الشهيد أبانوب ناجح يستاهل ميدانًا باسمه، والميدان قليل عليه، اللى ضحى بروحه ودمه من أجل تراب هذا الوطن مش كتير عليه لافتة على واجهة مدرسة ولا حتى مجمع مدارس، ما هذا السخام الطائفى الذى نتترى فيه؟.
من ذا الذى يعترض على اسم الشهيد مرفوعًا على مدرسة، من ذا الذى يسيئه اسم شهيد مصرى على لافتة بالأبيض والأسود، أبانوب يشرّف بلدًا، مَن فى قلوبهم مرض زادهم الله مرضًا، لكنهم لا يحكمون المدينة، يستحيل هؤلاء يحكمون ويتحكمون فى الذكرى والتخليد، ويرسمون هذا شهيدًا، ويضنون على ذاك بالشهادة!.
مَن هؤلاء الذين يرهبون السلطات المحلية فى «القوصية» فيُعجزونهم عن تكريم مستحق ومقرر من المحافظ لشهيد مصرى، فقط لأنه مسيحى، مَن ذا الذى يفرق بين الشهداء، أخشى أنها خيالات متخيلة فى نفوس مريضة بالطائفية، مع خوف وخشية ورهبة تعتمل فى نفوس مسؤولين محليين يخافون من خيالاتهم إذا تجسدت على الأرض ظلالًا من خلفهم.
ما جرى فى «القوصية» من تردد فى إطلاق اسم الشهيد أبانوب على مدرسة حكومية فى مسقط رأسه لا يرتضيه شرع ولا دين ولا قانون ولا أخلاق ولا نخوة صعيدية ولا توجيهات رئاسية كرّمت اسم الشهيد فى أرقى المنصات الوطنية، ما جرى يضرب معنى الوطنية فى مقتل، يطيح كل الجهود الرئاسية فى غرس شتلات المواطنة فى الأرض التى تصحرت بفعل الهبوب الصحراوى.
الأيدى المرتعشة تعمل فينا أكتر من كده، المتطرفون يتمددون فى البراح، يمددون أرجلهم فى وجه الوطن، وهناك مَن يحسب حسابهم ولا يحسب حساب الوطن، مادام وُجد هؤلاء المرتعشون فى الإدارات المحلية نخسر المعركة ابتداء فى مواجهة الظلاميين المتجبرين.
هل مَن خشى إطلاق اسم أبانوب على مدرسة يستطيع حماية فرقة مسرحية أو عرض فنى أو حفل غنائى؟، سيذهب يستأذن المحتسبين أولًا، إلى متى تُرهن إرادة الدولة رهنًا برضاء أو موافقة هؤلاء، ومَن أعطى لهؤلاء حق الرفض، ومَن ولّاهم على الأمر؟.
ضعف الإدارة المحلية أو تباطؤها أو تواطؤها، قل ما شئت توصيفًا، هو مربط الفرس، ضعفهم يغرى بالاستقواء، وترددهم إشارة خضراء، وخشيتهم من خيالاتهم يصب فى خانة الأشباح الظلامية، التى تسلطت علينا فى عتمة الليل البهيم.
أبانوب فى السماء لابس تونية بيضاء، ينظر إليكم ويستغرب منكم: هل حقا اسمى منكور بينكم، هل حقًا هناك مَن يرفضه، هل هانت عليكم الدماء، هل تضنون علىَّ بالذكرى؟، ليس هذا الوطن الذى عشقته وضحيت بدمى فداء!.. للأسف يصدق فيهم قول الشاعر الفحل، بشار بن برد: «أَعمى يَقودُ بَصيرًا لا أَبا لَكُمُ/ قَد ضَلَّ مَن كانَت العميانُ تَهديهِ».
أخبار متعلقة :