إصرار الحكومة على الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى ، رغم توفر السيولة النقدية في الفترة الأخيرة لا سيما من صفقة رأس الحكمة يهدف إلى دعم جهود الدولة فى عملية الإصلاح، والتوقيع مع صندوق النقد شهادة مهمة جدا للاقتصاد المصرى أمام العالم ومؤسسات التمويل الدولية وكافة الشركاء الدوليين، الدولة المصرية قادرة على تجاوز التحديات الراهنة، وأن صندوق النقد الدولي يدعم الإجراءات الإصلاحية المصرية كما أكدت الحكومة المصرية فى بياناتها ان التعامل مع صندوق النقد الدولى رساله هامه للمستثمر الأجنبي وتشجيعه على الاستثمار والقدوم الى مصر فى ظل غياب تلك الشهادة الهامة ولكن يبقى السؤال هل ستستمر مصر فى سياسة القروض والاعتماد عليها فى حل مشاكلها الاقتصادية ؟ والى الا مدى ستستمر هذه السياسة ؟ وهنا لابد ان نستعرض ما وصلت إليه السياسة النقدية فى مصر بنظرة موضوعية بلا تحيز أو نفاق لكن قبل الإجابة على هذه النقطة علينا ان ندرك جيدا ان اقتصاد مصر مر بظروف صعبة وصدمات جيوسياسية فرضت عليها خارج نطاق سياستها وأهدافها الاقتصادية منذ جائحة كورونا ثم حرب أوكرانيا وروسيا واخيرا الحرب على غزة وما تعرضت له مصر من انخفاض عائدات قناة السويس الى نسبة قاربت 50 % بعد تدخل الحوثيين فى حرب غزة وتهديداتها المستمرة فى البحر الأحمر بالإضافة إلى ضعف الناتج من السياحة ناتج عن الصراعات العسكرية بمنطقة الشرق الاوسط بخلاف انخفاض عائدات المصريين بالخارج ب 12 مليار دولار كل هذه التقلبات قلبت موازين السياسات النقدية والاقتصادية على العالم أجمع وما تبعها من سحب الأموال الساخنة من مصر وقدرت ب 20 مليار دولار ساهمت هذه التغيرات فى شح الدولار فى الاسواق المصرية ساهم فى زيادة نشاط السوق السوداء حتى وصل تداول العملة الامريكية بما يزيد عن 72 جنيه للدولار الواحد عجل الحكومه المصريه فى إصدار توجيهات امنية بالقضاء على السوق السوداء تبعها القرارات الهامة من البنك المركزى المصرى بتحرير سعر الصرف بما يتماشى مع السعر الحقيقي المتداول بالسوق السوداء هذه الخطوات ساهمت الى حد كبير فى موافقة صندوق النقد الدولى على منح مصر قرض وصل الى 9 مليار و 200 الف دولار بالاضافه لحزمه التمويل الاوربيه لمصر يقيمه 8 مليار دولار لمواجهه تداعيات حربى غزه والسودان وهذه القروض لن تدخل خزينه البنك المركزى دفعه واحده ولكنها مقسمه على مراحل خلال ثلاث سنوات قادمة ..... نعود إلى السؤال الذى طرحته من قبل هل ستستمر مصر اعتمادها على سياسة القروض ؟ متى تنتهى هذه السياسة وتخرج مصر من هذا النفق المظلم ؟ الدين الخارجى لمصر تجاوز مرحلة حرجة بالنسبة للناتج المحلى للسياسة النقدية وتجاوز 180 مليار دولار دين خارجى بجانب دين داخلى تجاوز 7 تريليون جنيه مصر وعلينا ان نسدد خلال هذا العام أكثر من 42 مليار دولار من أصول الدين وفوائدها تحت أعين صندوق النقد الدولي وما يتبعه من تقييم وقرارات وهل تصمد سياسة مصر النقدية فى الالتزام بالسوق المحلى واستيراد مستلزمات الإنتاج والسلع الاستراتيجية ؟ ولعل ستعاود السوق السوداء نشاطها ؟ علينا أن نراقب ونتابع ونرصد علينا ألا نتفاءل كثيرا ولا نتشائم لدرجة اليأس .
أخبار متعلقة :