قريتي تحْكمها إمْرأة !!هل يتحقق حِلم سيدات المجتمع المصري ، بالتربُعْ علي كرسي العمودية كبديل للرجال،بعد أن تقدمت سيدتان من محافظةمحافظة المنوفية بأوراقهما للداخلية المصرية ،أملاً أن تُصبح كل منهما عُمْدَة لقريتها؟وكيف سيُصْبح الحال لو صارت سيدة ، هيقاضي القرية وجهتها السياسية، فتستقبلدعَوات الفصل في القضايا العرْفية ، وقد يسبق رأيها آراء عشرات الرجال ذوي الشوارب الطويلة والعمائم الشاهقة ؟!!
هذا الأمرالعجيب ، صنع حالة جدل واسعة ، بين مَنْ لديهم قناعة بأن العمدة لا يصلُح إلا ذكراً ، فالرجال قوامون علي النساء، وقادرون عليمُخاطبة الجاهل واللبيب،أما الأنثي فقدتُعاني الشقاء عند مخاطبة الأشقياء!
هل ستقدر حَكَمْ القرية وحكيمتها علي التعامل مع السفيه والبلطجي ومُسئ الأدب وسليط اللسان واللئيم والمشاغب داخل القرية ، بالرغم من كونها أنثي ضعيفة الحيلة ،أم تلجئ لتغليظ حنْجرتها ذات الصوت الناعم ، لتعنيفالمتعَدِين علي الحقوق والحدود ؟!
وهل لو صارت إحدي نساء القرية عُمدةًلها،هل ستسيرفي الشوارع ومن حولِها الخفراء،أمسيسيرعن يمينها شيخ البلد ، وعن يسارها شيخ الخفر، أم أنها ستستبدل كل هؤلاءبنِسْوة القرية الوجيهات ، كمُسليات ومُؤنسات لها في الطُرقات وحين المُناسبات؟!
هل سترفع راعية الشئون، يدها أثناء تجولها بالقرية ، لتُحيي المُشاة والجالسين علي االمصاطب وأمام الدكاكين والممتطين للحمير، والساحبين للنِعاج والأغنام وكذلك السيدات المُسِنَات الجالسات أمام بيوتهن ،فتُلقي السلام بصوت عالٍ، فيرد أحدهم قائلاً" إتفضلي يا جناب العمدة..إشربي الشاي يا ست الهوانم!!"
هلتتهيئأٌنثيلأن تُصْبِح عُمْدة، رغم أن تلك الوظيفةشائع إحتكارهاعند الرجال من دون النساء، وهل لو قُدِرَ لها ذلك ،هل ستستعين بخفرائها للذهابإلي السوق وغيره، لقضاء إحتياجات بيتهاوأولادها وزوجها وشقيقاتها وزوجات أشقائها، وهل سيهرول بعض الخُفراء بتقديم السمع والطاعة لأوامر ست الحُسنْ والجمال والدلال!!
هل سيُصبح خفراء القرية أمثال"بسيوني وأبوجبل وعتريس وسبع الرجال وعصفوروأبو دَبشْ ومِصيلْحي وجعبوب"رهنْ إشارِة ست الكُلْ، فتطلب منالخفير"عَوْني أبومُطاوع" الذهاب لشراء الخضروات والفاكهة ، فيوافق قائلاً:أوامرك مُطاعة يا بنت الأكابر..ياغالية ياأصيلة !!"
هل ستقوم صاحِبةْ الفخامة بتناول عَشَائها مرتين مثلما يفعل بعض العُمَدْ ،وهل يُعاير أبناء القريةالتي صارعُمدتها سيدة، ويُلامون لعدم توَلِي أحدٍ من رجالهم، مهام العمودية بدلاً من وضعها في عُنُقْ سيدة!!
وهل تتحركرئيسة الأمرلتجمع المال من سادات القرية وكبرائها وسيداتها وآنساتها ومن كل مقتدر، لمواساة المرضي وأصحاب المصائب والحرائق ومؤازرة مَن نفَقتْ جاموسته أوبقَرتهولإطعام البائس الفقير.
هل تسعي أميرة الهوانم لتوريث العمودية في ذريتها ، كما يسعي لذات الأمر بعض العُمد، فتقف علي رؤوس الأشهاد وتظل تناديبأنها عمدة إبنة عمدة سليلة الحسب والنسب..حتي يُبَحْ صوتهامن كثرة التفاخر بأصلها؟!
هل تجلس الوجيهة النبيهة تحت أشجار الجميز أوالتوت أوالنَبقْ أو ذقن الباشا ، ساعة العصاري، لإحتساء الشاي المَغْلي علي المنْقَدْ وإسترجاع زكريات الطفولة أوللعب السيجا مع صديقاتها مَثيلاتأم العِزْ وجُلْفِدان ووصيفة وحبَهان وشِنْشانة ومِسْتكَة وتُمادَرْ وست الدار وقطرالندي وأم الخير.
هل تترك عقيلة القرية ،دارها وزوجها وأولادها ، وتتفرغ معظم الليالي لحضور المجالس العُرفية داخل وخارج قريتها، لفض المنازعاتحتي مطلع الفجر، ثم تعود لبيتها فتنام حتي ظهر أوعصر اليوم التالي، مثلما يفعل بعض العُمدْ!!
وماذا لو حَمَلتْ ست الهوانم ،هل يصِلْ خبرحمْلهالآذانالمُستدفئين في ديارهم حول النيران، والمُتراصون أمام كتاتيب القرية ، والفلاحون في الحقول والمحتسون للشيشة علي المقاهي، والجالسون حول الطبالي لتناول العَشَاء، ومشايخ الغِلْمان في الكتاتيب ، وإذ يرددالساخرون:" ياخبر..الست العمدة..هانم يا ولاد!!"
هل ستقْدِر حمَالة الأسيَة والمسئوليةعلي التوفيق بين ظروف الحمل وآلامه وبين مسئوليات العمودية ، التي تتطلب تفرغاً تاماً ، وماذا لو خرجتالعُمْدة لتستقبل ضيوفها وبين يديها طفلها الرضيع،وقد ملأ الدنيا صراخاً يشتهيالرضاعة ، وإذ ضجَ الحاضرون من صِراخه.
وهل تتجرأ زينة الهوانمعليتقديم واجب العزاء بالدواوير، فينتفضالبُسطاء والمُهلْهلة ثيابهممن مجالسهم ، كيتجلس عَليَةْ الشأنفي واجهة العزاء؟!
وماذا لو مات زوج الست العمدة، هل تخرج عن وقارها، فتظل تصرخ:"يا بَعْلي..يا سَنَدي" أم تحْبِس صرخاتها، إتقاءًلشماتة المُتربصين؟!!
هل ستشهد سيدة القرية الأولي ، صلاة الجمعة والجماعات في مساجد النساء بالقرية ، فإذا غابت لعدة أيام ، تتهامس أصوات مُعْتادات المسجد بأن الست العمدة "حائضاً" ليُصبح "أمر حيْضِها"حديث ألسنةالتَافِه والأحمق؟!
هل تُصبح نبيلة القوم ، كاتمة للأسرارأم نفاجئ بها ثِرْثارة، مُنشغلة بالقيل والقال مثل طوابع معظم النساء، وهل تُنشئ صاحبة السمو، مجلس للنُصح النسائي فتجمع نساء القرية ، ثم تعتلي منبرالنصيحة لتَنصح أصناف الزوجات الغشُومة والظلُومة والأنَانة والمنَانة والحدَاقَة والشدَاقَة وكذلك مسيئات التبعُلْ لأزواجهن، وهل تُصبح حلَالة للعُقدْ، ومحط للأمانات ومشَاءة في الخير وسبَاقة له؟!
أما أنك لواستيقظت يوماً ما ،علي زغاريد ثيْبات القرية وأبكارها، وعَلِمْتبأن الحكومة بجلالِةْ قدْرها، أصدرت فرماناً بتعيين الحاجة فَوْقِية عمدة لقريتك، فلا تنزعج،وإذهب مع المهنئين والمهنئات الي دارست الستات، ولا تُبالِغْ في مدحها، فيَظُنُه زوجها غزلاً، فتشتعل غيرته فيغضب، وإصنع الأمل في نفسك، فلعلها تفْلحالست سعدية أوالسيدة روحية في إدارة شئون العمودية ، فتُصبح عِيشتنا وعِيشتكم عِيشَة هنيَة !!
أمير شفيق حسانين
أخبار متعلقة :