جدتى.. ووعد الملاك بقلم صموئيل نبيل أديب

كنت اتعجب دائما ممن يتمسكون بالتقاليد في هذا الزمان .. أراهم كأبطال الأولمب عظماء..

لابد أن تكون شديد الإيمان لكى تستمر في خبز فطير الملاك كل شهر و تقف توزعهه مجانا على الناس.. لابد إنك واقع في هوى الست ام هاشم لكي تطبخ قِدر الفول النابت و تقف في عز الشمس توزعه لمحبي الست القادمين من ربوع مصر  ...

بالرغم من غلاء الأسعار  الذى يكوى الكل ، نجدهم صامدين للتقاليد.. واقعين في الحب  الإلهى... 

اليوم الذكرى الشهرية التي تقيمها الكنيسة القبطية لواحد من ملائكة السماء الملاك ميخائيل  .. يخبز فيها المصريون فطيرة صغيرة كل يوم 12 من الشهر القبطي .. يوزعونها مجاناً أمام الكنائس للغريب وللقريب و لأبن السبيل تذكارا لذلك الملاك الذي يحبه المصريون لدرجة أن نصف كنائس مصر تجد إسمها العذراء مريم و الملاك ميخائيل..

اقترن في نفوسهم بالمعجزات وهو الذي يشفع  عن ماء النيل لذا ارتبط في ذاكرتنا بالسمك أيضا ..

اخبرتني امي ان النساء القدامى كُن يضعن الفطائر الصغيرة  فوق بعضها علي شكل تلة و من فوق يضعن فطيرة  وآحده  و يذهبون للنوم ، وعندما يستيقظن كُن يجدن هذه الفطيره مقسومة إلى  نصفين  اشارة الى مباركة  الملاك لهذه الهدية..

اعترف اني ضحكت عندما سمعت هذه القصة.. فهي بالتأكيد خرافات الماضي و حكايات الجدات العجائز.. و لكني اعترف أن ما سأقوله حصل بالفعل.

امي طباخه ماهره في اي شئ يخص الأسماك.. مقلي مشوي أو  في الدمعه.. اتذكر شهادات الضيوف في جمال طعم السمك الذي كانت تطبخه ، و لكن جاءت فترة استمرت لسنتين لم نكن نتهنى فيها على أكلة سمك... كلما طبخت امي الاكله إما أن  يتصل بنا شخص لمصيبة.. أو يحضر ضيوف فتترك الاكل  ، أو يحترق السمك أو يكون مُر الطعم..

استمر الأمر لسنتين كاملتين حتى كرهت السمك و أكله.. و في يوم تذكرت امي ان جدتي ( ام أبي) كانت كلما اشترت السمك تُخرج منك هدية للملاك توزعه على الفقراء، و قبل موتها اوصتها هي وسلفتها أن تستمرا في فعل ذلك هدية للملاك ميخائيل..  وماتت جدتي و بعدها ماتت زوجة عمى.. و أصبحت امي المسؤله و لكنها نسيت الوعد مع الزمن و مشاكل الحياة .  و من وقت وفاة جدتي  لم تطبخ امي اكلة سمك حلوة ابدا...و لم نعرف السر الا عندما تذكرت هي الوعد و لم ناكل سمك جيد إلا بعد أن تُخرج منه شيئا للملاك كل مره.. 

أقُر انها قصة حقيقة  و اعترف أنى بت أثق إن هؤلاء الذين يحافظون علي التقاليد هم ابطال هذا الزمان القابضين على الجمر… دراويش الحُب الالهي.. وان الملاك أيده طايله بجد 

كل عيد و انتم طيبين