رغم تغير الظروف والحقب الزمانية المتعاقبة ، الا انه لا يزال هناك بعض لمسات الماضي التي تحمل في طياتها الكثير من الظلم و القهر والمعاناة، صفحات لم تمزق لتبقى محفورة كلماتها بذاكرتنا، فلطالما سمعنا عن أوضاع المرأة سابقا و محاولتها لتغيير واقعها و رحنا نؤكد على ضرورة استرجاع كرامتها و كبريائها ، لكن يبقى الجهل يطفو على السطح ، لتجد ان معظم الفئات المهمشة تلك التي لا تعرف حقوقها ولا تميز بين ما لها وما عليها، لتتحول الى مجرد آلة مبرمجة تقوم بما يملى عليها فقط، دمية تحركها خيوط رفيعة وهنة بحجة العادات والتقاليد التي أصبحت تكبل طاقاتنا و تمسح إبداعنا و تجبرنا على الركون بزاوية مهجورة او زنزانة انفرادية نمارس بها طقوس الوحدة والعزلة والحسرة، لازالت المرأة إلى غاية الآن تخاف من نظرات المجتمع و ألسنة الناس المتطاولة ، تحسب ألف حساب لخطواتها قبل ان تقدم عليها، تريد ان ترى نفسها في أعين الآخرين ، ان تظهر في صورة الحمل الوديع الظريف الذي لا يؤثر او يتأثر بمن حوله، تتخلى عن أهدافها وطموحاتها و تفضل العيش في قوقعة مجتمع مليئ بالغيبة والنميمة و النفاق والخداع، تنضم بكامل إرادتها الى تجمعات يطفو على سطحها الرجعية ، فتملأ رأسها بأفكار متناقضة متضاربة لا أساس لها من المنطق، و تعيش في دوامة القيل والقال، فتضرب بشهاداتها وثقافتها عرض الحائط، تتحول دون شعور منها الى مزهرية عتيقة بذهنية رجعية ، لا تحاول نفض غبار الوهن والضعف عن نفسها، فتنتهج سلوكات وتصرفات تنم عن شخصية مهزوزة متأثرة بالآخرين، توقف تقدمها وتعلن الاستسلام والرضوخ بحجة المجتمع و نظرات الناس لها وكلامهم عنها، لازلنا إلى غاية الآن نعيش لإرضاء من حولنا و نحاول دوما لتزيين صورتنا لهم، نلبس أقنعة زائفة لا تناسبنا بل تناسبهم و ترضي غرورهم و كبرياءهم، ليس عيبا أن نحلم و ننجح ونبتكر ، ليس جرما ان نسعى لتحقيق اهدافنا و طموحاتنا، ليس هناك قانون او مرسوم او حتى دستور يجبرنا على اتباع بنود مجتمع مليئ بالتناقضات .
أخبار متعلقة :