حكايتنا اليوم عن ملكة هزتْ عرش مصر إنّها الملكة نازلي ابنة عبد الرحيم باشا صبري مدير مديرية المنوفية و ووزير الزراعة فيما بعد وحفيدة سليمان باشا الفرنساوي أبو الجندية المصرية الحديثة.. دخلت نازلي التاريخ من أوسع أبوابه حينما وقع عليها اختيار ملك مصر آنذاك فؤاد لتكون زوجته عام ١٩١٩ وبعد أشهر قليله من اندلاع ثورة ١٩١٩ ضد الإنجليز.
كان الملك فؤاد صورةً من صور الحاكم غريب الأطوار بكل ما تحمله الكلمات من معانٍ فهو البرنس المفلس العائد من إيطاليا والذي أضاع ثروته في القمار وهو زوج الأميرة شويكار سليلة الحسب والنسب والتي حاول الاستيلاء على ثروتها بعد إفلاسه ولكن مع تصاعد حدة الخلافات بينه وبينها اشتكته لأخيها الأمير أحمد سيف الدين والذي أشهر مسدسه صوب فؤاد في صالة القمار فأصابت طلقاته حنجرة فؤاد ومن يومها أصبح صوت فؤاد مثار سخرية الكثيرين بعد تضخمه وتحوله إلى عبارات غير مفهومه -وقد كان يتكلم التركية بينما لغة القصر الفرنسيه !وأودع أحمد سيف الدين مصحة عقليه حتى استطاعت شويكار تخليصه فيما بعد ..وبعد هذه السلسلة من الفضائح تم الطلاق بين فؤاد وشويكار لتغلق أبواب المصاهرة من الأسرة العلية في وجه فؤاد بعد ذلك ..فيتجه إلى مصاهرة الطبقات المصرية .
وحتى تصبح غرابة أطوار الملك ماثلة للعيان أكثر وأكثر فالبرنس المستهتر في حياة الخاصة كان عاشقاً للعلوم بكل ما تعنيه الكلمة فله الفضل الأكبر في تأسيس الجامعة- المصرية والتي حملت اسمه فيما بعد وزودها بمكتبة ضخمه من خلال علاقته بأسرة عمانويل بأيطاليا كما استغل هذه العلاقات في إرسال العديد من المصريين للدراسة كما كان مولعاً بدراسة علوم البحار وهو ما دفعه لبناء السفينة مباحث الشهيرة والتي لم تكن بريطانيا العظمى تمتلك مثلها والحقيقة أن المصير الذي آلت اليه هذه السفينة هو مثال صارخ للمشروعات العملاقة دون دراسات الجدوى الاقتصادية !كما وجه لترجمه العديد من الكتب عن منابع النيل ..وهو الذي انشأ مصلحة الكيمياء و الجمعية السلطانية للاحصاء والاقتصاد والتشريع... في المقابل نجد الأمير المثقف في حياته الخاصة بشخصية مختلفة فقد كان يؤمن بالطالع وقراءة الكف بشكل غريب فيكفي أن يجعل أسماء أبنائه كلها تبدأ بحرف الفاء لأنه حرف الفأل بالنسبة له بحسب أحد الدجالين المخلصين لعرشه !!!! و يكفي منام أحد خدمه وهو إدريس بأنه سيصير ملكا على مصر ليجعله يضع صورة إدريس على أول جنيه يصدر مع توليه حكم مصر عرفانا بمنامه الميمون !!! نعود إلى نازلي والتي ما أن تزوجت فؤاد حتي أصبحت في حياة مأساوية فمعاملة فؤاد الفظة لها وحبسها كعقاب لها بواسطة الخدم وحرمانها من رؤية وليدها الفاروق كان دافعا لها للتحول نحو حياة الملكة الطروب بعد وفاة فؤاد المفاجئة وتولي ابنها فاروق .. دخلت نازلي في علاقة عاطفيه مع أحمد حسنين باشا الرجل العصامي سليل العائلة الأزهرية وخريج اكسفورد والمغامر ومكتشف الواحات البحرية وبطل الشيش البارز انتهت بزواجهما عرفيا مما اوغر صدر فاروق عليها ...
إلا أن هذه الزيجة كانت على عكس ما تصور فاروق فقد كانت حائط الصد ضد نزوات الملكة الطروب التي لا تنتهي وبوفاة أحمد حسنين بحادث سيارة لازال لغزا حتى الآن عادت نازلي لتؤرق فاروق مرة أخرى ومع محاولته تضييق الخناق حولها طلبت منه الخروج إلى فرنسا للعلاج بصحبة ابنتيها فتحية وفايقه ومن فرنسا ذهبت إلى أمريكا حيث طفا على ذهنها فكرة التحول إلى دين اجدادها. الديانة المسيحية فاعتنقت هي وفتحيه المسيحية كما باركت زواج ابنتها فتحية من رياض غالي سكرتير السفارة والذي أصبح موضع ثقتها فوضعت تحت تصرفه ممتلكاتها .. كانت هذه الأخبار تصل إلى مصر وكان من المستحيل حجبها عن الشعب المصري وكانت الظروف من حول فاروق لاتسمح بهذا النوع من الفضائح فقد خرجت الجيوش العربية منهزمة في حرب فلسطين عام ١٩٤٨ وكان الرأي العام المصري متهيج ضد فاروق والحاشيه المحيطة به من الايطاليين فكانت تتعالي أصوات المظاهرات من لا يحكم أمه لا يحكم أمة !!!
اضطر فاروق إلى تجريد امه من ألقابها وسحب وصايتها على ابنتيها وهو الذي عجل بنهاية حكم الاسرة العلوية فلم يمض سوى عامين حتى ثار الجيش واختار فاروق الانتقال إلى ايطاليا وطول سنوات المنفي لم يحاول فاروق الاتصال بأمه .. بأفلاس رياض غالي تحول الي اهانة فتحية والملكة نازلي ومع إصرار فتحيه على الانفصال أطلق عليها الرصاص لتموت بعدها ثم حاول الانتحار .. انتهت الحياة بنازلي وحيدة محطمه -وقد فقدت كل شيء المال والأبناء ومن التاريخ الي العلم ونمضي الي تساؤل هل ما نعيشه في حياتنا من وجود عدة شخصيات داخلنا هل يصح تسميته بالفصام هل هي تسمية صحيحة ؟!!! مرض الفصام أو انفصام الشخصية او الشيزوفرينيا هو انفصال العقل عن الواقع وليس تعدد الشخصيات فالمريض بشخصية واحدة ولكن يسيطر عليها الهلاوس واضطرابات السلوك اما مرض تعدد الشخصيات فيحدث معه انشطار في شخصية المريض فيبدو و كأنّ لديه أكثر من شخصية. حيث يظهر الشخص بأكثر من شخصية ويسمي اضطراب الهوية الانشقاقي Dissociative Identity Disorder و غالبا لا يشعر المريض بتغير شخصيته بل يشعر بأنه شخص سوي.
أخبار متعلقة :