يمتلك العديد من الأفراد وجهات نظر مختلفة ويظهرون ميولًا ودية جنبًا إلى جنب مع الذكريات الجميلة. ومع ذلك، عند تولي الأدوار القياديه والارتقاء إلى مناصب السلطة، تصبح التناقضات واضحة. وهذا يجعلنا نفكر فيما إذا كان الشخص المعني يظل صادقًا مع نفسه السابقه أو يخضع لعملية تحول.
تنشأ بداخلنا تساؤلات بشأن تأثير المنصب الذي يشغلونه على سلوكهم الحالي. فيتساءل المرء عما إذا كانت هذه السمات متأصلة معهم طوال الوقت ولكن ظلت دون أن يلاحظها أحد؟ أم هى نتيجة اعتلاء الكرسي الجديد ويؤدي الارتباك الذي أعقب ذلك حول سلوكهم إلى استنتاج مفاده أن مايحدث من تغيير فى شخصياتهم وسلوكياتهم كان بسبب هذا الكرسي أو نستطيع القول بأنه نرجسية الكرسي .
فماهى اذن نرجسية الكرسي ؟
نرجسية الكرسي، مصطلح يستخدم لتصوير سلوك الأفراد الذين يمارسون السلطة أو المركزية في سيناريو معين، بإظهار الغطرسة والعنجهيه. ينظر هؤلاء الأفراد إلى أنفسهم على أنهم متفوقون على الآخرين ويعتقدون أنه يحق لهم الحصول على معاملة وامتيازات خاصة بسبب سلوكهم الاستبدادي.
تشير نرجسية الكرسي إلى الأفراد الذين يستغلون قوتهم ومكانتهم لتعزيز مصالحهم الشخصية وتحقيق مكاسب شخصية على حساب الآخرين. إنهم ينظرون إلى أنفسهم على أنهم أكثر أهمية وتفوقًا على الآخرين، ويتوقعون الاحترام والإعجاب والتفاني من أقرانهم.
تتجلى نرجسية الكرسي من خلال السلوكيات المختلفة بما في ذلك التباهي بالإنجازات الشخصية والممتلكات المادية، واستخدام موقعهم الموثوق للتلاعب بالآخرين لتحقيق مكاسب شخصية، وتجاهل الآخرين أو إساءة معاملتهم كمجرد أدوات لتحقيق أهدافهم، وإظهار القوة والكفاءة والهيمنة بشكل مفرط على الآخرين، وتجاهل رغبات واحتياجات الآخرين مع تجاهلهم تمامًا.
يشكل السلوك النرجسي للكرسي مشكلة اجتماعية كبيرة، مما يؤدي إلى تفاقم العداء وعدم التعاون في البيئات المهنية والاجتماعية، مما يؤدي إلى تدهور العلاقات الشخصية. تتطلب معالجة نرجسية الكرسي التعامل الدقيق وتعزيز ثقافة التوازن والتعاون والاحترام المتبادل بين الأفراد..
يمكن أن تشمل أعراض نرجسية الكرسي مجموعة من السلوكيات والميول التي تدل على مظهر هذا التكوين الشخصي الخاص. يمكن أن تظهر الأعراض تباينًا من فرد لآخر، ولكن هناك بعض الخصائص المشتركة التي قد تكون موجودة.
1. الإعجاب المفرط بالنفس: الفرد المصاب بنرجسية الكرسي ينظر بشكل مفرط إلى نفسه على أنه متفوق وفريد مقارنة بالآخرين. إنهم يظهرون مستوى عالٍ من الإعجاب الذاتي وينظرون إلى أنفسهم على أنهم أكثر أهمية وذكاءً وجاذبية من نظرائهم.
2. عرض التواصل الاستعراضي: يتميز الفرد النرجسي بالرغبة الملحة في الاهتمام والتحقق من الآخرين. إنهم يميلون إلى التحدث بشكل مفرط عن أنفسهم وعرض إنجازاتهم وكفاءاتهم بطريقة مملة ومتغطرسة.
3. الحاجة المستمرة للتحقق: يعتمد الفرد النرجسي بشكل كبير على التأكيد الخارجي لتعزيز مفهومه الذاتي. إنهم يتوقون إلى الثناء والتحقق المستمرين للحفاظ على صورة ذاتية إيجابية وتأكيد قيمتهم الجوهرية.
4. نقص في التعاطف والاحترام العاطفي: يواجه الفرد النرجسي تحديات في التعاطف مع مشاعر الآخرين وفهمها. قد يُظهرون نقصًا في الانتباه تجاه مآزق ومتطلبات الآخرين، ويختارون تجاهلها تمامًا.
5. السعي وراء السلطة والتفوق: لدى الفرد النرجسي تطلعات للهيمنة والسيطرة والسماحة عبر مختلف المجالات. إنهم يسعون جاهدين لشغل منصب متفوق والانجذاب نحو الظروف التي تتوج بالنصر والإنجاز الشخصي.
6. العداء والسخط تجاه النقد: يميل الفرد النرجسي إلى أن يكون حساسًا للغاية للنقد وقد يشعر بمشاعر الغضب أو الاستياء عند مواجهة الرفض أو الرفض.
7. استغلال الآخرين لتحقيق مكاسب ذاتية: يستخدم الفرد النرجسي الآخرين كوسيلة لتحقيق أهدافه الشخصية ويستفيد منها بشكل غير عادل. إنهم يزرعون العلاقات التي تخدم مصالحهم الذاتية بينما يتجاهلون احتياجات الآخرين.
يتطلب تشخيص اضطراب الشخصية النرجسية تقييمًا من قبل ممارس رعاية صحية مؤهل. معظم هذه المعلومات مستمدة من المؤلفات العلمية ذات السمعة الطيبة والمصادر النفسية. ومع ذلك، لا بد من تسليط الضوء على أن التحديد النهائي بشأن وجود اضطراب الشخصية النرجسية يتطلب تقييمًا من قبل أخصائي الصحة العقلية مثل طبيب نفسي أو معالج نفسي معتمد.
إذا كنت تشك في أنك أو أي شخص آخر قد يعاني من اضطراب الشخصية النرجسية أو أي مرض آخر من أمراض الصحة العقلية، فمن المستحسن طلب المساعدة المهنية من خلال التواصل مع خبير الصحة النفسية .
* د/ وفاء نور الدين اخصائي الصحة النفسية .
أخبار متعلقة :