خلال أقل من شهر شهدت مصر مجموعه من الحوادث الإرهابية، التي استهدفت كنائس الأقباط، كما شهدت الجمعة هجوما ضخما ومركزا على حافله تحمل عشرات الأقباط، وذهب ضحيه الهجوم عشرات من القتلى ومثلهم تقريبا من الجرحى، بعدما هاجمت مجموعه من المسلحين الحافلة، وقامت بإطلاق النار من أسلحة رشاشة على ركابها، وهو ما كان وراء ارتفاع إعداد ضحايا الهجوم من القتلى والجرحى.
في يوم الفصح كان الهجوم على الكنائس، واليوم كان الهجوم على حافلات، والهدف في كل هذه الهجمات المسيحيون، طبعا هذا لا يعني أن عمليات الاستهداف الإرهابي لم تصل لدماء المسلمين، فهناك استهداف كبير لأفراد الأمن والجيش المصري، فضلا عن العمليات الأخرى.
ما سبق كان في مصر، لكن ساحات عربية أخرى فيها ضحايا من المسلمين وغيرهم، لكن التركيز على المسيحيين في مصر يرسم مشهدا وكأن المسيحيين هم سبب مصائب الأمة، وإن البلاء الذي نعيشه وتعيشه مصر كجزء من الأمة يعود لوجود المسيحيين، تماما مثلما كان استهداف المسيحيين في سوريا والعراق من قبل داعش وأخواتها.
وبغض النظر عن الجهة، التي تقف وراء الهجوم على الحافلتين في مصر، فإن داعش تبنت الهجوم على الكنائس قبل حوالي شهر، لكن المشكلة في الفكر سواء كان في داعش أو تنظيم "حسم" الذي يتبع لبقايا إخوان مصر، أو أي تنظيم من ذات المدرسة الفكرية، هذا الفكر الذي يعطي نفسه الحق في قتل كل من لا يرى رأيهم، لكن التركيز على المسيحيين في بعض المراحل له غايات شيطانيه تهدف إلى جعل المسيحي المصري لا يجد الأمان في بلده، وأن يرى في كل شخص آخر مشروعا لانتحاري يريد قتله وتدمير كنيسته وحرمانه من حق الحياة.
هو الفكر الذي يترك كيان الاحتلال الصهيوني، الذي يحتل الأرض العربية والمقدسات ولا تقوم هذه التنظيمات، التي تدعي خوفها وحرصها على الإسلام، لا تقوم حتى بإزعاج كيان الاحتلال، بينما تقوم بالتخطيط الدقيق والإعداد المتقن وامتلاك التسليح لقتل مسيحيي مصر تماما مثلما تقوم بهذا لاستهداف المسلمين في مناطق أخرى في محيطنا وأشخاص أبرياء في مناطق أخرى من العالم.
هو الفكر أصل البلاء، وهو الهدف الأكبر في أي حرب على التطرف والإرهاب، فذلك الشخص الذي يرى نفسه مجاهدا وهو يقتل مواطنا من بلده من أتباع المسيحية أو حتى يقتل مسلما لأنه من وجهه نظره كافرا، هذا الشخص ليست المشكلة في يده التي تطلق الرصاص أو تفجر القنبلة بل في العقل الذي يوجهه والقناعات التي يحملها، والاعتقاد الذي يجعله يعتبر نفسه مجاهدا يستحق الجنة بعد أن يقتل مسيحيا أو مسلما أو يفجر نفسه في مسجد أو كنيسة.
وبعيدا عن عقليه المؤامرة، فإن من يمول ويصنع هذه التنظيمات حقق أول نجاح عندما صنع في داخلها أولويات وقائمة أعداء هم أبناء دينهم وأوطانهم، وجعل طريق الجنة يمر عبر دماء الأبرياء وأن يغمض عيونهم حتى عمن يحتل المقدسات.
مصيبة أمتنا في كل مراحل الضعف هو الفكر والقناعات، التي يحملها المتطرفون مثلما هي قناعات كل صانعي الضعف والتخلف.
سميح المعايطة - كاتب أردني
أخبار متعلقة :