ارتبط الشكل في الفن المصري القديم بالتعبير عن الواقع الذي يشبع النفس ، والشكل في الفن المصري القديمينطوي على إشارات ورموز فلا يتردد في مزج أغرب الأشكال ببعضها البعض فيمزج شكل الطائر بشكل الإنسان مثلاً،وتبدوالأشكال الحية والمتحركة كأنها تعيش في يقظة فشكل جسم الإنسان فى الوضع الجانبى والأكتاف من الأمام والجذوع من ثلاثة أرباع دائماً،أما قطعان الماشية فشكلها تسير هادئة والطيور بين نبات البردي والنمور والقطط تسير على أكف ناعمة متأهبة نشطة أما جموع البط فأنها تتهادى في سيرها.
الأشكال الجانبية للأشخاص :
نذكر أن قواعد المنظور تجعلنا نتصور مجموعة الأشياء على سطح ذو بعدين في حين أن المنظور الفراغي يولد الشعور بالبعد عن طريق تــدرج الألوان والظلال ، ولم يقصد الفنان اتباع قواعد المنظور وإنما من الجهة الموضوعية يري ماهية الأشياء في الواقع فهو لا يصورها كما تراها العين وإنما يصور ما يريد ، فقامبتصوير شكل الإنسان من الجانب لأنه يسمح بإبراز أجزاء الجسم المختلفة في أكمل مظاهرها وأحلى خصائصها ، ولأنه يتمشى مع القاعدة التي استبعدت وسائل الرسم بالمنظور والتي تقرر أنه من الأفضل تصوير الكائنات والأشياء بأقرب الوسائل إلى الواقع ، والشكل في الفن المصري القديم يعكس صورة الحياة في مجموعها وفى شتي مظاهرها التي يمكن أن تشملها، لذلك ترى الأشكال لفرس النهر والطيور والأسماك والحيوانات البرية وزراعة الحقول وجنى الكروم وصناعة النبيذ وأعمال الحصاد، وتشوين الغلال وأشكال الخزف وصناعة الخبز والجزارة والصياغة والتجارة والأحذية وبناء السفن والسلال وأشكال عزف الموسيقى والرقص والحفلات و الرياضة البدنية والألعاب المتنوعة ممثلة كثيرا فى الأشكال.
وفى عصر الازدهار الفني زادت معرفة الجمال التشكيلي البشرى وترجمته فى إطالة النسب ، فرسم الأجسام بالشكل الذي يكسبها قدراً كبيراً من الأناقة باستهداف أبدع الأشكال التشريحية للجسم ، فالعضلات أكثر انسجاماً وأناقة إلى جانب كونها أكثر نمواً وتضخماً، مما يبرز الشكل ويوضح حركة الجسم رغم قلة البروز في تصوير الشكل ، ومن ثم تصبح الحركات والأوضاع أكثر مرونة وحيوية.
وفى عصر الأسرة الـ 18 تميز الشكل بصفاء الخطوط التي تصور الأجسام واتساق الإيقاع في التأليف وبعض الأوضاع التى تدل على شيء من المرونة،والألوان في الأشكال لا تقل روعة عن الخطوط وأن انتقال الأشياء في العمل الفني الذي يشكل تدرجا في اللون مما يكسب الأشكال كل البروز والحجم المطلوبين.
فالشكل في الفن المصري القديم لا يخضع لقانون الأبعاد الثلاثة ، حيث منظر الشكل على بعدين أثنين مع مراعاة أصول المنظور من حيث البعد والقرب حتى تظهر الصورة المسطح للرائي وكأنها ذات أبعاد وعمق.
اما أشكال الشخصيات الرئيسية ( الآلهة - الملوك - أصحاب المقابر) رسمها أكبر من غيرها حتى تظهر أهميتها العظمى في المناظر، ثم بدأت في الظهور أشكال عامة لأفراد الشـــعبوأشكال الحيوانات والطيور ، لقد كان الشكل في الفن المصري القديم أساسا للمواضيع المتنوعة في الحياة اليومية فكانت الحروف ذات معنى دلالي من أشكال ورموز وإشارات أيضا ، وكانت الأعمال والتاريخ يترجمان إلى أشكال ترسم وتنحت على جدران المقابر وأوراق البردي فكان التعبير بأشكال الزهور وأشكال الطيور دلالة رمزية للملائكة والأرواح وهى تصعد إلى السماء وتعاود الهبوط.
اما الأشكال الرمزية التي تجمع بين قوة الأسد وعبقرية عقل الإنسان كما في تمثال أبو الهول والنسبة والتناسب هما أساس تكوين هذه الأشكال التي أفصحت عن بعض من حضارة هذا الإنسان ونظام حياته وعقيدته في الحياة الأخرى، أشكال ارتبطت بالواقع ولكنها لخصت وبسطت خطوات واختزلت كثير من الخطوط للتأكيد والوضوح وانسجام عناصر الشكل ، وأشكال ارتبطت بالرمز مثل مفتاح الحياة ( عنخ ).
وأشكال الحروف الهيروغليفية المختلفة وهى أشكال تجريدية قريبة من الواقع وبعض الأشكال الهندسية ، وكذلك أشكال نبات اللوتس والأشجار والصيد والزراعة ، وكذلك الأشكال الجدارية التي تحكى قصة حياة الملك من ميلاده إلى أعماله وحروبه ..إلخ ، إلى جانب الأشكال الهندسية لشكل الهرم والمسلات والمعابد والأعمدة والعمارة والنحت والفنون التطبيقية المختلفة فهي أشكال هندسية تقوم على أساس البناء الرياضي والحسابي الكامل .
والشكل في الفن المصري القديم أرتبط بالواقع ولكن لم يتم نقله بل قدمه بصورة مبسطة وأرتبط أيضاً بالتجريد حيث بسط الخطوط إلى أقصى درجة ولكنه ليس فن تجريدي مبهم ولكن تجريد بسيط ليتناسب مع الواقع وارتبط أيضا بالسريالية بواقعية بالجمع بين أجسام الحيوانات ورؤوس الآدميين أو رؤوس الطيور وأجسام الإنسان وكذلك رؤوس بعض الحيوانات على أجسام بشرية والتي كانت تمثل بعضالآلهة، إنها أشكال سريالية ولكنها مرتبطة بالواقع أيضاً ومرتبطة بالطبيعة.
ارتبط الشكل بالبساطة في التعبير وانسيابية الحركة وتكامل عناصر العمل الفني وتأكيد الرمز بطريقة وأسلوب جعلته ينفرد بشخصية مستقلة أثرت بقوة بنائها على كل الفنون الأخرى وخصوصا التي وردت من اليونان والرومان والفرس نتيجة الغزوات المتلاحقة على مصر.
وقد كان الفنان المصري يحلل الأشكال التي يرسمها إلى أجزاء مستقلة في ذهنه ثم يعيد صياغتها في الصورة في صياغة جديدة مصورة من الأمام في مستوى واحد لا تتنوع فيه الأبعاد وقد نجح في التوفيق بين الرموز المطلوبة لتحقق أفضل أداء تشكيلي ممكن وقد ركب الفنان المصري القديم رموزه على نحو ما يفعل الفنان السريالي المعاصر.
إن الفنان المصري القديم قدم الكثير لإثراء لغتة الرمزية وأهمها رموز الآلهة مثل رموز الإلة ( رع ) إله الشمس ، ( أوزوريس ) إله النيل والزرع ، والطائر ( أبى منجل ) إله القمر، وظهرت الرموز التي تمزج بين كل من الشكل الإنساني والحيواني في عمل فني واحد.
يظهر هذا التصور الشكلي في أحد الصور التي ترمز لإله الشمس الذي يتمثل في هيئة إنسانية ورأس حيوان ، وكانت الآلهة تمثل في صورها الأصلية كما ظهرت في الشارات والرموز الدالة على المقاطعات ، وتطورت أشكالها بعد ذلك في صور إنسانية .
فالقيم الجمالية في الأشكال الهندسية أو الرمزية أو أشكال الحياة العامة تعتمد على العلاقات الفنية بين الشكل والفراغ والوضوح والانسجام والبساطة والتماسك والوحدة ورشاقة الخطوط وتأكيدها .
أخبار متعلقة :