سميت باسم المرحوم عمى يس محمد العيوطى. كان يعمل بالسكك الحديدة المصرية وكان يأمل أن أحذو حذوه. نجحت في امتحان مدرسة التلغراف بمنشية الصدر، وأجدت الـ مورس كود Morse Code وبدا المستقبل مشرقاً لى ببدلة زرقاء رسمية ومرتب متواضع.
لم أكن صاحب الاختيار. كان القدر ومشيئة الله قد أختار لى هذه المهنة الشريفة وبيدى شهادة الثانوية العامة من مدرسة الزقازيق الثانوية لعام 1945. ولم أرغب في الدراسة إذ كنت ضعيفاً بدنياً ومرهق ذهنياً. وطمأنت نفسي وأسرتي وخاصة والدى الأزهري بأن العبد في تقدير والله في تدبير.
كانت شقتي الصغيرو بأعلى سطوح عمارة بشارع قصر اللؤلؤة المتفرع من شارع الفجالة. أسكنها بإيجار 2 جنيه مصري وفي رعاية أسرة قبطية كريمة ، أسرة عمي ميشيل عبد السيد في الدور الثاني أدرس اللغة الانجليزية التي أتقنتها في السن الخامسة من عمري بالقنايات شرقية التي تديرها مشيخة العيوطي المسئوله عن رعاية الأقباط ومنهم أسرة الأخ وجدي رزق بأمريكا الآن. كانت المرحومة والدته هيلانه من ضمن أطفال الجيران، أسرة عمى رزق، ولعبنا معاً الكرة "الشراب" في الطريق الزراعية التي تمر بمنازلنا.
بعد ثلاثة أشهر من تدريبي بمدرسة التلغراف، ضايقني الروتين وكرهت أن أعمل بأصابع فقط. وإذ كنت جالساً "بالفرانده" بمنزلنا بالقنايات قبادله شادر عمي رزق وزوجته المرحومة "أم يوسف" وشقيقها عمي صليب، المسئول عن مكتبة الزقازيق الحكومية بمنزلنا ولم يكن هناك الكثيرون من أمثالى فى ذاك الحين. ناديت عليه وكانت صدفة العمر.
قال لى: الحكومة فتحت أربعة معاهد للمعلمين في القاهرة والاسكندرية والمنصورة وأسيوط. وأنت مؤهل لها. كدت أطير فرحاً. فتوجهة الى القطار من الزقازيق الى القاهرة. ومنها الى منشية الصدر حيث سحبت اوراقي وركبت قطار الضواحي الى حلمية الزيتون حيث معهد المعلمين. قبلت على الفور وعدت بذلك النبأ الى منزلي. فما كان منهم أن جهزوا الشربات وانطلقت الزغاريد ووفد المهنئين.
كان عميد المعهد الرحالة المصرى المعروف الاستاذ محمد ثابت مؤلف كتب "في داخل افريقيا" وفي داخل اسيا وهلم جرا.
احتضني العميد وبدأت في الدراسة بجد واجتهاد. أعجب العميد بطلاقة لساني وقلمي بالعربية الفصحى وخاصة أننى كنت الأول خلال ثلاث سنوات من الدراسة التي انتهت ببكالوريوس في التربية وكان الثاني في الترتيب صديقي الراحل المرحوم أحمد نجيب الذي حاز فيما بعد على جائزة الدولة التقديرية في أدب الأطفال.
كان أحمد نجيب يسكن في قليوب البلد، ويا حسرتي على عدم تمكني حتى الان من التواصل مع من بقى من اسرته وخاصة ابنه اسامة ومن يعرفني بطريق التواصل معهم اكون لهم من اجزل الشاكرين.
وحينما نشرت قصتى "دجال في قرية" عام 1948 كتب ثابت بك المقدمة لها وهى قصة تدور حول الدجل في صورة الاتجار بالدين كما هو الحال مع "الأخوان المتأسلمين" ثم اعيد طبعها بالقاهرة في دار "عالم الكتب" عام 2013 وهو عام طرد الاخوان من حكم مصر.
ونظراً لاجتهادى العلمى وقيامى بتأليف 17 تمثيلية حوال مصر المعاصرة.عينني المرحوم الدكتور عبد العزيز القفصى مدرساً بمدرسة النقراشي باشا النموذجية بحدائق القبة قمت هناك بتدريس تاريخ مصر والسودان وأيضاً الكتابة الانجليزية’ مما ساعدني على إضافة ما اكسبه من الدروس الخصوصية الى مرتبى الرسمي الذي لم يزد عن 18 جنيه شهرياً.
لم أكن اؤمن في يوم من الأيام بأن يدرس تاريخ مصر داخل جدران، أمنت بأنه يجب تدريسه حيث وقعت احداثه: حملة نابليون في الاسكندرية، حفر قناة السويسي فى الاسماعيلية، دراسة التوحيد فى مصر الفرعونية في الاقصر
اثارت هذه الطريقة اهتمام السفارة الامريكية بالقاهرة وكذلك اهتمام سفارات البرازيل وبولندا. وكانت الملحقة الثقافية في السفارة الامريكية اسمها مابيل ناردين Mabelle Nardin من ولاية ديسكونسين من المعجبين بطريقتي فى التدريس. رشحتني للدراسة بأمريكا كمبعوث فولبرايت Fulbright أيدها الدكتور القوص فى هذا وفى صباح 27 أغسطس عام 1952 ركبت باخرة امريكية اسمها الاكسكامبيون Excambion من الاسكندرية الى نيويورك. أخذت الرحلة 21 يوماً وحين وصولي في يوم 16 سبتمبر 1952 عرفت أنني سأبقى بأمريكا "أى من القنايات الى الولايات"!!
أطفال
أخبار متعلقة :