سمير حكيم يكتب : الإعلام فقد دوره الرئيس في نقل الثقافة الهادفة والبنّاءة للمجتمع

سمير حكيم يكتب : الإعلام فقد دوره الرئيس في نقل الثقافة الهادفة والبنّاءة للمجتمع
سمير حكيم يكتب : الإعلام فقد دوره الرئيس في نقل الثقافة الهادفة والبنّاءة للمجتمع

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي أحد  أهم المؤثرات الحالية في تشكيل أراء واتجاهات عموم الناس ، مع وضع الكلمة اسم الجمع  (عموم )  بين قوسين  ، حيث لاتزال شريحة اجتماعية سواء داخل مصر ، أو في البلدان المجاورة ضمن الناطقين اللغة العربية ، على خط  متعارض مع  العامة لامتلاكهم   درجة كافية  من الوعي ، والانتباه ، تمكنهم  من  الفرز  والتحليل ، للتحقق   من  زخم   المعلومات  والأخبار  المبثوثة   على الإنترنت  ، تقوم بنشرها  جهات  ومواقع عديدة   ، وأيضًا لدى هذه الشريحة  القدرة على تقييم  الخبر  إن كان صحيحًا  ، أو  كاذبًا  ، و أن النشر  في حالات معينه لم يكن  هدفه خلط الأوراق  لتضليل الرأي العام  .

 إن السوشيال ميديا  شأنها شأن أي منتج تكنولوجي  أو اختراع علمي ، لها مالها  وعليها ماعليها  ، والعبرة  في التطبيق  .

 

 

والحقيقة أن  الإعلام  فقد دوره الرئيس في نقل الثقافة  الهادفة   والبنّاءة للمجتمع ،  كان المأمول منه   إعداد حزمة  برامج   هدفها  تنوير الأفراد والجماعات على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم   ، ورفع مستوى الوعي بين كافة الطبقات ، 

و  تهذيب سلوكيات رجل الشارع  لكي ما تختفي مظاهر العشوائية ، والسلوك الفاقد  معظمه    للذوق العام ، ووضح هذا   في كل ما تراه أعيننا  ونسمعه بأذاننا  ، في تعامل الناس  مع بعضهم البعض كل يوم   ،  هذه المهام  جزء من كثير  يمكن إنجازه  من دون كُلفة مادية كبيرة  .  بدلاً من ذلك  تبنى الإعلام المعاصر ثقافة  محفزة للاستهلاك بكل صورِه ،  كما برع في تقديم وسائل  للشراء جاذبة   بدءًا من عروض التمليك  بالمدن  الحديثة ، المعرّفة بال ( كومباوندس )  متنقلاً  على شاشات التلفاز  لعرض أحدث منتجات  السلع   المعمرة ، يسيل بها  لعاب المشاهد  ، إلى الدرجة   التي ساهمت   في  إشاعة الحقد الطبقي  ، نتيجة قصر اليد ، وصار    الفقر لدى الكثيرين كأنه قدر مقيم   ، حائل بينهم وبين   تحقيق الحد الأدنى من مجمل   أحلامهم    . على هذا النحو  ينتهج الإعلام سياسات خاطئة   ،  أضف إلى ذلك التزامه    بدوره  التقليدي  القديم   في صياغة تعريفات للهوية ، والانتماء ، وتقديمها للمشاهد بالشكل الذي   يتفق والسياسات العامة للدولة ، وصرف النظر عن النقد البناء  الإيجابي  بتكريس  مفاهيم خاطئة ، أو  مغلوطة  لمفهوم " الصالح العام" ، و "الاستقرار الاجتماعي  "  ، أتحدث هنا عن " الإعلام الرسمي " وبعض الصحف الموالية .

 

 

ويكون المجتمع صحي حين تترسخ القناعة  في ذهن القائمين على  الإعلام ، ، ومحرري الصحف المطبوعة ، والإلكترونية بأهمية الدور الذي تلعبه  هذه  الوسائل  الإعلامية  في تشكيل ثقافة الفرد ، الذي هو  في صورته الأولية جزء من الهيكل العام للمجتمع ، أي مجتمع    ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى  يجب  على  أن تتحرر وسائل الإعلام  من الوصايا المفروضة عليها ، طالما أعلنت توقيعها على ميثاق الشرف الصحفي . بعض  المبررات في صورة قواعد ومحاذير ، هي في حقيقة الأمر   معطّلة لدورها التوعوي  والتنويري من أجل إيجاد بيئة  صحية المجتمع والأفراد في آنٍ  . وفي  هذا الخصوص  ؛ ينبغي مخاطبة المؤسسات   المعنية  ،وحثها على المشاركة   بإجراءات فعالة ، لدعم حرية التعبير  طالما لا تتعارض مع  القيم والأخلاق العامة للمجتمع ،  كما ينبغي لهذه المؤسسات مقاوِمة لكل أشكال الممارسات الاحتكارية  ؛   وليس كما هو المتبع  الآن بمعاقبة المخطئين ، بل أيضًا إثابة المجيدين في كل المجالات  . أظن أن تلك الخطوات  سوف  تمثل إضافة بالغة الأهمية في عملية  خلق مجتمع صحي  ، مساعد للمنظومة التعليمية في  معالجة نواحي القصور بها .

 

يجب الإقرار  أن  هذه   الوسائل  بمختلف  أشكالها ، ناقلة للواقع ،  لكن الخطورة تكمن  في المبالغة والتضخيم ، والتزييف أحيانًا   لبعض التفاصيل البسيطة المرتبطة  بالحدث المنقول في فيديو  ، أو غيره من وسائل العرض على الإنترنت  ، فكثير مما نشاهده   يتم قبل عرضه   إضافة بعض التوابل إليه ، لجعل الخلطة  المعروضة " حِرشة "  ولها نكهتها خاصة   ،  لكن   الأمانة ، والموضوعية  تقتضي تحميل العواقب  الناجمة عن فعل النشر   مناصفةً بين الاثنين :  الإعلام  وقطاع كبير من جمهور وسائل التواصل ، تلك التداعيات   حدثت وتحدث من جرّاء رغبة البعض الحصول على الشهرة  ، وإن أمكن المال ، من خلال ما  يُعرف بال " تريند " على حساب  تشويه سمعة وشرف  الأبرياء ، والغير قادرين على الذود عن أنفسهم   ، ومن قبيل التجاوز ؛ يتم   إفشاء خصوصيات الآخرين ، هذا وأكثر منه يتم تداوله ببساطة ، وبإتاحة كاملة توفرها للانتهازيين   وسائل التواصل ، بمأمن من الرقابة الاجتماعية ،   وفي كثير من الأحايين تمكنها  هذه  الوسائل  من الإفلات من القانون ..!!

 

دعنا أولاً نعترف بوجود صعوبة في  الاتفاق على   مفهوم القدوة ، وإن كان يمثلها   شخص ، أو منجز ثقافي ، أو حدث تاريخي له  الأثر الأكبر في وجدان الناس ، في عصر أصبحت الغلبة فيه   للدافع  المادي ،  والأولوية له  على كل ما عداه من الدوافع    .