بوابة صوت بلادى بأمريكا

صفاء اسكندر تكتب الإنتماء، التبعية و المسؤولية

 
لطالما سمعنا بالمثل العربي، بالإتحاد قوة، و لكن الحقيقة إن النوعية تتفوق على الكمية، الإنسان بطبعه كائن إجتماعي لا يستطيع العيش منعزلا عن المجتمع الإنساني. فالطفل يولد مرتبط بأمه و أسرته و سرعان ما يجد نفسه يكون روابط مع الأطفال في مدرسته أو رفاق اللعب، هذه الصورة الفطرية و البسيطة من الإنتماء تنمو و تتطور و تتشوه أحيانا مع المراحل المختلفة في حياة كل إنسان .و لأني أعترف بأن الوصول لتوافق مع الآخرين لهو من الحكمة و لكنني أيقن بأن توافق الإنسان مع نفسه هو رأس الحكمة، فقبل القرار بالإنحياز لأي تجمع من الأفراد ننتمي إليه علينا أن نحدد كأفراد ما هي أولوياتنا و مبادئنا في الحياة و البحث عن تجمع يتسق مع هذه الأولويات و المبادئ، فقد ينتمي شخص لحزب أو قضية أو طائفة قد يختار نادي رياضي أو إطار أضيق جداً مثل الإنتماء للعائلة، أي إنتماء يشعر الفرد بقوة لأن هناك شخص واحد على الأقل يعكس تطلعاته و يسعى لتحقيقها معه و لكن الخطر الذي يجب أن نعي له في كل لحظة هو الحفاظ على إستقلالية الفكر أو التفكير الحر و المحاكمات المنطقية في كل موقف قبل الإنجرار لتبني الأفكار الجاهزة المقدمة من الأشخاص الأكثر نفوذا في الجماعة أو الأشخاص ذوي الكارزما، هذا الوعي يعطينا الفرصة بترك بصمة قد تنهض بفكر و رؤية و مهمة الجماعة قبل أن نتحول إلى قطيع يساق الى الذبح أو بأحسن الأحوال حجر شطرنج قيمته لا تزيد عن تعداده على رقعة اللعب في يد أحد اللاعبين.
هنا عزيزي القارئ أود أن اقدم لك النصيحة، أيا كانت مكانتك ضمن هرم القوة، فإن كنت في القواعد عليك أن تعي لنقاط التوافق مع المجموعة و تعمل على تقويتها و سد فراغات عدم الإنسجام بتميزها و الإعتراف بها و العمل على مناقشة الإختلافات بين القواعد من جهة و بين القواعد و قمة الهرم من جهة، ليتم الحفاظ على التوازن و التماسك، أما إن كنت من أصحاب السلطة و النفوذ عليك أن تعي بأن قوتك تستمر مع تماسك القواعد افقياً فيما بينها و عموديا حتى الوصل إلى قمة الهرم، و فساد الجماعة او صلاحها هو مهمة أصحاب النفوذ، و لذلك يدعى المسؤولون مسؤولين فهي مهمة و ليست ميزة, فبالموقف الذي يقرر فيه المسؤول التخلي عن مسؤوليته بحماية مصالح الجماهير التي يسأل عنها يفقد صفته كمسؤول و يتحول إلى رئيس عصابة.  و ليكن معلوما لديك بأن خداع الجمهور لا يمكن أن يدوم فمهما كان القائد ذو كاريزما و يلامس مشاعر الجمهور بخطابات شعبوية هناك من سيفصل نفسه عن ضجيج الخطابات و الهتافات و يسلط الضوء على تقييم الإنجازات و تقييم أخلاقيات الممارسات و الزمن كفيل بخروج جماعات معارضة تقوم بتعرية الوسائل المنحرفة للوصل إلى الغايات الفردية.
إن فساد المجموعة ياتي من فساد أفرادها و كلما كان هذا الفرد ذو نفوذ كلما إزداد تأثير فساده على من حوله. و أما فساد الفرد فهو قرار شخصي و كذلك قرار المسؤولية هو قرار شخصي، فمن يقبل أن يكون فردا من القطيع فلن يساق إلا للذبح و من ينتمي دون تبعية فسوف يلمع نجمه ، لأننا نجد أجمل الأزهار تنبت في مستنقع و أنصع النجوم تتلالئ في ظلام الليل. 
 

أخبار متعلقة :