تسمية الشيء بأثره أم بوصفه ؟ سؤال سنحاول الإجابة عليه للوصول إلي هدف معين و ما أروع أن يكون للإنسان مجموعة من الأهداف يسعي لتحقيقها لتكون للحياة معني !
و هدفنا اليوم هو الإصلاح و العلاج و معرفة من المسئول عن انحدار مستوى الأخلاق و السلوك و الذوق العام في مجتمعاتنا العربية و محاسبته ،، لأن أول طريق الإصلاح و العلاج هو الاعتراف بالمشكلة و من المتسبب بها و كيفية حدوثها ثم تأتي الخطوة الثانية بالتفكير العلمي و المنهجي و الاستعانة بالمختصين ليصفوا لنا طرق العلاج ثم نختار ما يناسبنا و تقوم بالتطبيق علي ارض الواقع و لا داعى للإنكار و التسويف لأن الأمر أصبح جدا خطير !
ما دعاني اليوم للحديث عن انهيار و انحدار مستوى الأخلاق هو ما لاحظته في عالم التواصل الاجتماعي من الشماتة بصورة كبيرة في كل المصائب و بالذات تجاه المشاهير كما هو الحال عندما تعرض الإعلامي عمرو اديب مؤخرا لحادث بسيارته و حالة الشماتة التي أظهرها البعض و التي تخالف الأخلاق و الفطرة الإنسانية السليمة ! و بالمناسبة انا لست من متابعي برامجه بل لا استطيع مطلقا ان اثق فيما يقدمه عمرو اديب و لا استطيع حتى سماع صوته و اشعر انه بكاش كبير ! لكن هذه نقرة و تلك نقرة اخرى ،،
نفس الشماتة تظهر من وقت لآخر بشكل مختلف في مواقف مختلفة و قد تابعت منذ وقت ليس بالبعيد كم الشماتة التي أظهرها البعض عند حدوث كوارث طبيعية او مصائب في بعض الدول كما حدث عندما تعرضت أمريكا لعواصف مدمرة مثلا و كان هناك خسائر في الأرواح أو الممتلكات ،، هنا يعجز اللسان عن وصف ما يظهره البعض من تطرف غير مسبوق في إظهار السعادة و التشفي بالرغم ان هناك فرق بين حكومات الدول و شعوبها و بين السياسة و العلاقات الإنسانية بمعني انك ربما تري امريكا دولة معادية للعرب و المسلمين مثلا و ربما يراها البعض دولة صديقة و يتلقي منها المنح و المساعدات ! فهل الحكم هنا يكون علي توجهات الحكومة الأمريكية و سياستها ام على الشعب الأمريكي الذي قد يكون غير راض عما تقوم به حكومته فيما يخص بعض الأمور ؟ و حتى لو افترضنا جدلا ان الشعب راض كل الرضا عن سياسة حكومته فهذا لا يعني الشماتة في حالة حدوث كارثة طبيعية لأن هناك شرف حتي في العداء و الحروب ،،
و إن كان التحضر يقاس بحسن الخلق و اللين و الرحمة و التسامح في وقت السلم فالاكثر شرفا و تحضرا هو اللين مع الأعداء و الرحمة بالنساء و الأطفال و الشيوخ اذا كنت في الجانب الغالب ! عموما يظهر معدن الإنسان عندما تحدث المصائب لمن يخالفه في الرأي أو لمنافس في العمل أو لخصم عنيد ،، هنا يكون الإختبار الحقيقي للأخلاق ،،
نرجع الآن للسؤال الذي طرحته في البداية هل تسمية الشيء بأثره أم بوصفه و من المسئول عن انهيار و انحدار مستوى الأخلاق ؟ سوف نجيب أولا علي الجزء الثاني من السؤال الذي طرحته لأننا جميعا مسئولون عما وصلنا له من انحدار خلقي عندما تخلينا عن رعاية الوالدين و الأبناء و المحتاجين و عندما تخلينا عن التزامنا بمهام الوظيفة و الإخلاص في العمل و عندما أخل الفرد في مجتمعاتنا باحترام القوانين و المحافظة علي النظام و عندما فشلنا في الإعتماد علي أنفسنا و لم نتحمل مسئولية السلوك و الرأي و عندما افتقدنا قيمة التفاعل و التعاون مع الآخر ! كلنا مسئول عن الانحدار الأخلاقي و ليست الحكومات و الانظمة و ليست المدرسة و الجامع و الكنيسة انما نحن جميعا مسئولون ! لأن الأنظمة من إفراز الشعوب ،، إذا فعلى كلا منا محاسبة نفسه و الحساب لا يعني جلد الذات انما يعني تصحيح الأخطاء ،،
أما اجابة على الجزء الأول من السؤال فإن تسمية الشيء تكون باثره و ليس بوصفه لأننا قد برعنا في وصف أنفسنا و اعتدنا علي ان العرب هم اصل الحضارة و لا مجال هنا للجدال في هذه الجزئية و لكن ماذا فعلنا بهذه الحضارة أو ماذا فعلت لنا هذه الحضارة ؟ و ما هو الأثر الكبير و الاضافة العظيمة التي اضفناها للعالم الذي نحيا به الآن ام أضعنا ميراث الأجداد من الحضارة لنتباهى به فقط و اضعنا معه أجيال قادمة افتقدت القدوة و الأخلاق ! و أصبحنا عالة علي العالم نحيا علي اطلال حضارة قديمة دون أي مساهمة في نماء البشرية و تقدمها ؟ متي ستحدث الصحوة ؟ نحن الآن في غرفة الإنعاش اما الافاقة أو الموت ،،
حنان شلبي
أخبار متعلقة :