كان الأب يسترخي وفي يده صحيفته بعد يوم عمل طويل بالمكتب، وظل ابنه يضايقه ويحرك تلك الجريدة، رغبة منه في اللعب.
بعد أن غضب الأب، جاء بصورة من الجريدة لخريطة العالم وقام بتمزيقها إلى 100 قطعة صغيرة، ونادى الطفل وقال له "قم بتجميع هذه الخريطة ولو استطعت سأعطيك مكافأة"، وقام وأحضر صورة خريطة العالم ليشغل ابنه عنه، ويتخلص من إزعاجه.
وما هي إلا دقائق قليلة حتى عاد الطفل وقال له "لقد انتهيت!".
تفاجأ الوالد وقال "كيف بهذه السرعة؟".
فقال له "على الجانب الأخر من ورقة الجريدة، هناك صورة شخص فقمت بتركيبه لأنه أسهل لي فتجمعت الخريطة!
وهذه القصة تذكرنى بقصة اخرى، لشاب كان يفكر بطرق غير متوقعة قبل أن يستلم جائزة نوبل في الفيزياء.. ففي جامعة كوبنهاجن أتى السؤال التالي في امتحان الفيزياء للطلاب المستجدين:
كيف تحدد ارتفاع ناطحة سحاب باستخدام الباروميتر (جهاز قياس الضغط الجوي)؟
كانت الإجابة الصحيحة، والتي يريد الأستاذ سماعها هي:
بقياس الفرق بين الضغط الجوي على سطح الأرض، والضغط الجوي على سطح ناطحة السحاب.
غير أن إحدى الإجابات أغضبت أستاذ الفيزياء وجعلته يمنح الطالب درجة الصفر كونه قدم إجابة بدائية ومستفزة:
فقال نربط الباروميتر بحبل طويل ثم ندلي الخيط من أعلى ناطحة السحاب ثم نقيس طول الخيط.
تظلم الطالب من رسوبه مؤكداً أن إجابته صحيحة 100%، فعينت الجامعة حكما للبت في القضية.. أفاد الحكم بأن إجابة الطالب صحيحة لكنها لا تدل على معرفته بمادة الفيزياء ونصح باختباره شفهياً.. التقى به في مكتبه وطرح عليه نفس السؤال، فكر الطالب قليلا ثم قال: لدي إجابات كثيرة لقياس ارتفاع الناطحة لا أدري أيها أختار.. قال الحكم: "هات كل ما عندك" فقال الطالب: يمكننا مثلا إلقاء الباروميتر من أعلى ناطحة السحاب ثم حساب سرعة ومسافة سقوطه لنستخرج ارتفاع المبنى.. كما يمكننا قياس طول ظل الباروميتر وظل ناطحة السحاب فنعرف ارتفاعها من تناسب الظلين.. كما يمكننا استعمال قانون فيثاغورس في حساب المثلثات فنحسب طول الضلع النائم (طريق السيارات) ومنه نستنتج طول الضلع القائم (ناطحة السحاب).
وبعد أن قدم ثلاثة حلول أخرى قال: أما أبسط حل فهو أن نعطي حارس الناطحة الباروميتر نفسه كي يخبرنا بارتفاعها.. ثم أردف قائلا: بصراحة، الإجابة التي يريدها الأستاذ هي أكثر الطرق تعقيداً ولا أجد داعياً لتنفيذها قبل تجربة الحلول الأكثر بساطة.
وهنا أدرك المُحكِّم أنه أمام شاب عبقري يفكر بطرق مختلفة فأوصى بقبوله وعدم الاعتراض على أي نتائج يقدمها مستقبلاً (وكان هذا الطالب هو نيلز بور العالم الدنماركي الذي حاز لاحقاً على جائزة نوبل في الفيزياء)!!
عزيزى القارئ دعونا نتذكر معاً انه عندما سقطت التفاحة فوق رأس نيوتن لم يقل سقطت التفاحة ولم يأكلها، بل قال كيف سقطت، ولماذا سقطت، حيث أحدثت هذه التفاحة ثورة في تطور الإنسان باكتشاف نيوتن للجاذبية ووضع قوانين لها.
فالتفاحة الآن هي العلامة التجارية المسجلة باسم شركة آبل الأميركية، الشركة التي قادها الأسطورة «ستيف جوبز»، والذي قدم الكثير لعالم التقنية وأفاد المجتمع الإنساني كثيراً. فلقد رفعت شركة أبل شعارها المثير “فكّر بطريقة مختلفة” عندما كان ستيف جوبز يقودها باتجاه المجد التكنولوجي في حملة تسويقية شهيرة منتصف التسعينات من القرن الماضي، وبعد سنوات من أفول شعار مايكروسوفت الشهير “المعلومات عند أطراف الأصابع”.
عزيزى، ابتعد عن هذه المجموعة التى تتمسك بعقلية (TINA) أي انعدام البدائل (THERE IS NO ALTERNATIVES). فالبدائل كثيرة طالما نحن نفكر بشكل مبدع.
عزيزى القارئ، فكر بطريقة مختلفة لأن الطرق المختلفة لا يسلكها إلا الأشخاص المميزون، أما طرق التفكير المعتادة والتقليدية والتي يمكن القول عنها بأنها مستهلكة، فهي تفتح مساراتها لجميع الناس وخاصة العاديين منهم. فكر بطريقة مغايرة كما فعل ستيف جوبز عندما جمع فريقه ليخرجوا للعالم أول آي بود، وكما فعل نيلسون مانديلا عندما واجه أعداءه بعد خروجه من السجن إلى سدة الرئاسة بالعفو والتسامح بدل الانتقام، ليكون ذلك أفضل علاج لدولة افسدتها العنصرية. اختر أن تفكر بطريقة مختلفة كهدف، لتفتح أمام نفسك طرقاً لم تعرفها ولتطرق أبواباً لم تزرها، حيث إن العشب على الجانب الآخر ليس أكثر نضرة واخضراراً بالضرورة، ولكن قطع الطريق إلى ذلك الجانب يستحق الوقت والجهد إما لنقتنع بما لدينا فتزداد سعادتنا، أو لنرى الأمور من واقع آخر فنحاول تغيير واقعنا.
وقبل أن نختم المقال، اسمحوا لي باختبار قدرتكم على التفكير خارج الصندوق:
كان هناك رجل طيب يملك طعاما لاثنين.. خرج للبحث عمن يشاركه الطعام فشاهد طفلا يتيما، وشيخا هزيلا، وعمه الذي تولى تربيته بعد وفاة والديه؛ فأي شخص برأيك يجب أن يختار لمشاركته الطعام؟
.. أي شخص تختاره أنت سيكون هو الإجابة الخاطئة.
فالإجابة الصحيحة هي أن يدعوهم كلهم.. فطعام الاثنين يمكن قسمته على أربعة، ومهما كان الطعام قليلا أفضل من تركهم يموتون جوعا!
ولقد تركنا لك صورة بها سؤال لكى تجاوبه، وتذكر اننا نحتاج أن نفكر بشكل إبداعى ...
واسمح لى عزيزى القارئ أن أتذكر بعض القيم، والنقاط الحياتية التى توصلنا لها من خلال الثلاث والسبعين قصة السابقة ومنها:
50. مساعدة الآخرين تكون بطريقة صحيحة، وللشخص المناسب، وإلا ستكون النتيجة هى أن من يقوم بمساعدة الآخرين، قد يضر نفسه ويضر الآخرين معه.
51. اختار من تحيط نفسك بهم بعناية شديدة، فهذا سيصنع فارقاً كبيراً جداً فى حياتك
52. إن لم تكن تستطيع الطيران فاجرى وإن لم تكن تستطيع الجرى فامشى وإن لم تكن تستطيع المشى فازحف .. أيا ما كنت فاعلاً عليك الإستمرار بالتحرك نحو الأمام.
53 · جميل أن من نستشيرهم يكونون من أصحاب الكفاءة والخبرة وليس من أصحاب الثقة فقط
54.عندما يكون لديك رؤية واضحة ستتقدم، حتى وإن كانت الامور فى بدايتها غير ملائمة.
55. ليس معنى التجاهل هو ترك الحق، فإن تعرضت للتعامل بطريقة لا تليق، فاتخذ موقفاً إيجابياً بأن تدافع عن نفسك بكل قوة وحزم، لكن بموضوعية تامة.
56.لا تدع لسانك يشارك عينيك عند انتقاد عيوب الآخرين، متذكراً انهم مثلك لهم عيون وألسن!
57.ليس هناك مستقبل في أي وظيفة، انما المستقبل في الشخص الذي يشغل هذه الوظيفة.
58.النقد الحاد من شخص واحد ذكي أفضل من التأييد الأعمى للجماهير.
59- إن لم تكن أنت جزء من الحل فأنت جزء من المشكلة.
60-العقل الواعي هو القادر على احترام الفكرة حتى ولو لم يؤمن بها.
61- بعض الأشخاص طبعهم البشوش غلب ما يحدث حولهم من مشكلات وعثرات فى الحياة.
62- كن نفسك وعش واقعك، وهذه هى الخطوة الأولى لتتمكن من تحقيق ذاتك.
63- التراخي فى العمل قد يضيع عليكم فرصا كبيرة.
64- إقرأ كثيرا فيما يتعلق بمهنتك أو مهارتك..
65- غالبا ما تكون النصيحة التي لا تحب سماعها، هي في الغالب اكثر نصيحة أنت فى إحتياج إليها.
66- إن لم تستطع أن تبنى، فلا تهدم.
67- لا تجعل خجلك يحرمك من متعـة مساعدة الآخريـن، وعندما تقرر المساعدة لا تفكر
68- لن يمنحك أحد السعادة التى ترجوها مالم تسعى أنت لتحقيقها، فالسعادة نابعة منك أولاً قبل أن تكون من أى شئ أو أي أحد آخر.
69- نحن فى إحتياج إلى حكمة عميقة لنميز بين صغائر الأُمور الى تحتاج إلى إهتمام وتلك التى علينا ألا نهتم بها.
70- استثمر الآن إمكانياتك وقدراتك ولا تتوقف. وإن أردت أن تتوقف، فتوقف عن إختلاق الأعذار.
71- لا تملكك قناعة التلون مع الناس ولا تقبل أن يدفعك الناس لتكون شخص آخر غير شخصك.
72- إرمِ خبزك على وجه المياه، فإنك تجده بعد أيام كثيرة.
73- من فضلك عندما تنوى ان تفعل شيئا تريده، تقدم وخذ خطوة إيجابية للأمام، ولن تبقى الحياة كما كانت أبداً،
74- الرجل المثالي يشعر بالمتعة في إسداء المعروف للآخرين
تاركين لك عزيزى القارئ، ولتأملاتك الشخصية، ولثرائك الفكرى، وخبرتك الخاصة، استنتاج العديد من الدروس المثمرة من كل قصة بل وإضافة الكثير إليها، ليصبح لكل قصة، على حدة، معنى عام، ومعان خاصة تتوقف على مدى ثقافة القارئ العزيز...
ولدروسنا من التنمية البشرية بقية...
أخبار متعلقة :