نشهد عبث محاكمات السوشيال ميديا بسبب فيلم الممر الذي منحنا وقت حماسي محب لمصر بغض النظر عن أي تفاصيل ... فمن المثير السخرية اننا الأن نشهد ساحة عبث جديدة شرسة جدا خالية تماما من المصدات الهوائية والشبابيك والأبواب واي مانع رادع لها.. يعني بالبلدي بقينا في "الطل" اي حد يقدر يدخل عليك بترسانة اتهامات جاهزة ويشتبك معاك وياريت الاشتباك بيكون على شئ له قدر او قاعدة منطقية تذكر ابدا الخناقة كلها لا تسوي " تعريفة ملح" لدرجة وصلت إلى حد التخوين ورمى الناس بتهم على الجاهز والفاضي دون حق وسند ومنطق.. وكأن كل مواطن مدعي يحمل لواء الوطنية وينزعه عن الآخرين ويحتكر وحده صكوك الغفران ويمنحها لمن يرضى عنه..
وهنا سأخبركم بملمح عبثي آخر.. إن الاختلاف قد يقع في الأغلب الاعم مع من هم في نفس الجانب او على أرض وطنية واحده.. وهذا ما يثير دهشتي وربما ضحكي المتواصل على هذا المشهد العبثي غير المدرك لاحترام فكر ورأي الأخر اذا كان لا يضر... .
وجاءت اخر الاشتباكات الخزعبلية الفيس بوكية على فيلم الممر الذي أعجبني جدا مش من منطلق فني ولكن من منطلق كونه استطاع يحقق حالة جمعية وطنية حماسية ترسخ الانتماء وتدعمه نحو الوطن وجيشنا العظيم... حيث انقسم المجتمع الفيس بوكي الي معجب بالفيلم بشدة ويراه مذهل لا يعوض.. ومعجب بس.. ومعجب ويرى أعمال أخرى اكثر فنية وجمال منه.. ومعجب ولديه رأي ان الضابط لابد أن يظهر بمظهر افضل .. ومعجب بس لدية تحفظات عليه ووجهة نظر فنية.. ومعجب ولديه تحفظات على بعض الأدوار مثل الصحفي او السيناوي او القائد الاسرائيلي.. وغير معجب بالمره.. نهيك عن اشاعات اثيرت عن الفيلم واتخذها البعض يقينا يستحق الترويج والدفاع عنه.. سواء بالسالب او بالموجب.. ودون ان نخوض في تفاصيل هذه الاراء التي تدفقت في انهار وسيل بوستات فيس بوكية موجه كسلاح محارب يحتكر الرأي الأوحد دون أي رأي.. وصولا الي تقديس الفيلم احيانا واختزال الجيش العظيم في فيلم نتفق او نختلف عليه فهو فيلم لن يرقي ابدا للنضال الحقيقي الذي تقوم به قواتنا المسلحة ورجالنا البواسل عبر سنوات وسنوات.. هذا ما جعل البعض يتصور واهما ان من يرى ان فيلم الممر فيلم سئ فهو يرى ان جيشنا غير جدير بالتقدير.. وهذا عبث جلي.. مجنون لا يمكن أن نصفه غير بأنه جهل مبين يخلط بين الاجتهاد في العرض والتصوير من خلال قوالب فنية إبداعية تجمع في بوتقتها كثير من وجهات النظر والجهود المحاولة للوصول إلى صورة تقرب ملامح الواقع وتصوره.. وبين الواقع بتفاصيله المدهشة.. خاصة لو تعلق الأمر بسيادة وطن وحرب من اجل الأرض والعرض والكرامة.. لنجد سخرية المشهد المختزل لقيمة الجيش في فيلم لنري ان من يدافع عن الفيلم بأسلوبه المصادر على الآخر يضره ولا ينفعه ويقلل ممن احبوا هذا العمل الجيد الذي اجتهد فيه كل عناصره واتي جيد ولكنه رغم ذلك سيبقى ضئيل يصور واقع أعظم بكثير ... لنفيق علي عبثية تضرب بمفاهيم درسناها وقواعد تعلمناها عن ماهية الإعلام الموجه والتصوير القدامى في قوالب الملهاة بانماطها... والملهاة هنا المقصود بها تصوير فني مسلي ومخاطب لوجدانيات الناس باشكالهم وشرائحهم.. درامي كان او كوميدي... بشكل صريح كأننا نتعلم من جديد الف.. باء.. تعاملات انسانية واحترام الآخر وعدم النظر لنا اننا قطيع منمر لنسخ ذاتها دون أي اعتبار ان الله خلقنا نفكر ونتدبر وقبلها احرارا.. وان الدستور الإلهي والانساني أقر هذا الاختلاف والتدبر والتفكر وحريته في العرض والتفسير والشرح والنقل... وسؤالي هنا.. هل هذا العبث المصادر على الآخر والمتربص له والمشتبك دون داعي يحتاج إلى تعلم مجتمعي من نوع آخر غير السائد؟ ربما نرقى لمستوى مجتمعات تقدر وتحترم رأي الأخر دون خلط ودون تلويث لساحات الرأي...
هل لنا ؟
أخبار متعلقة :