دعونا نبدأ بسؤال هل الرواية صنعة ام فن؟
يمكننا الإجابة بأن الرواية فن ضمن شجرة الفنون وارفة الظلال تكمن الصنعة فى بنيتها وتقوم على الدراية والتمكن القائمان على الخبرة وعلى ممكنات ومرجعيات لابد من توافرها لإقامة هذا الفن ، والصنعة هنا ليست حرفة ميكانيكية للأشياء بل لابد أن تتداخل مع التشكيل والتصوير
لإنتاج نصا إبداعيا تتوافر فيه الشروط والضوابط لبناء النص الأدبي بعيدا عن التقليد .
ويرى لوبوك Lubbock فى كتابه صنعة الرواية أنه لابد من توافر العديد من الآليات فى صنعة الرواية بوصفها الصنعة الفنية الاكثر انتشارا في عصرنا والتي تتقدم الأجناس الأدبية الأخرى ، حيث يرى ان الرواية تقوم على طرح وجهات نظر فى مشهد بانورامي وان عملية النقد لابد أن
تسترعي قراءة بناءة للعمل الروائي تتبع الأسلوب والصيغ من أجل إكتشاف النص وإمكانية الحكم عليه .
ولعل ظهور بعض المناهج النقدية العالمية قد أسهم في حركية وسيادة النص النثري الحدثى ( نظرية تداخل الجنس والنوع ) والتى ترى أن انفتاح النصوص الأدبية على بعضها البعض له اهمية بالغة الأثر فى الخروج بالنص عن القوالب التقليدية المعروفة والبعد عن القالب الصارم الذى مازال يتسلط على ذهنية كثير من الجيل التقليدي من كتاب الرواية .
وتضيف إم فورستر أنه لابد ان ينظر الى الرواية كما لو كانت مستنقع ترفده روافد عدة حيث تجد فيها الشعر والقصة والحكاية والمثل … الخ ، وبهذا تحل نظرية تداخل الأجناس الاشكالية فى الكتابة على جنس معين بحيث يصبح الكاتب حرا فى التنقل بين الأجناس المختلفة دون الاعتماد على جنس معين وهذا بدوره يؤدي الى الخلق والابداع ، وفى هذا الاتجاه لابد من وعي النص ووعي الذات والعالم وأن يستشعر الروائى حركية الأشياء فى نصه وهذا كله يتوقف على الأنساق الثقافية والمرجعيات التى تشربها المبدع وعلى دربته ودرايته بالأفانين الكتابية وإلا وقع فى مزالق تؤثر في مسار الرواية .
وترى بعض الدراسات النقدية ان نجاح اى رواية لابد أن يتوافر فيها أمران
1- الجهة المستهدفة بالقراءة ( القارئ الضمني)
2- تكثيف الجانب البلاغي القائم على المشهدية والتصوير الحافل بالصور فنية خيالية واضحة
وتأسيسا على ما سبق أرى من وجهة نظرى أن نظرية النقد الإبداعي حررت صنعت الرواية من القالب النمطي فى كتابة الرواية وجعلت الكاتب حرا فى مزج اكثر من جنس أدبى فى رواياته والحرية والبعد عن النمطية هما أول خطوة فى الطريق الى الإبداع .
أخبار متعلقة :