في قريةٍ وادعة وجميلة عاش طفل وحيد لأبويه اسمه هاني، عشق تربية الحيوانات وقضاء أغلب أوقاته في اللعب معها، وكان أحب الحيوانات إلى قلبه كلبه ( زعفران)، كان هذا الكلب صديقاً له بكل معنى الكلمة، يؤدي كل ما يطلب منه بكل إخلاص، ولأن هاني كان يعشق الحيوانات فلقد أحب أن يربي خروفاً صغيراً أيضاً، كان قد جلبه والده معه من البازار، كان هذا الخروف لا أعقل منه و لا أجمل، لذلك فقد خيّم الوئام بين هاني وكلبه وخروفه، وجمعت بينهم ثقة ومودة متبادلة...
ففي الأحيان التي كان فيها الخروف يتخلّف عن الخروج من زريبة البستان، في حال كان هاني متعباً، كان يثغو ثغاء متواصلاً، فيأتي زعفران ويتسلق الباب ويضغط بيديه وقدميه إلى الداخل بأقصى ما أوتي من قوة، إلى أن يتمكن من فتح الباب للخروف ليخرجا معاً وهما يقفزان بمرح...
ولم يكن الخروف أقل وفاء ومودة من الكلب، فلقد كان يتحمل مشاكسات هاني الصغير حين يربطه أو يطلقه وحين يمتطيه مقلداً الفرسان في التلفزيون، والخروف واقف بإذعان أو نائم على العشب ..
ولأن الخروف كان بهذه الصفات المسالمة، فلقد أحبه هاني جداً، حيث كان ينظف صوفه الأبيض الجميل الذي كان يزداد استرسالاً مع الأيام، فيغوص به هاني بسعادة وحب..
كبر الخروف مع الأيام، وازداد تعلق هاني به، فكان يقطف له الحشائش بيده ويطعمه، ويخرج له الماء من البئر ليسقيه، ويأخذه معه في نزهته اليومية مع كلبه زعفران، فكان الخروف والكلب زعفران يقفان حيث يقف هاني، ويركضان حين يركض ويحومان حول البستان ليعودا وهما يتمسحان بقدميه.
تعاقبت الأيام وازداد تعلق الأصدقاء الثلاثة يبعضهم، وكبر حجم الخروف زعفران ، إلى أن جاء يوم كان كباقي الأيام بالنسبة لجميع الناس، إلا أنه لم يكن يوماً عادياً بالنسبة للأصدقاء الثلاثة، فهاني كان يشعر بأن أحوال المنزل المعيشية ليست على ما يرام، وتزداد صعوبة، إلى أن جاء هذا اليوم الذي قال فيه أبو هاني لابنه: لا بد لنا من بيع الخروف لتحسين وضعنا، ولقد تحدثت مع ( أبي سعيد ) الجزار حول هذا الأمر، فلقد كبر حجم خروفنا واقترب العيد والكثير من الناس تريد شراء الخراف.
جن جنون هاني وصرخ بخوف: كيف ذلك لا يمكن أن تبيع خروفي الوديع فهو صديقي ومؤنسي، أرجوك يا والدي لا بد من وسيلة أخرى لتحسن أوضاعنا.
أجاب الأب بحزن بعد أن شاهد رد فعل ولده: لا تحزن يا ولدي و لكن لا مفر من ذلك لأن أبي سعيد سيأتي غدا لأخذ الخروف ويعطيني ثمنه.
كان الكلب زعفران في بداية الحديث متمدداً في زاوية الغرفة يهز ذنبه بكسل، وأثناء الحديث وحين رأى تعابير وجه هاني اضطرب و استنفر واخذ يحوم حول صديقه هاني بخوف وهو يرى دموعه تنهمر، في نهاية الحديث توجه هاني إلى غرفته حزيناً، واختفى زعفران من الغرفة دون إن يلاحظ احد ذلك.
في صباح اليوم التالي ، توجه أبو هاني إلى الزريبة كي يعطي الخروف إلى الجزار أبي سعيد، ولكنه تفاجأ بباب الزريبة مفتوحاً وبأن الخروف غير موجود ...
أصابت الدهشة أبا هاني وأخذت يبحث عن الخروف في الزريبة وحولها، وفي كل مكان يحتمل وجوده فيه وهو ينادي بلا جدوى..
صحا هاني على صوت والده وعلى البلبلة التي يحدثها أثناء بحثه عن الخروف، وحين علم باختفاء خروفه، أحس بأمر ما قد حدث فأخذ ينادي على كلبه زعفران لكنه لم يأت، وراح يبحث عنه في كل مكان دون جدوى...
علم هاني بأن كلبه العزيز قد فهم ما كان سيحدث لصديقه الخروف، فقام بإطلاق سراحه من الزريبة وهرب معه كي ينقذ حياته, لم يكن هاني يعرف حقيقة شعوره في هذه اللحظة فهو من جهة كان فرحاً لان خروفه العزيز سيكون بخير، ومن جهة أخرى كان حزيناً لاختفاء صديقيه دون أن يدري في أي مكان هما، لذلك بقيت ابتسامة مرتسمة على وجهه، رغم أن عينيه الدامعتين كانتا تلاحقان خيالات في الأفق البعيد لساعات طويلة.
أخبار متعلقة :