لم يتخيل أحد يوما ما حدث في سوريا ، انهيار تام للنظام الأسدي في ايام معدودة بدون أي مقاومة ، وهروب رئيس البلاد بشار الأسد وعائلته ، تاركا سوريا والشعب خلفه لمستقبل غامض. ملامحه لا تعرف حتى الأن. فالوضع في سوريا متعدد الأبعاد، وقد حدث ذلك نتيجة عوامل سياسية، عسكرية، اجتماعية واقتصادية. بدأ منذ العام 2011 ، عندما كانت سوريا مسرحًا لأحداث دراماتيكية، أشعلت شرارتها احتجاجات شعبية ضد النظام، تحولت مع الوقت إلى نزاع مسلح شامل، ثم إلى حرب أهلية مستمرة. استمرت لعدة سنوات كانت فيها درجات العنف والتصعيد متفاوته. فالحرب السورية شهدت تدخلات خارجية من دول إقليمية ودولية، مثل روسيا التي دعمت النظام السوري ينما دعمت الولايات المتحدة وحلفاؤها بعض جماعات المعارضة. بالإضافة إلى أن، تركيا تدخلت في الشمال السوري ضد الأكراد، في حين أن إيران دعمت الحكومة السورية عسكريًا . أما تنظيم "داعش" فقد كان له وجود قوي في سوريا حتى تم القضاء عليه في العام 2019
وقد خلفت هذه الحرب ملايين من اللاجئين والنازحين داخليًا وخارجيا، بالإضافة إلى مئات الآلاف من القتلى والمصابين. أما البنية التحتية للبلاد فقد دُمرت بشكل كبير، مما جعل الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم صعبًا للغاية
وبعد هروب الأسد، الكل متخوف من القادم، فلا أحد يعرف إلى ما سيؤول له الوضع ، فالوضع السياسي في سوريا قد يشهد مرحلة تحولات معقدة. فغياب بشار الأسد سيتسبب في فراغ سياسي كبير. قد يدخل سوريا مرحلة جديدة من الصراع السياسي والأمني. مع احتمال انقسام القوى العسكرية والسياسية الموالية له، حيث سيتنافس العديد من الفصائل العسكرية على السلطة، ومع دخول فصائل التحرير إلى دمشق ومناطق أخرى، قد يتغير توازن القوى بشكل جذري، مما يفتح الباب أمام تشكيل حكومة انتقالية أو مجلس قيادة جديد
ومن المرجح أن يشهد الوضع الأمني تحديات كبيرة بسبب تداخل الفصائل المسلحة وتعدد الأطراف المتنافسة على السلطة. وقد تبرز شخصيات جديدة من داخل النظام أو حلفاء خارجيين (روسيا وإيران) الذين سيسعون لتشكيل حكومة جديدة تضمن مصالحهم. في المقابل، ستزداد فرص المعارضة السورية لتنظيم صفوفها، ولكنها ستواجه تحديات كبيرة في التوصل إلى توافقات فيما بينها، خاصة مع تباين الأيديولوجيات والمصالح
ولا يستثنى من ذلك الأكراد، الذين يلعبون دوراً مهماً في شمال سوريا، وقد يسعون لتعزيز نفوذهم، مما قد يؤدي إلى مزيد من التوترات مع تركيا. في الوقت ذاته، ستزداد معاناة الشعب السوري بسبب الفوضى التي قد تنشأ في غياب نظام مركزي فعال، مما يعرقل إعادة بناء البنية التحتية وإعادة الإعمار. ومع تزايد الضغوط الدولية، قد يسعى المجتمع الدولي للتدخل بهدف تسوية سياسية، إلا أن تحقيق الاستقرار قد يحتاج لفترة طويلة أو ربما سيظل مهمة صعبة في ظل الانقسامات العميقة
من جهة أخرى، يعد خروج النظام السوري من الحكم ، فرصة لكي يتمكن المجتمع الدولي من تقديم المزيد من الدعم الإنساني، ولكن استدامة هذا الدعم مرهونة بالاستقرار السياسي والاقتصادي في سوريا. و يأمل الشعب السوري في بناء دولة ديمقراطية تعتمد على العدالة والمساواة، بعيدًا عن الاستبداد والتمييز الطائفي. إذ يتطلعون إلى تحقيق السلام والاستقرار، بعد سنوات من الحرب والمعاناة. والسعي إلى إعادة إعمار بلادهم وتوفير فرص عمل وتحسين الظروف الاقتصادية. مع تأملهم في تحقيق العدالة لملايين الضحايا، سواء عبر محاكمات أو محاسبة المجرمين. والتطلع إلى استقلالية حقيقية عن التدخلات الخارجية وتحقيق سيادة وطنية خالصة.
أخبار متعلقة :