بوابة صوت بلادى بأمريكا

راجي بشاي يكتب : ‪ عبودية الكفيل و حياة الماعز‬

بينما طال عمره قاعد يلهو بنا وبتاريخنا و يشتري المشخصاتية بتوعنا بشوية فلوس و لما يبقي عايز يعمل فيلم يطلّع فيه المصري نصاب وييجي الهندي يعمله مفاجأة ويحط رأسه ف الوحل ، أكثر ناس متعجرفة يجى عليها اليوم تبقي مناخيرها فى الارض .. السينما الهندية هبدتهم فيلم سينمائي ضخم وعامل ضجة.
إسم الفيلم حياة الماعز The goat life علي النيتفليكس و يوتيوب و Dailymotion .. بيحكي عن قصة حقيقية لعامل هندي في شبه الجزيرة العربية ، ومعاناته الشديدة مع الكفيل .. فيلم بوليوودى هتكسب بيه الهند أوسكار عن الكفيل … وجلفانته وساديته ومش بس كدا … ده مقتبس من قصه حقيقية.
وأنت بتشاهد هذا الفيلم الهندي البديع المنسوج بمهارة وعذوبة وجمال مثل قطعة السجاد الفارسي .. هتحس أن الأوكسيجين بينقص في الغرفة، ستختنق ببطء من كم القهر و مفيش فايدة من المقاومة وانسداد سبل الهروب أمام البطل المهاجر من ولاية كيرالا جنوب غرب الهند ولا يتحدث الا اللغة المالايالامية .. الهندي نجيب الذي باع كل مالديه عشان يسافر الى السعودية ليتخلص من الفقر ويحقق أحلامه ويبني بيت يضم زوجته وابنه القادم نبيل.
يسافر هو وحكيم صديقه الأصغر منه،في انتظار الكفيل اللى مبيجيش، يتأخر وهما في حيرة، حتى يلمح حيرتهما رجل مسن ، يأخذ الباسبورتات منهما ويدعي أنه الكفيل، ويرميهما في خلفية السيارة زى الخرفان، يلقي بحكيم عند صديقه، يبكي حكيم، جئنا لنعمل في شركة مش في صحراء، ولا من مجيب ، الكفيل المزيف يعتبر عدم معرفتهما بالعربية جهل وغباوة!!
يأخذهما هذا ( البدوى ) للصحراء حيث مزرعته حيث يجدان أنفسهما يعملان رعاه ( للغنم و الأبل ) و يعاملهم ذلك ( البدوى ) كالعبيد تماما .. بيجوعهم و يعنفهم و يذلهم بشكل مهين ليرعوا غنمه وجماله، في صحراء قاحلة ، وصهد حارق، يبكي نجيب متوسلاً له ، لكنه يعامله بكل قسوة، يضربه بعنف، يجرحه في وشه، ويكسر رجله، ولا يسمح له باستخدام المياه في تنظيف نفسه لأنها تكلفه، كان هناك هندي عجوز هو الوحيد في هذا المكان الموحش الذي يفهم لغة نجيب بصعوبة وكانت مهمته تعليم نجيب الرعي وحلب اللبن ، الرجل ده بيشتغل من قبلهم عند ذلك البدوى .. شاخ و فقد عقله و مات فى هذة الصحراء و ترك ( البدوى ) جثته التى وجدها نجيب تنهشها النسور ، عندما قاومهم نهشوه حتى نزف، فهرب بجلده وهو يشاهد صديقه العجوز وأنيسه الوحيد ، والنسور تسمل عينيه وتنهش أمعاءه!!
الغربة في صحراء موحشة ملهاش نهاية ،تسحقك وتدهس إنسانيتك، وتسمح للضباع أن تنهش فيك دون أن تقدر حتى على الهمس احتجاجاً!!!
أن تعيش حياة الماعز وأنت انسان، تشرب ماءهم،وتأكل معهم أكلهم، وتقضي حاجتك مثلهم، وفي النهاية تنسى لغتك وتصدر أصواتاً وثغاء مثلهم!! قمة القهر والانسحاق أثناء رعى الماعز .. 
بطلنا (نجيب) طالت أظافره حتى صارت مخالباً، وطالت لحيته التي كان يحلقها بشظايا مرآة مكسورة من سيارة قديمة كانت تحمل للمكان المياه والمؤن، وبعد محاولات هروب فاشلة ذاق بسببها عذاب الإهانة والضرب، يتقابل بعد ثلاث سنوات (حكيم) بأفريقياً يدعى ابراهيم يدلهم على طريق الهروب حيث قال لهما إنه على معرفه بدروب الصحراء، وأن ميعاد الهروب أثناء ذهاب الكفيل لحضور حفل زفاف، وبالفعل بدأت رحلة الهروب التي أصر (نجيب) أن يأخذ فيها حقيبته المهترئة اللي فيها بقايا من رائحة حبيبته وبرطمان المانجو المخلل الذي أهدته اياه.. و يمشى ال ( 3 ) فى الصحراء الحارقه لأيام يموت فيها (حكيم) من العطش الشديد و يختفى (إبراهيم) وسط رمال الصحراء الغير منتهية. 
 إبراهيم، هذا الرجل الأفريقي الذي رافق نجيب خلال هذه المحنة .. إبراهيم ليس مجرد شخصية مساعدة؛ بل هو محور الدعم النفسي والجسدي لنجيب. يعكس إبراهيم القدرة على البقاء في أصعب الظروف، ويعلم نجيب دروس في الصبر والقوة و في لحظة حاسمة، يختفي إبراهيم فجأة، تاركاً خلفه ماء لنجيب فى زجاجة كان بيحاول أن يعزف عليها كآخر فعل من التضحية والرفقة.
اختفاء إبراهيم يفتح الباب أمام العديد من التفسيرات. هل كان قد أدرك أنه لا يستطيع الاستمرار أكثر؟ أم أن تركه للماء كان رسالة لنجيب بالاستمرار في القتال من أجل البقاء؟ إبراهيم في هذه اللحظة يتجاوز كونه مجرد رفيق؛ إنه رمز للأمل والقوة التي يمكن أن نجدها حتى في أوقات اليأس .. تحسه أحياناً نبي، وأحياناً أخرى قديس وطبيب يداوي الجروح، وبطل أسطوري لا تهزمه صحراء، يوصل مع نجيب إلى نبع مياه وخضرة، ثم يختفي بعد أن اطمئن أن الطريق الأسفلت قد صار قريباً.
وتستمر رحلة الهروب التي هي من أمتع رحلات الهروب في عالم السينما، الصحراء فيها هي البطل، حشرات تزحف وتترنح في هذا الصحراء التى لا نهاية لها، رحلة مليئة بالاثارة والترقب وكتم الأنفاس، لكن أهم مافيها هو موت (حكيم) من الانهاك والعطش و يبقى بطل القصه ( نجيب ) الذى يستمر فى السير وسط الرمال حتى يصل لطريق الأسفلت وسط الصحراء ولكن السيارات التى تمر التى يقودها ( البدو ) ترفض الوقوف له و مسعادته بل بعضهم كان يهينه و يسبه حتى يسقط على الطريق فتقف له ( سيارة أحد الأثرياء ) يأخذه معه و جنب ( جامع ) فى إحدى المدن يتركه و يمشى !!! 
و فى ( الجامع ) ينظر له ( البدو ) بإستعلاء و إحتقار يزجرونه بغطرسة وجفاء و بعد مده يعثر عليه ( عمال هنود ) يأخذونه و يعالجوه من الحمى و يعتنون به حتى يتحسن ليذهب إلى ( مصلحه الجوازات ) ليبلغ عما حدث له .
فتبدأ ( معاناه ) أخرى له حيث تتعامل ( السلطات البدوية ) مع العمال الهاربين والمجهولين بشكل مهين و قاسى حيث يأخذوه للسجن .. و يصور الفيلم ظروف السجن المزرية التي يعيش فيها العمال وكيف يُسمح ( للكفلاء ) بتفقد العمال وأخذ من يخصهم بطريقة همجية و غير آدميه و فيها إهانه و ذل للعمال .. حيث تعرضهم السلطات في طابور أمام كل كفيل كان قد أبلغ عن هروب، وفي مشهد مثير يدخل الكفيل المزيف ويستعرض الطابور ويقف أمام نجيب .. مشهد يحبس الأنفاس حين ظهر فى السجن هذا ( البدوى ) الذى أخذ ( نجيب ) و صديقه ( حكيم ) من المطار .. يرتعد ( نجيب ) من الخوف حيث لا يريد العوده لتلك الصحراء و العيش كالعبيد فيها و هنا يكتشف ( نجيب ) الحقيقة عندما يقول له ( البدوى ) إنه لو كان على ( كفالته ) كان سيرى كيف سيتعامل معه بشده !!! و يكتشف ( نجيب ) إنه تم إختطافه من قبل ذلك الرجل منذ سنوات من المطار حيث لم يظهر ( الكفيل ) الأصلى لهم . 
و بعد مكوثه شهرين في ( السجن ) حيث يعامل معامله العبيد يتم ترحيله للهند ويصف تلك الفترة بأنها كانت أسوأ سنوات من العبودية في الصحراء .
ينتهي الفيلم ببعض الهنود الدين يتم ترحيلهم من السعودية ، ينظر نجيب الى السماء ، لن يعود بأموال ولا أجهزة كهربائية ، لكنه سيعود الى حبيبته بأيامه المتبقية .. و يختتم ( الفيلم ) بتوضيح إن ما حدث مع ( نجيب ) ليس ( حاله فردية ) بل قصه واحدة من آلالاف قصص المعاناه الشديدة التى يمر بها ( الهنود ) في تلك المملكه البدوية . 
فيلم تبكي فيه بحرقة، وتغضب بشجن، وتكره القهر وسحق الانسانية والعبودية .. هذا الفيلم الرائع بل الرائع جدا من الهند لا تستطيع أى دولة في ( المنطقة ) أن تنتج فيلم يظهر معاناه شعبها في تلك ( المملكه البدوية ) و كما يحدث للهنود فيها يحدث مثله لمئات الجنسيات التى تعمل و تعيش و تبنى في هذه الأرض من شعبها مُحدث النعم .. الفيلم الذي فضح وكشف المستور وأكد وجود العبودية في بلد الحرمين حتي يومنا هذا.
مليااااار تحية للممثل و المنتج و المخرج الهندى (بريثفيراج سوكوماران ) على تأديه دور ( نجيب ) في هذا الفيلم الرائع الذى يرصد معاناه شعبه في أرض البترول وتعريتهم أمام العالم بهذا الشكل .. هذا الفيلم الرائع يعرض على ( نتفليكس و يوتيوب و Dailymotion) .. و بسبب هذا الفيلم هناك حاله من الجنون أصابت ( البدو ) برفضهم طبعا تصويرهم بهذا الشكل و يدعوا ( البدو ) بمقاطعه أعمال النجم الهندى (بريثفيراج سوكوماران ) و عدم عرض أعماله على قناة ( MBC بوليوود ) !!!! و كأن مثلا ( MBC بوليوود ) قناة عالمية مثلا أو منصه يتابعها العالم ؟!! 
المهم إن الفيلم نجح تماما فى عمل ضجه و صراخ و عويل بين البدو .. و نحب نقول ل (طال عمره) يا ترى شاهدت الفيلم و لا لسه ؟؟ يا ريت تتفرج عليه و لو من باب الفضول لتعرف كيف يراكم العالم و بدل الملايين التى تصرفها بلا جدوى كى تصنع فن فى بلدك الفقيرة ثقافيا و محاولتك الإستيلاء على تراث البلاد الأخرى و نَسْبُه لبلدك الفقيرة حضاريا تنتج أعمال تعلم أهلك البدو يعنى إيه إنسانية و رحمه و عطف يمكن .. يمكن .. يمكن تقدروا توصلوا لحاجه . 
شكررررررررررررررررررررا للسينما الهندية على هذا الفيلم الرائع الذى أكيد سوف يؤثر فى من يملك مشاعر إنسانية .. و فى نفس الوقت يرى العالم كيف يتعامل هؤلاء اصحاب القلوب الحجرية محدثى النعم مع العمال من كل الجنسيات التى تُسَيّر بلدهم لأنهم لا يملكون القدرة على بناء دولتهم دون مساعده الجنسيات الأخرى و إنهم مجرد عاله على المجتمع الدولى و لولا البترول مكانش سمع بهم أحد .
طبعاً فيه تفاصيل صغيرة ومشاهد جميلة معمولة بمنتهى الحساسية 
لم تتسع المساحةلها مثل علاقته بالبرطمان اللي جايبه م الهند .. علاقة الغرام والشبق بزوجته .. كل ما يدل على انك في بلدك ممكن ما تكونش شايف الحاجات الحلوة نتيجة الحنق والغضب والتطلع .. أيضا مشهد لقاءه مع حكيم و مشهد اكتشاف ملامحه ف المرايه .. كذلك مشهد عزف إبراهيم الافريقي الموسيقى .. مشهد العاصفة الرملية و مشهد وداع الجمال له ..الخ.
شاهدوا الفيلم يستحق المشاهدة فعلا و للمرة الثانية مليااااار تحية و تقدير لكل من إشترك بهذا العمل الرائع و تسليط الضوء بهذا السطوع على قصة من آلاف القصص التى تحدث يوميا .. كيف تتحول الحياة إلى سجن وكيف يتحكم البشر فى بشر مثلهم ويتحولون إلى أشخاص قساة غلاظ القلب لايرجى منهم رحمة ..صدقني لن تصبح هذا الإنسان الذي كان قبل مشاهدته
فيلم يستحق أن يجهز في ١٦ سنة عن رواية حقيقية، منسوج بحرفية سينمائية عالية ،سحرتني الموسيقى التصويرية جداً ..وأيضاً أداء البلوشي الممثل العماني الذي أدى دور الكفيل ..التصوير خاصة للصحراء بديع في نقل احساس المتاهة .. حقاً وصدقاً فيلم عابر للزمن.

 

أخبار متعلقة :