حولت المليشيات الحوثية مناسبة المولد النبوي لموسم جبايات وفرض الأتاوات ، وإجبار التجار وكافة رجال المال والأعمال والمؤسسات والجمعيات والمنظمات ومالكي وسائل النقل الكبيرة والمتوسطة والصغيرة ، على التبرع بمبالغ مالية لصالح الاحتفال بالمولد النبوي تصل لمليارات الريالات ، في الوقت الذي تصاعدت فيه أصوات الموظفين للمطالبة برواتبهم لكن المليشيات الحوثية أدارت ظهرها لهم واتهمتهم بالتآمر مع الأمريكان والبريطانيين والتحالف والشرعية ضدها .
لا تستثني المليشيات الحوثية أحدا من دفع الأتاوات حتى أصحاب البسطات الصغيرة والدكاكين في الحارات والأحياء أو القرى ، حتى طلاب المدارس لم يسلموا من التبرع بمصروفهم الشخصي .
تحرص المليشيات الحوثية على أن يطلي سائقو القاطرات ووسائل النقل الكبيرة مركباتهم باللون الأخضر ، وتركيب إضاءات خضراء ؛ كدلالة على احتفائهم بالمولد النبوي كما تتصور ، وتعبيرًا عن تأييدهم لجماعة الحوثيين ، فهي تتخذ من اللون الأخضر مقياسا لفرز وتقييم الناس من طلى نفسه أو واجهة محله أو سيارته أو ناقلته فهو في نظرها مخلص وموالي لها ولنهجها ومن تقاعس وتلكأ عن ذلك فهو منافق وعدو لها بل للرسول ( ص) وللإسلام .
وفي حين تسعى عصابة الحوثي الإرهابية لتقسيم واقع اليمنيين بين الطبقية السلالية وخطاب الكراهية، تستغل في الوقت ذاته مناسبة المولد النبوي كمهرجان سياسي ؛ للترويج لخطابها العقائدي الذي يقدم الجماعة بوصفها صاحبة الحق الإلهي في الحكم .
جماعة الحوثي تستغل مناسبة المولد النبوي كمهرجان سياسي تريد من خلاله تدجين الذهنية اليمنية بفكرة القداسة والحصانة السلالية ، هادفة لتأصيل فكرة الولاية والتفويض الإلهي لها بالحكم ، بزعهما الانتساب للرسول محمد ، من خلال ادعائها الانتساب للإمام علي ، زاعمة أن رسولنا الكريم، عليه الصلاة والسلام، أوصى بالحكم لعلي، رضي الله عنه، وأبنائه .
تدعي الحركة الحوثية لنفسها بالعصمة والقداسة ، وتريد من اليمنيين التسليم لها بالحكم والطاعة والانقياد لإملاءاتها ، مجردين من الحقوق مسلوبي الكرامة خاضعين لها أيما خضوع .
يريد الحوثيون تصوير النبي محمد ورسالة الإسلام ، كما لو أنها حكر عليهم ، وتحويل النبي من نبي للبشرية جمعاء ، إلى جد أسرة جاء ؛ ليورث الحكم والسلطة لها دوناً عن سائر المسلمين .
المولد النبوي وغيره الكثير من المناسبات الطائفية ، التي ابتدعتها الجماعة لفرض مشروعها السلالي ، أو بمعنى آخر لأدلجة الذهنية اليمنية على موروث جديد وفكرة عقدية جديدة استوردتها من إيران وتعمل حاليًا على تطبيقها في اليمن .
هناك محاولة حوثية لخلق هوية رمزية سياسية للمفردات الدينية ، مثل إضفاء اللون الأخضر على كل ما يعبر عن النبي ، يبدو الأمر أشبه بعملية خلق تصور معين حول الهوية النبوية ، وتطبيع المجتمع عليها ثم احتكارها ضمن الجماعة ومشروعها السلالي .
كل الفعاليات والمناسبات ذات الطابع الديني ، تسعى المليشيا من خلالها إلى بناء نموذجها السياسي بالحلة الإيرانية ، لا يمثل الإسلام ، بل هو انعكاس لطموح فئة سلالية وخطاب عنصري معروف ، هو ما تجسده جماعة الحوثيين وباقي فصائل ولاية الفقيه في لبنان وسوريا والعراق ومعقلها الرئيسي طهران .
أخبار متعلقة :