يٌعد مفهوم الشرف من المفاهيم الراسخة فى الثقافة العربية،وفى الضمير الجماعى لأفراد المجتمع بشقية المادى والمعنوى،ويتجسد الشق المادى للشرف فى عفة،وحصانة كل من الرجل والمرأة وصيانتهما لجسديهما بصفته أمانة، لذا حثت الأديان السماوية على تهذيب الغريزة الإنسانية وضبطها فى إطار شرعى حفظاً لكرامة هذا الجسد، وحماية له من الأمراض بالنهى عن المٌحرمات من علاقات غير شرعية، وكل المواد التى من شأنها إضعاف الجسد وإمراضة من مٌخدرات،ومٌسكرات،ومواد غذائية ضارة فلم تخل الأديان من وضع ضوابط للطعام أو مٌحرمات للطعام.
أما الشق المعنوى للشرف فقد تخطى مفهوم الجسد وصولاً لمعنى أكثر عمقاً وتجريداً يتم فية ربط شرف المرء بأقواله،وسلوكه الإجتماعى،ومكانتة الإجتماعية،وشرفه المهنى،وحسبه ونسبة....... إلخ.وقديماً فى الجاهلية كان لقب الشريف والشريفة يرتبط بسادة العرب،فكان المفهوم يعكس المكانة الإجتماعية لأفراد المجتمع الذى كان منقسماً آنذاك إلى طبقتين هما طبقة السادة أو الأشراف،وطبقة العبيد حتى محت تعاليم الأسلام تلك الطبقية البغيضة،وساوت بين أفراد المجتمع وأصبح الفضل والخيرية بينهم قوامها التقوى، ومراقبة الله،وتهذيب النفس والترقى بها عن الشهوات والملذات المٌحرمه.
ويٌعرف الشرف وفقاً لقاموس المٌعجم الوسيط بأنه علو النسب والقدر مع حميد الصفات،وهو العلو والمجد والإِباء،والعفة،والحصانة،والخٌلق الرفيع، وشرف الكلمة أمانتها ونزاهتها وصدقها. غير أن الثقافة الشعبية قد عظّمت من قيمة الشرف المرتبطة بالمرأة ممثلة فى عذريتها مما أدى إلى تأنيث مفهوم الشرف لربطه بشرف الفتاة(عذريتها)، وشرف الزوجه(حصانتها) فلا تنفك الحصانة عن الفتاة بمجرد زواجها، لذا إرتبطت سلامة الشرف بأعراف إجتماعية تحمية تمثلت فى إراقة دماء المفرطين، وتم تعزيز تلك الأفكار من خلال توعية الفتيات بأهمية المحافظة على شرفهن من خلال عملية التنشأة الإجتماعية بِدء بصيانة الجسد لطريقة الجلوس،واختيار الملابس الساترة للجسد، وطرق التعامل مع الآخر من داخل الأسرة وخارجها. وقد إتخذت الثقافة الشعبية بعض التدابير لضبط الأنثى بالمجتمع كالختان الذى دعمته المعتقدات الشعبية، ولم تقره الأديان والكوادر الطبية، وتزويج الفتيات بمجرد بلوغهن بأبناء العمومة والخؤولة فى سن صغيرة لاسيما فى ريف وصعيد مصر، وفى الأوساط الشعبية.
ومن أخطاء الثقافة الذكورية بالمجتمعات الأبوية أنها لم تٌعظّم قيمة الشرف للرجل بنفس القدر الذى عظّمت به شرف المرأة، بالرغم من الأديان السماوية لم تٌفرق فى الحدود بينهما،حتى أنه فى جرائم القتل التى تتم بدافع الشرف يكون القتل من نصيب المرأة دون الرجل، وكثيراً ما تعرضت حتى المٌغتصبات فى مناطق النزاعات وفى مٌخيمات اللاجئين للعقاب الإجتماعى أدناه النبذ والإزدراء،وأعلاه القتل والتشويه الجسدى، رغم أن الضحية تكون فى وضع إضطرار وليس إختيار. لذا فمن الضرورى تدعيم قيمة الشرف للذكر والأنثى على حد سواء دون تمييز بينهم بتنشئتهم على مراقبة الله، وتهذيبهم،وتأديبهم وتوعيتهم بحقوقهم وواجباتهم الإجتماعية،وبتعزيز ثقافة الحلال والحرام فيهم،دون ثقافة العيب. فصلاح المجتمع مرهون بصلاح الرجل والمرأة، ورقى المجتمع مرهون بالإرتقاء الفكرى والأخلاقى لأفراده فلنربى النشىء على قيم الشرف،لا فرق فى هذا بين ذكر وأنثى،رجل وأمرأة. فشرف الرجل موازى ومساوى لشرف المرأة.
أخبار متعلقة :