جلست أمام التلفاز يعتصرها ضنا الأهل والخلان من مطاردة العدو وتقتيله فيهم، وسلبهم حقوق المواطنة في أراضيهم ..يقطع المذيع النشرة يعلن " القبض على فدائيات تسللن إلى الأرض المحتلة " لمع الخاطر في ذهنها لا تدري هل هى فرحة وطنية ابنتها ؛ أم لوعة فراق على ضمير أمة غاب وانتحر في لحظات فرقة و انهزام إلى مكتب حبة الفؤاد – وحيدتها- متحفزة بدموع أبية تناولت رسالتها إلي قلوب و ضمير الحضور : عربية أنا سليلة المجد والسؤدد... لا تسألوا عن اسمي، ولا عن هويتي فأنا من نسج الكرامة، صاغتني أمي أغرودة في دفتر الأحياء، فبعد سويعات قلائل، سأحمل أغلى وأعز لقب فدائية"عندكم أنتم أصحاب الحق اللاجئون أما عند المغتصب الغادر وأهل الباطل فأنا إرهابية .تحاول التسلل إلى أرضهم ،عار عليَّ أن أقول: أرضهم؛ فلسطين وطن عربي ، فدائية أنا للأرض، لثرى أجدادي الطاهر، لثرى أمجادي، قد يقبضون علىَّ ويعذبوني، وروحي ودمي فدا وطني السليب ، و قد استشهد برصاص العدو فيزعمون إني قمت بعملية انتحارية.... والانتحار يا ساده لا تجيزه الشرائع السماوية ولا يجيزه ديننا، ولا تسألوني عن ديانتي أمسلمة أم مسيحية، فالقضية قومية عربية...ولدتُ بعد اغتصاب الأرض، وهتك عرضها، وتدنيس ثراها بأقدام المحتل الغاشم، أرضعتني أمي لبن العزة عزة الانتصار للحق.. مغتصب الوطن يقف قبالتنا فتشير إليه بعينين كلهما إصرار على ملاحقته، على فضحه، لا تألو أمي جهدا في تغيير شراييني، ونزع فتيل أنوثتي التي أزعجتها حين نذرت أن يكون ما في بطنها محررا للثأر من المستعمر، فإذا بي أنثى ! يثور داخلها الأسى ثم يتدفق الأمل أناشيد عشق للعروبة... للوطن. حين تري فتيات وهبن أنفسهن للقضية. فتأتيني، تلقمني الغيرة على تراب الوطن، على ذرات رماله، ترضعني كبرياء عز الشهادة ... أمي المجاهدة الحزينة، لو رأيتم عينيها لتعجبتم من روعة شحنات الغضب، وعظمة التمني على مناهضة العدوان، أما أبي فهو فدائي.. صورته تنبئ عن عزيمته، صعدت روحه إلى بارئها يوم مولدي، بعد تعذيب قاتل، أثمر وأينع داخل أمي إصراراً وضاءً للثأر له، صاغتني ثائرة ونذرتني مجاهدة، سكبت داخلي حلم العودة.... سنوات عمري الست عشر، اسمي.. لا يهم اسمي فأنا لديكم مهمة فدائية لكل الكرامة العربية؛ يستوقفني أنين التاريخ المذبوح بسيف التخاذل حين يتساقط أمامي المصلون، في المساجد، في الكنائس، برصاص الغدر، فتتقمصني أرواحهم مطالبة بالثأر لهم... أراهم حولي مهنئين بالشهادة .. والآن أستودعكم الله، فأني ذاهبة إلى الخلود... طوت الام الرسالة ؛ وعلى باب الدار وقفت تزغرد والدمع ينهمر من عينيها ..أقبلت الجارات انطلقت رصاصات المحتل تحصدهن والجرارات تسوي بهن الأرض.
ولا عزاء للإنسانية !
* نجوى حسين عبد العزيز
عضو اتحاد الكتاب
أخبار متعلقة :