سؤل احد السياسيين غير العرب في ثمانينيات القرن الماضي عن جلجة الحزن المخيم على خطابه حد الجنون . فرد بصورة غريبة طريفة ظلت عالقة بذهني .. اذ قال : الم يقل شاعر العرب ( ما لذَّةُ العيش إلا للمجانين ) .
للعيون لغة لا يفهمها إلا المحبّين يخيّم الصمت فيها عندما يبدأ الآخرون بالكلام فيعزف أجمل الألحان .. فلمعة العين تشتعل عند رؤية من نحب.. فالغارقون في بحر الهوى أموات حتى إشعار آخر..
عرفت فينوس باله الحب والجمال والخصب عند الاغريق والرومان وهي مثال للسحر والفتنه في المرأة ، تمثل احد اهم اعتقاداتهم التي تقول أن الاله فينوس ولدت في البحر وجاءت لشواطىء قبرص في محارة وقد ارتبطت منذ ذلك الحين بصور شتى كلها تدور حول محور الحب والانوثة والجمال .. وبمعزل عن الربط بين تاريخ عيد الحب بتعاريفه وشروحه المتعددة ثمة وصلة ما توجد بين فينوس وذلك العيد ..
اذ يحكى ان الشاعر شوستر ربط بين فنالتين وعيد الحب ببيت شعر جاء فيه :
في يوم عيد القديس فالنتين
حين يأتي كل طائر بحثًا عن وليف له
عيد الحب أو يوم القديس فالنتين هو مناسبة مسيحية بالاصل يحتفل به الكثير من الناس حول العالم في 14 فبراير من كل عام يتخذون من العاطفة رمزا يعبر فيه المحبون عن حبهم لبعضهم البعض عن طريق إرسال بطاقة معايدة أو إهداء الزهور وكتابة القصائد وغير ذلك .. اصل الحكاية ترتبط باثنين يعتبرهم المسيحيون (شهداء) في سبيل المسيحية في بداية ظهورها، لكن تغير المفهوم عبر القرون اللاحقة اذ أصبح هذا اليوم مرتبطًا بمفهوم الحب الرومانسي .
تطور الامر وخرج من نطاقه الأوربي او المسيحي ليطغى ويكتسح بقية العوالم والدول والمجتمعات تحت تاثيرات الحضارة والقرية العولمية وما تحتويه من شبكات نت وتواصل اصبح اغماض العين فيه من الأمور الشاذة بل المضحكة التي لا يمكن تعاطيها كعلاج لامور تعد خطيرة ان ترسخت واستخدمت بشكل خاطئ قد يضرب بنية المجتمع .
العرب في بيئتهم الواسعة مترامية الأطراف ليس اقل شانا رومانسيا عن بقية اقرانهم في العاطفة والوجدان والتواصل .. فللعرب قائمة طويلة من الجنون العشقي والحب العذري الذي صار مضرب للمثل العالمي في قصص لم تمحها عربات الزمان ولم تطويها ستائر النسيان منذ قرون ، مثل حكايات .. عنترة وعبلة ، وجميل وبثينة ، ومجنون ليلى ... وغير ذلك الكثير في بيئة عامرة بالعواطف الجياشة بما يحمله العرب من ارتباط بالأرض والعرض والعشق والرومانسية بكل أنواعها ..
لكن الأخطر في الامر ان يتوهم البعض سيما من يعدون انفسهم نخبة التغريب وأدوات الحضارة .. بان العرب لا يعشقون الا على طريقة عيد الحب المستوردة غربيا وفيها من الشذوذ التسقيطي ما يجعلها مستهجنة في وقت لنا تاريخنا وواقعنا الذي ينبغي ان نحتفل به بطريقتنا وما يرتبط بشريعتنا وثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا .. التي هي ليست جامدة ولا يمكن لها ان تقف عند حدود الاستنساخ الأحمر ..
هنا اذكر اجمل ما قرات بحياتي المليئة بالقراءة فيما جاء على لسان شاعر العرب المتجذر ( ديك الجن ) الذي الصق به اللقب لخضار عينيه في بيئة سمراء صحراوية متقدة حد السحر المخملي .. وقد قال في عشقه وعشيقته في يوم ماتمها الأحمر :
فَوَحَقِّ نَعْلَيْها وما وَطِىءَ الثرى
شَيءٌ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْ نَعْلَيْها
أخبار متعلقة :