغي السير في المعنى لا السير في الحدث 
بعض القصص تبقى مستمرة وتكون النهاية بمثابة موجه مضموني في المرتبة صفر والغاية منه بقاء استمرار الذروة كما في قصة لوحة / تتطاول كفه لتصل الى خدها تنحرف الدراجة يسقط في ماء النهر وتسقط الدراجة فوقه وكذلك في قصة علاقات متقاطعة / تأخذ الصحن والكيس تدخل الباب يصطفق خلفها خرطوم الماء يتلوى على أرضية الحديقة الماء ينساب الى اسفلت الشارع 
في قصة تضاد ومتاهة وتأبط ألما تلجأ جملة النهاية الى الاستعارة الفلسفية عبر تقنية السؤال التي تعيد انتظام الواقعة في الوعي بغية نقدها وتشخيصها كأشكالية وأزمة 
في قصة متاهة نرى ذلك الحليق المتسربل بالكبرياء والعوز المخطوط بالجنوب المحشور بين الوقار والنصب / يترك لنا القاص سؤالا ..... أين حلق ذقنه والمحال لم تفتح بعد؟ 
وفي قصة تضاد يطرح مهدي إشكالية المرأة سيئة السمعة التي تنقذ صبيّان يرقصان في النار 
- من اين ظهرت هذه المرأة ؟
- يجيبني بلسان جاف 
- انها تشغل شقة فوق الورشة 
يطرق قليلا ، تنطلق البراءة من صوته 
- يقولون انها سيئة السمعة؟!
اما في قصة تأبط الما فيطرح لنا أزمة حامل الإنسانية الذي من المفترض ان يكون حاملها حيث يسخر القاص وبلوعة مريرة من المشهد البشع
دكتور ماذا وصفت لولدي؟
يجبيني وهو منكب على المنضدة ( قنادر ) 
يخرج لساني من صحراء فمي " انت طبيب أم اسكافي؟
نخلص من هذه العجالة ان جملة النهاية تتخذ صيغا مختلفة منها الاستعارة  الفلسفية والشعرية ومنها القيم المستعملة ذرائعيا وايديولوجيا ومنها الموجهات المضمونية التي تبقى ساكنة دون اشعار بنهاية فعلية ومنها الحجاجية