بوابة صوت بلادى بأمريكا

قصة قصيرة بقلم هدى حجاجي أحمد

 
 
يوم هجرها وحيدة مغادرا للابد دون أن يترك  وراءه أي باب موارب كان من الممكن أن يلج ضوء عودته أو حتى ظلهُ من خلاله.
لم تبكِ ،، ولم تصرخ ، كانت قد عاشت حياتها كلها في قلق ،طفولة حزينة ومراهقة يائسة حتي تحولت إلي امرأة معطوبة تعفن قلبها قبل أن يثمر وانطفا في عينيها نور الشغف ،،في ذلك اليوم عادت للبيت وفتحت زجاجة نبيذ من بين تلك الزجاجات التي كان يخبرها ليشربها خلال ليال الأرق ،،بينما هي تغط في نوم عميق ،، فتحت كتاب كي تقرأ فيه لكاتب انجليزي وكانت الصفحات تشير إلي مشهد الفتاة العاهرة ومن حولها ضباط الجيش يتناقلونها بينهم ،،كانت قرأت هذه الرواية مرتين وتحفظ هذا المشهد جيداً ،،استردت مشاعر الكاتب وهو يصف اشمئزازهُ ثم بصقت ذاكرة قبلة من على شفتيها إلي حانة الكأس ،،راحت تتقيء كل ذكرياتهما معا ،،القبل والعناق والشهقات حتي فرغت منه عند رابع كأس
ولم يتبق داخل الزجاجة سوي إصبع صغير جداً تخنقه خاتم ذهبي مزخرفه بحرفين صغيرين ،،ارادت بتر الاصبع لأن قدرتها على انتشال الخاتم قد اضمحلت إلي ما وراء العادة والتعود ،،قالت في نفسها أن أعيش دون إصبع اهون من أن أعيش بإصبع فارغة ،،كانت في غاية النشوة وكادت فعل ما فعله هو فإن جوخ بإذنه لولا رنة الهاتف اللعين ،،اخذت شياطين الوقت تعبث بالساعة كعادتها واشرقت الشمس على شعرها المتسخ بالقيء وقد اعتراها صداع رهيب جدا وبدت عيناها تحت مصباح الغرفة مثل شبح مفتون بغيمة ،،تمنت أن تسدل الستارة وينطفيء المصباح لتواصل الموت ولكنها كانت تدري انها أعجز من أن تتحرك وأن قامت من مكانها سيتعين عليها غسل وجهها وتنظيف هذا الهراء بعد فنجانين من القهوة السادة ،،لذلك واصلت التحديق بفراغ وبياض الغيم من خلال ثقوب النافذة وهي تدندن لحنا منقطعا حتي انقطعت أنفاس الصباح على مساء آخر تحت رنين الضوء الشاحب وجدران الغرفة تضيق وتتسع كالرحيل..

أخبار متعلقة :