هل سنمتلك يوما، حرية "ممارسة الصدق" أمام الملأ؟!
هل سيسمح لنا هذا المجتمع بأن نكون أنفسنا، دون تردد أو تراجع ؟! هل سيسمح لنا بأن نكون متسقين مع ذواتنا، صادقين مع محبينا وحتى كارهينا؟!
كل منا ولد وقد ورث دين أبيه، فشب عليه دون تمحيص.. تفسير، أو حتى بحث، ثم قرار بكلمة "آمنت"
لم يحاول حتى أن يتعرف على ديانات أخرى ..ومقارنتها بدينه لمعرفة مدى صدق أفضليته.
فرضت عليه أسرته الصغيرة هذا "الدين" أو ذاك، ولم يكن له اختيارا، ولا امتلك قرارا فى أمره!
فإذا قدر الله، ويسر له السبل للبحث والمقارنة، ومن ثم الثبات على دين أبيه ..عاونوه ومجدوا فيه، وإن بحث فلم يقتنع وشكك فيما جاء به، ثم قرر من ثم تبديل دينه.. كان حينئذ المصاب واللعنة التى ستظل تطارده إلى أن يبرح مجتمعه كله!
فالحرية هنا ظاهرية، رمزية؛ كحرية تخيير الأطفال بين صنفين من الطعام!!
بادئ ذى بدء، احترم تماما حرية التعبير عن الرأى..عن الهوية والديانة! عن الأفكار والمعتقدات والقيم..وهذه الحرية تشمل أيضا؛ إتاحة الفرصة للآخرين فى التعبير عن معتقداتهم وأفكارهم وقيمهم، والتى قد تكون؛ عكس تماما ما أؤمن به!!
مع العلم؛ أن هذا الاحترام لا يشمل؛ أى معتقد، أو دين، أو فكر يحض على قتل الآخر، أو النيل منه أو حتى ترهيبه بأى صورة!!
لا احترم أى شخص يتطفل على حياة الآخرين وينصب نفسه إلها؛ يأمر ويحكم ويمنع ويعاقب ويؤنب ..لا احترم هؤلاء الذين؛ دائما وأبدا يبتدعون دينا "موازيا "يخدم مصالحهم الشخصية، ونوازعهم السادية المريضة تجاه الآخرين بصفة يدعون "قدسيتها"!
إن الدين لو لم يكن تعبيرا خالصا عن "علاقة خاصة" بين المرء وربه، مشكوك فى صلاحيته!!
فهذا يعتقد بأن دينه هو الأفضل، وذاك يحاول إثبات العكس..
هذا يرى أن دين الآخر مزيف..محرف.. وذاك لا يعترف أيضا بضلالات الأول!
سيقول هذا؛ أن ربى هو "الأحق باتباعه وعبادته" ..
وسيكذبه الآخر بدليل من دينه ومعتقده !!
وتظل المباراة الآثمة، قائمة فى حق إلهك وإلهه!!
مناظرات وتطاولات، ثم مقارعات وتجاوزات لإثبات كل واحد منهم أنه؛ "الفائز بجنان الله"
وكأن أحدا منهم رأى الجنة، أو حتى مر بتجربة العودة بعد الموت!!
إنها وعود غير مضمونة، غير مأمونة العواقب!!
فالمكسب المراد؛ هو حشد أكبر عدد ممكن من الناس للإنضمام لفريقهم الدينى..بالترغيب حينا، وبالترهيب والعنف أحيانا أخرى!!
فهذا الذى يعتقد أن دينه هو الأفضل، ومن حقه تطبيقه على الكل بشتى الأساليب والطرق، بما فيها فرض السيطرة، والعنف الممارس ضد معتقد الآخر، يهدد بشكل مباشر أمن هذا الوطن وسلامته!!
يعكر صفو نسيجه المتماسك..يشل إرادته الجبارة فى التحضر والرقى!
إن أكبر المزايا لأى دين؛ مدى استطاعته الإرتقاء بالبشر إنسانيا وأخلاقيا ..مدى قدرته على تهذيب النوازع الحيوانية، وزيادة قدرته على الثبات الانفعالى أمام الهزائم والمحن..
وأى صلاة إن لم تكن لأجل سكينة الروح؛ ففراغ هى، وتضييع للوقت.
أى صلاة لا تمنحك تطهيرا للنفس، ومراجعة للضمير لا يعول عليهااا
إن نتائج تبنى الشخص لمعتقد ما، فى سلوكه تجاه الآخر، هى "المؤشر الحقيقى" لصلاحية هذا المعتقد أو فساده!!
فلتؤمن انت بما شئت، وليعتقد هو ما شاء..لن ينفعك أو يضرك سوى سلوكه "الإنسانى" تجاهك..إحسانه إليك..رقيه الأخلاقى..مراعاة الحقوق والالتزام بالواجبات.
فما الذى يجنيه البشر إذا كنت على نفس دينهم، فظلمتهم..آذيتهم، أو اقترفت جرما، لا يغتفر فى حقهم؟!
ماذا يعنيهم، إن وجدوا فى تصرفاتك تجاههم، جفاءا وغلظة وفسادا؟!
إن ظللت تدعى أن؛ "دينك هو الأفضل" ولم يروا منك سوى الجهل والكبر والفشل!!
ما الذى ستضيفه إلى حياتهم إن ظللت تتفاخر بأمجاد أجدادك وقيمهم وسلوكياتهم، إن كنت لا تلتزم بأى من مبادئها؛ بل وأحيانا تمارس "عكسها"، ثم تقف لتعلن مدى عظمتها للخلق!!
تسوق لدينك بدعاية "سلبية"..فتنفر الناس منه؛ بدلا من ترغيبهم فيه!!
تتبارى لأجل دخول الملايين فى دين، أنت شخصيا لا تعرف سوى القليل جدا عنه، ولا تتبع إلا قشوره!
تعظم شكلياته..وتجافى جوهره!!
ماذا يفيد البشرية؛ إن لم تكن أنت تجسيدا "حيا" لعظمة خالقك؛ وأخلاقا تمشى على قدمين؟!
كيف تغنيهم بفضل منفعتك..إن لم تكن
معجزة إلهية "حقة" لا مجرد خانة فى بطاقة الهوية؟!
أخبار متعلقة :