خلق الله ادم واسكنه فى جنة عدن ورأى أن يصنع له معيناً نظيراً محبًا يؤنس وحدته فخلق حواء من إحدى ضلوعه فى إشارة إلى أنها جزء منه يحتويها ، يحبها ، يقدرها ويحترمها ؛ لكن على مر الأزمان تناسى أدم دوره الأساسى تجاه حواء فبدأت رحلة التسلط و الإجبار و المهانة والتى تحولت فيها حواء من معين نظير محب إلى عبد منكسر خاضع ضعيف لا حول له ولا قوة يؤتمر فيطيع ،يُهان فيصمت .
تجرعت حواء مرارة العنف والقسوة و التهميش و إنعدام المساواة و انحسار تكافؤ الفرص فى الأسرة و المجتمع فكان لها النصيب الأكبر من العنف الجسدى و اللفظى ، بل و المزيد من ممارسة التسلط سواء من الأب أو الأخ الذى كان يُعطى له صك التحكم بها و القوامة عليها من خلال قناعات و موروثات اجتماعية أو عقائدية تم تأويل نصوصها و تفسيراتها بقراءة ذكورية و بغلاف دينى متشدد ،فأصبح يتحكم بعناوينها ليتسلط عليها ؛ يحل له ولا يحل لها .. له كل أسباب ومزايا الحريات واختيار نوعية الصداقات و طبيعة العمل متمتعًا بكل ملاهى الدنيا و يمنعها عن أخته أو أبنته أو زوجته بحكم كونها إمرأة و كأن جرمها الوحيد أن خُلقت مختلفة عنه جنسيًا فعذرهم فى ذلك خوفهم عليها .. !! لقد تم حرمان المرأة الشرقية والعربية من التعليم فى إحدى الفترات التاريخية من قبل رفض الندية و مبدأ المشاركة الحياتية والإنسانية ، و الأشد و الأقسى أنه فى بعض الدول الأكثر فقرا وجهلًاً كان يتم جلدها و وأدها وكأن وجودها فى الدنيا عارًا لا يمحيه إلا الموت ؛ و بينما كانت تتخيل حواء أن منقذها سيأتى على ذلك الفرس الابيض ليحميها من ذلك القهر الأسرى البغيض فتعيش هانئة البال سعيدة مطمئنة ؛ تباغتها مفاجأة الممارسة الذكورية الأشد تخلفًا حاملا الوصية الشهيرة " ادبح لها القطة من ليلة الدخلة تريح دماغك طول العمر " بتحكم وغلظة قد تصل إلى حد الاغتصاب ، مع مهانة و إذلال الإجبار لإرضاءًا رغبات زوج متوحش أقل ما يوصف به أنه لا يمت للإنسانية بشىء . عفوًا سيدتى ؛ فقد وقع عليكِ ظلم مجتمعى بّين ليس وليد يومًا و ليلة ، فهذا ما أوضحته إحصائيات عن العنف ضدك ، كانت مصر ضمن أسوأ 10 دول في مجال المساواة بين الجنسين ، أما فى العالم العربى نجد أنّ 37% من النساء تعرّضن لعنف جسدي أو جنسي لمرّة واحدة في حياتهن على الأقلّ . و لأن السينما مرآة الشعوب، و أحد الوسائل لمعالجة مشاكله الاجتماعية، فقد تناولت السينما المصرية على مر العصور العديد من قضايا المرأة ، فبعدما كانت تقدم المرأة فى قالب الزوجة المقهورة أو المرأة اللعوب فى بعض الأدوار التى حسرت فيها و كونت نظرة مغايرة للواقع عن المرأة مما كان له تأثير سلبى واضح فى رؤية و ممارسات الرجل ضد المرأة ؛ إلا أنها أصبحت فى بداية الستنينيات أكثر حيادية و تعاطفاً فتم إنتاج أهم وأشهر الأفلام التى نادت بحرية المرأة و المساواة مع الرجل فى مختلف النواحى الاجتماعية مثل : أريد حلاً ، الباب المفتوح ، المرأة و الساطور ، مراتى مدير عام ، و للرجال فقط وغيرها من الأفلام التى ساهمت فى زيادة وعى المرأة و استردادها ثقتها بنفسها و التأكيد على قدرتها فى إتخاذ القرارات المصيرية و النجاح فى جميع مجالات الحياة وبعد أن قررت المرأة خوض مضمار الحياة بكل جرأة و ثبات و تحررت من بعض القيود المجتمعية البالية لتصنع مستقبل أفضل لها و لأسرتها ، أصبحت هى المعيلة التى تتولى إعالة نحو ثلاثين في المائة من الأسر، وفقا للتقديرات الحكومية. من المؤكد أنه لا يمكن أن تحقق المرأة كل تلك النجاحات والجهود المبذولة التى قامت بها و تأتى ثمارها دون وجود حكومة لديها برامج خاصة لرعاية وتمكين المرأة و دستور يحميها و يكفل لها الكرامة ،و النجاح يجعلها شريكة حقيقية و أساسية للرجل فى كل نواحى و مجالات الحياة لتحقق الفوز بالمناصب الهامة بجدارة ويتحول المجتمع المصري من " ثقافة الذكورة والأنوثة "، التي سادت ردحا كبيرا من الزمن، إلى " ثقافة المواطن والمواطنة " ، خاصة بعد دعم الرئيس السيسى لها لتتوج على قمة أجهزة الدولة ومجالسها و إعلان عام 2017 بعام المرأة فاقتنصت 6 حقائب وزارية و تقلدت فى هذا العام و لأول مرة منصب المحافظ . أما بعد تجربة نجاح 90 سيدة فى البرلمان وأدائهم المشرف الذى كان محل فخر لكل مصرى داخل وخارج البرلمان ، لاتزال المرأة المصرية حريصة على استكمال سلسلة نجاحتها و إثبات تواجدها من أجل أن يظل صوت المرأة المصرية حاضرا بقوة تحت القبة ففى حالة الموافقة على التعديلات الدستورية القادمة ستحصد المرأة نسبة 25% من مقاعد البرلمان مما يؤكد شعار " المرأة نصف المجتمع " ، فلنسعى جاهدين لاستكمال مسيرة النهضة الثقافية و التوعوية و الاجتماعية لنرفع شعار المواطنة و المساواة فالتاء المربوطة لن يستطيع أحد أن ينكر جهودها و دورها الثورى المحورى الداعم لتقدم المجتمع على مر العصور و التى ثبت تواجدها و صمودها بنجاح أمام العواصف و المنحدرات الخطيرة التى مرت بالبلاد والعباد .
أخبار متعلقة :