بوابة صوت بلادى بأمريكا

أيمن السميري يكتب: العلمانية هي الحل

ندوشكم تاني، ونكمل تفكير مع بعض:

العلمانية لا تعادي الأديان..
العلمانية تنتصر للأديان، وتضعها في مواضع التكريم، ولهذا يهرب مواطنو شرقنا التعيس إلى الدول العلمانية، العلمانية تحتفي بالطبعة الإنسانية الرحيمة للأديان، فكل دين حوله غلالة رقيقة من الإنسانية كالسوليفان، الذي يخفي تحته قصص الصراع بين من يرون أنفسهم، ناجين بالمطلق، في مواجهة، ضالين بالمطلق، بين من يحتكرون الخيرية لهم وحدهم، ومن يُوصمون باللعنة وحدهم. العلمانية ليست مُعتقدًا، وليست نظامًا سياسيًا، نتعصب من أجله، وليست إلحادًا كما يروج جهلاء المشايخ، بل هي صيغة توصلت إليها البشرية، بعد قرون من الدماء التي جلبتها الأديان، أو جلبها الفهم البشري للأديان، وبخاصة الأديان الإبراهمية الثلاثة؛ العهد القديم، وشروح التلمود اليهودي، مُترعان بالدم، والتعالي العرقي والديني..في المسيحية؛ الفهم القروسطي الدموي القاصر للمسيحية من قساوسة العصور الوسطى قاد البشرية إلى الدم، والقتال تحت راية الصليب ، قبل أن يصحح منهاجها، الإصلاح الكنسي، علي يد مارتن لوثر، مكتفية بالتبشير المسالم، وترك السياسة لقيصر، والكنيسة للرب، في الإسلام بدأ الدم مبكرًا جدًا، بفكرة الغزو والقتال من أجل الله، كل الخلفاء الراشدين ماتوا إغتيالًا، أبو بكر بالسم، وعمر إغتاله مسلم، وعندما قتله، ردوا إليه نسبة الفارسي، وقالوا مجوسي، عثمان بن عفان مثلوا تقريبا بجثته في صحن بيته، عليّ إغتاله مسلمون، في صفين والجمل قتل صحابة صحابة مثلهم، الكعبة ضُربت بالمنجنيق وتهدمت، وعُلقت جثة عبد الله بن الزبير حتي ذبلت، المرويات الدموية للبخاري القادم على جمله من جوار روسيا حاليًا، بعد ٢٥٠ عاما على البعثة للبحث عن رواة بعد قرنين ونصف، التفسير الدموي لآيات القتل في القرآن، وتجاهل زمانيتها، وتاريخيتها، وسياقها الظرفي، وأسباب النزول، تطويع الدين لرغبات السلاطين، والخلفاء بكيس دنانير، ودس أحاديث تمثل اليوم ألغامًا في وجه العصرنة والتحضر.. جبن الشيوخ والفقهاء وتربحهم من تجارة الدين، كل ذلك قاد بعض المسلمين إلي تسويغ القتل، وشرعنة سفك الدماء، بإسناد نصي وتراثي. كان لابد من صيغة إنسانية، أكثر رحمة، وتعلي من التوافق، بين حياة نحياها بشروطها وأسبابها، وبين أديان نعتنقها بحُكميتها وقيود نصيتها، ومرجعياتها الضاربة في عمق القرون الخوالي. الإصلاح يضع الدول وأنظمتها السياسية على مسافة واحدة، ليس من الأديان وحدها؛ ولكن من كل مُعتقد وعبادة. العلمانية هي من أطلقت عقال إنسانيتنا، وسيدت التسامح، والعلم والإبداع، والفكر الإنساني، وحقوق الإنسان، وحقوق محيطه البيئي؛ من حيوان، وزرع، وبحار..

جماع القول: اعبد ما تشاء بحرية، حتى لو كان أسدًا هصورًا، ولكن حذارِ أن تطلق أنياب أسدك علينا، دع البشر يعيشون بإنسانيتهم، دعهم يتصرفون بسلام وفق ما يعتنقون.
في العهد القديم، و شروح التلمود اليهودي، يؤمنون بقومية الإله، لذا أسموا أنفسهم شعب الله، فهم بالأساس يرون أنفسهم، قوم الله، بني يعقوب (النبي إسرائيل)، في العهد الجديد، هم أبناء الآب، بإنتظار الخلاص ودخول ملكوت السمَوات، ولمّا كان العرب يؤمنون أن أقصى درجات الخضوع هي العبودية وعلاقة يألفونها جيدًا، العبد والسيد، فهم عبيد الله دينيًا أيضًا، والعلاقة قوامها رب وعبد، في خير الأمم التي أخرجت كما يرون أنفسهم منذ القدم بالتفاخر.. الأديان هامة وحاجة بشرية، ولو لم توجد؛ لاخترعها البشر، لتستقيم السوية الروحية لهم، فيها السلوى عن عذابات الحياة، فيها الملاذ حين تعجز بشريتهم أمام الطبيعة والسبب، فيها الوعد بحديقتها العلوية، بخمرها وحورها وفاكهتها، فيها الوعيد بحفل الباربيكيو والشواء الجماعي للعصاة والمذنبين، الأديان إذن قداستها في بشريتها، عصمتها في نفوس معتنقيها، ولهذا ننادي دائمًا؛ وأنت تعبد ربك، وأنت تقوم إلى طقسك وصلاتك، وأنت تقبل حجرك الأسود، وتقصف شيطانك بالحصى وأحيانًا بالأحذية، وأنت تتطيب بماء التعميد عند كاهن كنيستك، وأنت تردد عند حائط مبكاك في أورشليم خيالك، وهيكل أسباطك: ألوهيم؛ لا تبخسنا حظنا وتسلمنا لكل مُعند... وأنت تتعبد، أي كانت عبادتك، لا تنسى إنسانيتك، وبشريتك، قلبك الذي يحنو، ويرحم، ويعطف، هو ابن إنسانيتك، وبشريتك وليس ابن دينك ونصوصك، ومروياتك، وأسفارك...

وليكن آخر كلامنا: لو شاء ربك لوحد الأديان، لو شاء ربك ما ماتت أم جائعة في مجاهل أفريقيا وطفلها مازال متعلقًا بثديها والنسور تشاركه وجبته من لحمها.. لتكن الرحمة فوق صراخك، لتكن الرحمة فوق عصبيتك، لتكن الرحمة، والسلام، دليلنا حتى نهاية الرحلة القصيرة.

هذا الكلام، لا يستوجب منك تعليقًا، بقدر ما يستوجب تفكيرًا، ويمكنك رفضه بالكلية، ووصم صاحبه بما تشاء، فقط كن أمينًا وتفكر...

وللعقل سلام

 

أخبار متعلقة :