معي ثلاثة" صاغ" يعني ثلاثة قروش من أجل مشاهدة مباراة: الأهلي والزمالك ،أشرب شاي بستين فضة ، وبقرش لب أسمر ،وتعريفة لب سوري ،ولكن زميلي في خامسة ابتدائي قابلني بعد خروجنا من المدرسة :و أقنعني شراء حمص، وحب العزيز بالثلاثة صاغ، فمنطقه على الدوام أصرف ما في جيب غيرك قدر الاستطاعة ،يأتيكما الله بما في الغيب ، فوافقته على الفور لأن اقتراحه جاء يلبي رغبة خفية دفينة تنطوي عليها نفسى، لعشق تناول الحمص، وحب العزيز أكثر منه.
ولمن لا يعرف ما هي ستين فضه ؟؟هي قرش ونصف ،ويقال أنها عملة مصر في عهد يوسف عليه السلام ،وعندما أصبحت عملة مصر "الجنيه" في العصر الحديث قسمته الدولة :مائة قرش ،وقسمت القرش عشر مليمات، ثم جعلت كل قرش معادل لأربعين فضة من العملة القديمة : عملة مصر المتداولة في البيع والشراء فى عهد" يوسف عليه السلام " المسماة بالفضة ، أما الان فنحن في ثمانينات القرن الماضي وثمن الشاي قرش ونصف أي ستين فضة ،ولا أتذكر في أي من كتب التاريخ قرأت هذه المعلومات ،ولا أذكر اسم المؤرخ أيضا ،و غير ذلك لست متأكد أن هذه المعلومات صحيحية مئة في المائة، دعك من هذه السياحة في التاريخ القديم ،و سك عملتة من الفضة ، و هو معادل قيمتها الشرائية في السوق الان.
نعود لمباراة القمة التي بدأت مثيرة ساخنة منذ فترة قصيرة وأنا مفلس، وتركني زميل الخامسة ابتدائي وأختفي بعد أن التهم الحمص وحب العزيز غير عابئ بمصير المباراة ومشاهدتي لها ،اقتربت من المقهى المزدحم بالمشاهدين على حذر، وقفت بجوار الباب لأ أجرأ على دخول المقهى ، لاعبي الأهلي يشنون هجمات متتالية على مرمي عادل المأمور حارس مرمي الزمالك لم تثمر عن أي أهداف بعد ، وفي المقابل ويرد عليها: المعلم ،حسن شحاته وفاروق جعفر الحريف ، القصير، المكير، بتحفيز من طه بصري المحترم الخلوق على: هجمة محمود الخطيب ومصطفى عبده ،وصفوت عبد الحليم؛ بهجمة أخطر منها تنتزع آهات جماهير الزمالك قليلة العدد في المقهى، لعل ارتفاع أصوات جماهير الفريق الابيض: تعويض عن قلة عددهم مقارنة بجماهير الاهلي،قبل أن يفسدها ماهر همام ومصطفى يونس،وسط هتاف وصياح من جماهير الفرقتين .
أصبحت أكثر قربا من باب المقهى مراقباً لحركة القهوجي جلست على طرف كرسي خال إذا اكتشف أمري أهم بالوقوف, حتي لا يسألني ؛ماذا تشرب أو يطردني من أمام ويطلب مني الانصراف، وأخذت أسب فى نفسى زميل الخامسة ابتدائي فهو سبب ما فيه أنا الآن, بعد أن زين لي صرف الثلاثة صاغ في شراء ؛حمص وحب العزيز... كنت انظر للجلوس المطمئنين في جلستهم من يملكون ثمن الشاي وكأنهم ملوك متوجة ، وبدأت في الحقد عليهم لما يتمتعون بها من مكانة افتقدها أصبحت أكثر حيرة من ذي قبل بين متابعة المباراة و القهوجي في نفس الوقت وقوفا ،وجلوس قلقا متوتراً... أفسد ذلك استمتاعي بالمباراة وشتت ذهني فعملية المراقبة تحولت لمباراة أخرى أشد ضراوة بيني وبينه سببه خوفا من طردي من أمام المقهى وحرماني المشاهدة.
ثم هجمة خطيرة للأهلي وصلت الكرة في نهايتها للخطيب أنفرد بحارس بالمرمي ،و في نفس اللحظة القهوجي يتجه ناحيتي وينظر باتجاهي لم أعره انتباها، تجاهلته يفعل ما يشاء إنه الخطيب ، ومنفرد بعادل المأمور ليكن أي شيىء لا يهمني ،ولكن القهوجي وضع الصينية التي كان يحملها ،وعليها واحد شاي أمامي، وابلغني أنه على حساب فلان- رجل ق يجلس وسط الزحام كان يراقبني أثناء منذ أن وصلت ، ويبدو أنه كان يستمتع بهذه المباراة الجانبية بيني وبين القهوجي، في تلك اللحظة أحرز الخطيب الهدف، فقمت بتوزيع مشاعري بين فرحتي بالهدف، وسعادتي القصوى بالشاي بعد أن أصبحت زبونا رسمياً.
فاعتدلت على الكرسي ،و في جلستي ووضعت ساق على الأخرى ،متخذا هيئة جنرال منتصر في الحرب، أخذ يملي شروط احتلاله على سكان المدينة.. ثم ناديت القهوجي تحت سيطرة رغبة دفينة في القصاص منه لما سببه لي من قلق وخوف ، لعل ما شعرت به لم يقصده القهوجي ، لكني أردت أن أثبات تحول وضعي من شخص يجلس على طرف الكرسي ويهم بالقيام كلما نظر باتجاهه ،ليس متأكد أنه سيواصل المشاهدة، أما الآن فأنا زبون يستطيع أن يأمره كانت رغبة دفينة في الثأر منه لما سببه لي من خوف وقلق وتوتر أفسد بها متعتي أغلب الوقت فطلبت منه وصلة سكر، ولم يكن الشاي ماسخا...
أخبار متعلقة :